الجزائر

شلل وركود



* توقّف بيع الشقق منذ 6 أشهر، وسنتين بالنسبة للفيلات.يشهد سوق العقّار بولاية وهران شللا كبيرا لا سيما خلال السنوات القليلة الأخيرة سواء تعلق الأمر بعملية البيع أو حتى الشّراء، وقد تضاعفت هذه الظاهرة أكثر خلال السّتة أشهر بالنسبة للشقق وحوالي سنتين بالنسبة للفيلات، وذلك راجع حسب أهل الإختصاص إلى الغلاء الفاحش الذي بات يعرفه هذا السوق، بحيث أصبحت الأسعار تحدّد دون معايير أو مقاييس تذكر، فتصل إلى آذانك أن السكن الفلاني حدّد سعر البيع الخاص به ب 800 مليون سنتيم فأكثر، إذ أصبح في الوقت الراهن من المستحيل جدّا أن يجد الفرد شقّة ب 500 مليون سنتيم فأقل، الأمر الذي جعل الكثير من المواطنين يرفعون أسعار منازلهم المراد إدخالها إلى سوق العقار بغرض البيع من دون الإطلاع على شروط تحديد السعر، والتي تتمثل أغلبها في صلاحية المبنى ونقاوته، فضلا عن حسن الجوار به، زيادة على توفّره على عامل التهوية، وكذا حداثته، ناهيك عن حظيانه بأشعة الشمس لا سيما خلال فصل الشتاء.
تجارة نائمة
وبولاية وهران أبرز المختصين في مجال بيع العقار بأن هذا الأخير يعرف ركودا في الوقت الراهن، فعملية التجارة فيه باتت شبه مستحيلة، وهذا راجع إلى عدة أسباب لخّصها صاحب الوكالة العقارية لوني في أن معظم المواطنين أضحوا في أيامنا هذه يستثمرون في السكنات، إذ أن كل فرد له سكن إضافي، يلجأ إلى إستئجاره بقيمة مالية مرتفعة بدلا من بيعه، لأن عملية الكراء باتت تذرّ أموالا طائلة لصاحبها، خصوصا وأن ولاية وهران تحوّلت في السنوات الأخيرة إلى قطب سياحي وتجاري هام، يتوافد عليه الأجانب من كل أنحاء المعمورة، والذين بدورهم يلجؤون إلى كراء شقق ولا يناقشون في ثمنها، فهمهم الوحيد هو الحصول على سكن يتوفر على الشروط المناسبة، ويتموقع بالقرب من المرافق الضرورية التي يحتاجها الفرد، فيعود الرّبح بالدرجة الأولى إلى صاحب السكن، وبالتالي يسترجع رأسماله المتمثل في الثمن الأول الذي اشترى به الشقة، فضلا عن أرباح إضافية، ليبقى إذن هذا هو السبب الرئيسي الذي يقف وراء عملية البيع بوهران.
أسباب عديدة
فالمواطنون اليوم أضحوا لا يلجأون إلى إدخار أموالهم بالمؤسسات المصرفية والبنوك، وذلك نتيجة عدم إستفادتهم كثيرا من هذه العملية سنويا على عكس ظاهرة إستئجار السكنات، وعن أسباب تراجع عملية شراء العقار بوهران فلخّصتها مصاردنا إلى أنه ومقارنة بالإرتفاع المذهل والملهب للسكنات فضلا عن التسهيلات التي تقدمها أجهزة الدولة في هذا المجال، أصبح معظم المواطنين الراغبين في شراء سكن، يلجأون إلى كل ما هو جديد، أي يتوجّهون خصيصا للمرقين العقاريين، ويشترون شقة لائقة وجديدة، لأن ثمن شقة قديمة بات يماثل تماما أسعار السكنات الجديدة، الأمر الذي يدفع المواطنون إلى إقتناء سكن جديد، يتوفر على جميع الشروط التي تؤهله لأن يكون لائقا.
وعن الإستثمار في السكنات أفاد صاحب الوكالة العقارية »لوني« أنه تطور في الأيام الأخيرة، وبات أصحاب هذه المشاريع يبحثون عن التمركز بوهران الشرقية، لما تزخر به هذه الفضاءات من إمكانيات تؤهلها لأن تكون صرحا يعود عليهم بالفائدة.
أسعار الإستئجار مرتفعة
