الجزائر

شولي بلخضر جامع الحلي النايلية التقليدية لـ''المساء'':‏الفكرون، سوار الأنياب، خلخال الأفعى... إرث يستوجب الحفاظ عليه



 
اِبنة مدينة الشلف الحرفية الجزائرية المبدعة خديجة سوفي، رئيسة جمعية الونشريس لتنمية الإنتاج وترقية المرأة، استطاعت أن تقدم صورة مميزة عن المرأة الشلفية المبدعة على هامش مشاركتها في فعاليات الأسابيع الثقافية المبرمجة في إطار تلمسان عاصمة الثقافة الإسلامية، حيث عُرضت الزربية والحنبل الشلفي، المطرزات اليدوية للمرأة والفتيات، المسلول، البرانس وأمور أخرى.
حول هذا الإبداع، تقول السيدة سوفي: ''مند تأسيسي الجمعية وأنا أعمل على مساعدة الفتيات والشباب لأني أدرك قيمة المهن والحرف في أيادي أصحابها، لهذا فإن جمعيتنا تسعى لتكوين الفتيات وتعليمهن مختلف الحرف لوقاية النفس من الحاجة وطلب العون من الغير، ففي البداية والنهاية الحرفة تقي صاحبها الحاجة، وقد تعلمت الكثير من الفتيات لدينا، وهذا شرف كبير بالنسبة للجمعية''.
وعن مختلف الحرف التي تعلمها قالت: ''مدينة الشلف تزخر بكمّ معتبر من الحرف التقليدية، على غرار صناعة الدوم أو سلة الدوم الكبيرة التي تحملها السيدات و الرجال للتسوق، قطع الدوم مستديرة الشكل التي توضع على طاولة الطعام لتحمل القدر أو وعاء الحساء، وسلة الخبز التي توضع على الطاولة، وكذا غلاف طاولة الصالة أو الطعام المشغول بمختلف أنواع المطرزات؛ كغرزة الحساب الشهيرة في المنطقة، المسلول، والطرز بالآلة''.
وتواصل محدثتنا قائلة: ''لدينا العديد من الحرف التقليدية والعصرية أيضا التي نعلمها للفتيات، على غرار صنع الحنبل الشلفي أو الزريبة الزاهية الألوان وخاصة منها صاحبة اللون البنفسجي بالأسود والأخضر، وكذا الزرابي المتوسطة الحجم والسجادات الصغيرة المنسوجة من الصوف، والتي توضع عند مداخل الغرف أو الحمام، وهي مميزة وتعكس النمط المعيشي للشلف.
وتواصل محدثتنا قائلة: ''العروس الشلفية لديها خصائصها وأغراضها الخاصة، فكما هو معروف عرس سيدي معمر شائع لدينا، إلا أن الكثير من الفتيات يأخذن معهن مشغولات صنعنها بأيديهن لبيوت أزواجهن ومن بينها؛ ملابس التصديرة والبرنوس المصنوع بغرزة الحساب أو المسلول، وهو من أجمل وأجود أنواع البرنوس الذي ترتديه العروس عند الخروج من بيت أهلها إلى بيت الزوج، كما تأخد معها الشورة التي صنعتها بيديها، وهذا ما تفعله الكثير من الفتيات اللائي يتعلمن لدينا''.
وحول العراقيل التي تقف في مسارها الحرفي، تقول السيدة سوفي: ''سنوات طويلة من العطاء والنضال في سبيل الوطن، حيث حملت على عاتقي مسؤولية تعليم الفتيات، خاصة خلال العشرية السوداء ومشاكلها الجسيمة، إلا أنني لم أستفد حتى يومنا هذا من محل لتعليم الفتيات والشباب أيضا، لأني أهدف لمساعدة الشباب على الوقوف في وجه البطالة من خلال الحرف، رغم أنني أودعت العديد من ملفات طلب محل بحي السلام بالشلف، غير أنني مازلت ليومنا هذا لم أحصل على أي شيء، ولا يفوتني أن أزف كامل احترامي لفخامة رئيس الجمهورية، ودعائي الخالص له بالصحة، إنه فخر الجزائر''. 
 
