الشهداء رحمهم الله هم الفئة التي أدت واجبها على أكمل وجه، كما قال الرئيس الراحل هواري بومدين في إحدى خطبه حول ثورة نوفمبر المجيدة، حينما ذرف دموعا حامية، أمام الشعب، وهو يردد أسماء لشهداء أمثال بن مهيدي ، ولطفي، والقافلة طويلة وحبلى بالأسماء التي يبقى صداها محفورا في قلوب وذاكرة الشعب الجزائري.ففرنسا الاستعمارية، كانت تعرف أن الجزائريين ليسوا خانعين ومجبولين على قبول الاحتلال والذل والهوان، لذا واجهتهم بأشرس الأسلحة، وأعتى الاستراتيجيات الحربية (سياسة الأرض المحروقة والمناطق المحرمة، ومراكز «لاساس» ).لكن الشهداء، والمجاهدين، تصدوا للمارد الفرنسي والكثير من شهداء ثورة التحرير، هم اليوم بلا قبور ولا شواهد تدل عليهم، ذلك أن الجيش الاستعماري الفرنسي كان يفتك كما اتفق، ويبطش كفرعون عصره، لا حسيب ولا رقيب، فكل شيء مباح ومستباح لدى جنرالات وعساكر فرنسا، ففي كل شبر من الجزائر، قطرة دم شهيد وشهيدة، لكن القبور مجهولة، لذا فعمليات إعادة دفن الرفات التي تجرى في كل مرة تعد من السنن الطيبة للحفاظ على الذاكرة الجماعية للأمة الجزائرية (...) حمو بوتليليس، زدور إبراهيم بلقاسم، إبن العالم الجليل الشيخ الطيب المهاجي، أحد علماء وهران والجزائر، وأسماء أخرى، رمت بهم فرنسا في متاهات وأماكن غير معروفة، حتى لا يكونوا قبلة وحافزا للمجاهدين ليذودوا عن حياض الوطن، لكن الفكر الاستعماري الهدام، لم يصمد أمام عزيمة رفقاء الشهيدين، وكبرت قافلة الشهداء لتشمل آخرين مازالوا مجهولين لحد الآن (...) وإذا ركزنا مثلا على الشهيد زدور إبراهيم بلقاسم، فكان كغيره من الشهداء الشباب المثقفين، فهو من مواليد وهران العام 1923، فبعد أن تلقى مبادىء العربية وحفظ القرآن على يدي والده الشيخ الطيب المهاجمي.للعلم الشيخ بنى مسجدا في ساحة الطحطاحة، وكان قلعة للتعليم والوطنية إبان فترة الإستعمار وتولدت عند الشهيد، منذ صغره أفكار التحرر من ربق الاحتلال، لينتقل الى القاهرة وبالضبط جامعة فؤاد الأول (جامعة القاهرة حاليا) ودرس في كلية الآداب وأتقن اللغات الفرنسية والإنجليزية والفارسية، وتشبع بمضامين المؤلفات التحريرية، لأن القاهرة وقتها كانت مركز إشعاع فكري وقومي لكل حركات التحرر في العالم العربي، الشهيد رحمه الله، كان عضوا نشيطا في مكتب جبهة التحرير بمصر، وكان همزة وصل بين مصر والمسؤولين في جبهة التحريروجيش التحرير بالجزائر، واقترحت عليه الجامعة العربية في بداية الخمسينيات، أن يعمل إطار بها، إلا أنه رفض وآثر النضال والجهاد من أجل إستقلال بلده، إلى أن ألقت عليه القبض السلطات الفرنسية وهو عائد للجزائر، ومن تلك الفترة لم يظهر عنه أي خبر، لحين أن فجرت صحيفة فرنسية معروفة وقتها قضية اغتياله ورميه في عرض البحر (نواحي ساحل العاصمة)، فكانت فضيحة كبرى بالنسبة لديوان وزير العدل وقتها السفاح متيران وزبانية فرنسا، لأن تلك الفترة من بداية 1956، كانت مضرجة بدماء الشهداء الذين أعدمتهم فرنسا، ومنهم أحمد زبانة، وشريط على الشريف، وڤراب الهواري وخديم مصطفى (اللذين يحملان إسمي شارعين بحي سيدي الهواري العتيق) .فهكذا إذن، ونحن نحيي اليوم الوطني للشهيد، تستوقفنا هذه المحطة لاستلهام جسامة التضحيات، التي قدمها الشعب الجزائري برمته سواء داخل الوطن أو في ديار المهجر، وهنا لا بد أن نشيد ونتذكر مناضلي ومجاهدي فيدرالية «الأفلان» بفرنسا والتي كتبت صفحات مشرفة ومجيدة في سجل الحركة الوطنية والكفاح المسلح حتى لا نذكر سوى 17 أكتوبر 1961 المشهود.فالشهداء أثنى عليهم الخالق بما سيوّفيهم من خير الجزاء، وعلى البلاد والعباد أن يكنان لهم الاحترام طول الدوام، فأكبر فداء هو أن يقدم الإنسان مهجته ليحيا الآخرين.
-
تعليقكـم
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
تاريخ الإضافة : 18/02/2014
مضاف من طرف : presse-algerie
صاحب المقال : م بن علال
المصدر : www.eldjoumhouria.dz