لكن وبالرغم من هذا التفكير الذي كان خلال السنوات يأتي بأرباح طائلة لأصحابه، إلا أنه انقلب إلى العكس هذه الأيام وذلك نتيجة عودة بعض الأجانب إلى بلدانهم، لدى إنتهائهم من الأشغال التي جاؤوا من أجلها إلى ولاية وهران. علما أن المستثمرين في السكنات كانوا يقومون باستئجارها بمبالغ لا تقل عن 30 ألف دج، وبقيت تلك الأفكار راسخة في أذهانهم وباتوا يعلنون عن نفس أسعار الكراء تلك، وهو الأمر الذي جعل الأفراد ينفرون من هذه الأثمان، وبقيت بالتالي معظم هذه المساكن فارغة على عروشها تنتظر الأجانب ليشغلوها بأسعار قياسية تناطح السقف، بحيث أصبح من الصعب جدّا أن يخفّض المؤجّرون ثمن الإيجار، بينما اعتادوا على مداخيل كثيرة سنويا.
ومن جهته، أضاف محدثنا أنه وبعد سنة 2007 إلى غاية يومنا هذا ارتفعت أسعار العقار بوهران، بينما بدأت عمليات الشراء والبيع تعرفان ركودا منذ حوالي 6 أشهر، بالنسبة للشّقق وهو ما انعكس سلبا على أصحاب الوكالات العقارية الذين أبرزوا بأن النشاط قلّ لديهم مقارنة بالسنة الفارطة 2010 وهذا نتيجة الشلل الذي بات ملتصقا بسوق العقار، وهو نفس الأمر الذي أكده من جهتهم السماسرة الذين صرّحوا في هذا المجال بأنهم أضحوا يعانون نتيجة الركود، الذي بات يخيّم على نشاطهم والناتج حسبما أجمعوا عليه مع أصحاب الوكالات العقارية عن استثمار أغلب الأفراد في السكنات، فضلا عن الغلاء الذي أصبح يفرضه أصحاب الشقق من تلقاء أنفسهم، هذا ناهيك عن سبب آخر يتمثل في لجوء معظم الأفراد إلى شراء سكنات جديدة، وعن الفيلات أضحى الأشخاص يقبلون على شراء قطع أرضية ويشيّدونها حسبما يرغبون وحسب المخطّطات العصرية.
وهران الشرقية.. تستقطب
وعن المناطق التي باتت في الوقت الراهن تستقطب العديد من المواطنين فقد أبرزت مصادرنا بأنها تتمثل في وهران الشرقية، لا سيما منها تلك التابعة لدائرة بئر الجير، ناهيك عن وسط المدينة، هذه الأخيرة وبالرغم من منرور سنوات إلا أنها لا زالت ملفتة للإنتباه، سواء من قبل الجزائريين أو حتى الأجانب.
هذا وتجدر الإشارة إلى أن السكنات بوسط المدينة تختلف أسعارها من سكن إلى آخر، وذلك حسب الشروط التي تتوفر عليها كل شقّة على حدى، إذ تجد سكنات في بناية واحدة إلا أن ثمنها يختلف من الواحدة إلى الأخرى، حتى وإن كانت هذه الشقة في نفس الطابق.
وبالتالي يبقى الجمود والركود يخيّم على سوق العقار بوهران، من حيث عمليتي البيع والشراء وحتى الإستئجار، هذه الأخيرة التي باتت أسعارها تناطح السحاب، فتجد أن المواطن يبحث عن أثمان تقل عن 15 ألف دج، لكن ما يحدث هو العكس، إذ أصبح سعر كراء شقة بحي العقيد لطفي أو بوسط المدينة يكلّف 18 ألف دينار جزائري، وقد تفشت هذه الظاهرة حتى في باقي الأحياء الأخرى، الأمر الذي بات يدفع المواطنون الذين هم بحاجة إلى الكراء للجوء إلى الدواوير والمناطق شبه الحضرية كسيدي البشير، حي النجمة، سيدي معروف، حاسي بونيف، دوار بوجمعة... إلى غير ذلك من الجهات التي قد يجد فيها الفرد ضالته للكراء.
فيما يبقى يترقّب أصحاب الوكالات العقارية مصيرهم من جرّاء هذه الظاهرة التي شلّت نشاطهم.


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)