عرض السيد شولي لخضر مجموعة معتبرة من القطع الفضية والذهبية التقليدية النايلية والفاطمية، خلال مشاركته في معرض الجلفة الذي احتضنته دار الثقافة عبد القادر علولة  بتلمسان، وهي من القطع الفضية النادرة التي كانت ترتديها المرأة النايلية في منطقة الجلفة والتي تعرف بها دون سواها من مناطق الوطن، حيث كان الزوار على موعد مع الخلخال الداودي، بطن الأفعى، سوار الأنياب، الدح والمشرف.
المجموعة الرائعة من الحلي الجلفاوية التي استوقفت الحضور وأثارت الكثير من الأسئلة، عكست عمق الإرث الثقافي والمادي للمنطقة، وكذا حرص المرأة النايلية على الظهور في أجمل حلة من قمة رأسها إلى أخمص  قدميها، وهو الأمر الذي أظهرته الحلي الفضية التي تزين بها مناطق مختلفة من جسدها، على غرار العصابة الفضية ذات الزخارف الخفيفة، الونايس أو الأقراط، الرعيشة والخلخال الذي كان ولا يزال رمزا للأنوثة والجاذبية، فصوته الرنان مازال عالقا في آذان أبناء هذا الجيل الذي يحنو للزمن الجميل، كما قال السيد فجخي عبد القادر مساعد في ذات المعرض: ''الخلخال الداودي صاحب الصوت الرنان كان من أكثر الأنواع المطلوبة في منطقة أولاد نايل، كما أنه كان فخر المرأة النايلية التي تطلبه ضمن مهر الزواج، ولا يزال صوته المفعم بالأنوثة ورمزية المنطقة عالقا بأذهاننا، حيث كانت ترتديه الأمهات وكل سيدات المنطقة''.
وحول التحف والقطع المعروضة، يقول السيد شولي لخضر: ''لقد ورثنا هذه الحرفة أبا عن جد، وها أنا اليوم أسعى جاهدا للحفاظ على إرث المنطقة الذي لم يبق  منه الكثير، من خلال المشاركة في المعارض، هناك أنواع مختلفة من الحلي تشكل زينة المرأة الجلفاوية منها؛ الونايس، العلالق وهي شبيهة بالأقراط، تلصق أمام الأذن،  إلى جانب المشرف والرعيشة أو البروش المختلف الأشكال والأحجام، والذي يعتبر جزء أساسيا في الزينة، إلى جانب أنواع مختلفة من الخلاخل؛ منها خلخال بطن الأفعى وأطلق عليه هذا الاسم نظرا لتشابهه مع جسم الأفعى، ونفس الأمر بالنسبة لخلخال رأس الحنش ذا الملامح الخشنة والمبروم والداودي''.
ويواصل محدثنا حول قطع الزينة الأخرى قائلا ''لدينا قطع مميزة لا توجد إلا بأولاد نايل، مثل سوار الأنياب الذي كان يعكس المكانة الاجتماعية للمرأة، فكلما علا شأنها زاد عدد الأنياب في السوار، فلدينا إسورة من ثلاث أنياب إلى 25 نابا وهو أفخمها وآخرها.
ومن الحلي الفضية الأخرى أيضا الدح، وهو نوع من الأساور الخشنة، المشارف وهي حلقات تزين بها الجوانب فوق العصابة والقلادة كبيرة الحجم ذات الفكرون، وهو وعاء فضي مستطيل الشكل توضع داخله الحروز أو العطور، وكذلك سلسلة الخمسة والخلالات المربوطة بالسلسلة، والتي يطلق عليها إسم ''الجازرون''، ويأتي متبوعا بالبزيمة ومن بين أنواعها المدور، إلى جانب النشاب الذي يربط في العمامة والمخزنة الفضية كبيرة الحجم والمتوسطة.
وعن التحف الذهبية الموجودة لديه، قال محدثنا: ''لدي المشبوك وهو سوار ذهبي خاص بالمنطقة، يصنع من الذهب المطرق كونه يثقب وينقش حتى يعطي أشكالا في قمة الجاذبية ـ إلى جانب بعض الدنانير الذهبية من العصر الفاطمي والموحدية من القرنين الرابع والخامس هجري''.   
ويواصل السيد شولي قائلا: ''لقد فكرت في إقامة متحف خاص، لكن الأمر ليس سهلا ويتطلب أموالا كثيرة، وأتمنى أن تساعدني وزارة الثقافة في تحمل هذا العبء لأنه أكثر من طاقتي، فمواصلتي الحفاظ على هذه المهنة غيرةً عليها، خاصة أنها لم تأخد حقها من الظهور وتكاد تنقرض في صمت، كما أننا نسعى للتعريف بها ولتحبيب الناس فيها وإعادة دفع هذا الإرث من جديد''.



سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)