الجزائر

شهر الله وتعظيم حرماته



إن تعظيم حرمات الله عز وجل فيه الخير كلّه، ومن ذا الّذي لا يريد الخير؟ أن يضمن الله لك سعادة الدّنيا والآخرة، قال تعالى: وَمَنْ يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ عِنْدَ رَبِّه.وقال جماعة من المفسّرين أن حرمات الله ههنا مغاضبه وما نهى عنه وتعظيمها ترك ملابستها. وقال ابن القيّم رحمه الله: وهي ما يجب احترامه وحفظه من حقوق الأشخاص، والأزمنة والأمكنة. فحرمات الأشخاص: ما وجب تعظيمه ورعاية حقّه كالأنبياء والرّسل والصّحابة وآل البيت. وحرمات الأمكنة كمكّة والمدينة والمساجد..
وحرمات الأزمنة الأشهر الحرم..وهي أربعة: واحد فرد، وهو شهر رجب، وثلاثة سرد وهي ذو القعدة وذو الحجّة وشهر الله المحرّم.
ها هو شهر الله المحرّم على عتبة حياة المسلمين هذه الأيّام، فما تعظيمنا له؟
لقد كثر الحديث في مناسبات كثيرة عن ضرورة رجوع المسلمين إلى مظاهر دينهم ومقوّمات شخصيّتهم، والتي منها التّأريخ بالشّهور القمريّة لأنّ الله تعبّدنا بها فقال: يَسْأَلونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ، وإنّ من شؤم ابتعادنا عن هذا المظهر العظيم أنّنا ما عُدنا نشعر بدخول الأشهر الحرم التي عظّمها الله وأمر بتعظيمها والتي نوّه الشّرع بها وأمر بتفخيمها، بل كان أهل الجاهليّة على شركهم وغفلتهم وجهلهم يُعظّمونها تعظيما شديدا ويجعلون المستخفّ بها طريدا شريدا..دخل شهر ذي القعدة، ثمّ تلاه ذو الحجّة، ولم يرتدع العاصي عن معصيته، ولم يَفق الغافل من غفلته ولم يبق منها إلاّ شهر الله المحرّم فهل من مدّكر ؟
فتعالوا بنا لنقف أمام مجيء هذا الشّهر العظيم، في وصايا وتنبيهات، ونصائح وتوجيهات لنُعيد الأشياء إلى نصابها، ونأتي البيوت من أبوابها ونردّ الودائع إلى أربابها.
تأمّلوا تعظيمَ الله عز وجل والنبيّ صلى الله عليه وسلم والصّحابة رضي الله عنهم للأشهر الحرم عامّة وشهر محرّم خاصّة، قال تعالى: إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْراً فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ، وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ. التوبة36.
تأمّلوا قوله تعالى: ذَلِكَ الدِّينُ القَيِّمُ، أي الحساب بهذه الأشهر هو الشّرع القويم والصّراط المستقيم. وتأمّلوا قوله: عز وجل: فَلاَ تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ، أي اجتنبوا نواهيَ الله في هذه الأشهر، مع أنّ المسلم مكلّف بالابتعاد عن المعاصي طوال السّنة، ولكنّ الله خصّ هذه الأشهر بالذّكر تشريفا لها وتعظيما لمنزلتها.
العاصي في الأشهر الحرم ليس كذلك خارجها
المعاصي في هذه الأشهر يضاعف العقاب فيها، لا مضاعفة في الكمّ فإنّ السيّئة لا يُجزى المسيء إلاّ بمثلها ولكنّها مضاعفة في الكيف، ولا شكّ أنّ المنكر والسّوء دركات، فالّذي يعصي في بيت الله ليس كمن يعصي خارجه، كذلك من يعصي في الأشهر الحرم ليس كمن يعصي في غيرها. ولكنّنا متى نتذكّر ذلك كلّه إذا كنّا بعيدين كلّ البعد عن حياة الإسلام في أسهل مظاهرها وأبسط صورها..!!
هان أمر الله وشرعه في قلوبنا فهُنّا على الله، قال تعالى في آية سجود المخلوقات له: أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبَالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوُابُّ وَكَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ الْعَذَابُ وَمَنْ يُهِنِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ مُكْرِمٍ إِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ، الحج 18، فإنّهم لمّا هان عليهم السّجود له عز وجل واستخفّوا به ولم يفعلوه أهانهم، فلم يكن لهم من مُكْرِم بعد أن أهانهم.


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)