أرد بروتوكوليا على السفيرة الأمريكية بالجزائر، شاكرة لها عبارات التعازي التي نشرتها أمس على صفحتها بموقع تويتر، ترحما على أرواح شهداء الواجب الذي قتلهم غدر الإرهاب يوم العيد.كنت أنتظر إشارة ما من قبل مسؤول جزائري يقف ترحما على أرواح هؤلاء الشباب التي حصدتها يد الغدر، زهورا متفتحة يوم العيد، مثلما كان يفعل الأمين زروال عندما كان يشارك الشعب ألمه كلما روعتنا جماعات الخراب. لكن ضحايا شارلي إيبدو أعز على قلوب مسؤولينا من شباب الخدمة، الذين راحوا ضحية الغدر وأكذوبة المصالحة.لأعد إلى السفيرة الأمريكية، فبقدر ما أعجبتني وقفتها ترحما على أرواح الشباب المغدور، بقدر ما صعدت إلى حلقي مرارة، وتراءت أمام عيني صور الخراب من العراق إلى سوريا إلى ليبيا، مرورا بمصر وتونس ومالي ونيجيريا وأفغانستان، وحيثما وقعت جماعات الشر جرائم مروعة في حق البشر.ليست هناك مجزرة لا تحمل بين حروف توقيعها بصمة أمريكا، سواء كان اسمها القاعدة أو داعش أو بوكو حرام أو “الجيا” و”الميا” أو غيرها، كلها ترعرعت في حضن المخابر الأمريكية وزودها الفكر الوهابي بالفتاوى والمال والدعم الإعلامي.نعم السفيرة الجميلة لم تضع نيشانا على صدر مقاتل من جبهة النصرة أو داعش مثلما فعل مواطنها السيناتور الجمهوري ماك كاين الذي علق الأوسمة على صدر دواعش سوريا في مؤامرة مفضوحة على هذا البلد الجميل الآمن، لكن لا أظنها كانت تتوانى عن فعل ذلك لو كلفتها بلادها بهذه المهمة.لا أتهم أمريكا بأن لها يدا في ما حصل في عين الدفلى يوم العيد، لكنها متورطة حد الجرم في بلدان الربيع المشؤوم، ويكفي أن الرئيس الأمريكي لا يتوانى في كل مرة عن التأكيد أن بلاده لا تريد القضاء على داعش، بل فقط تريد الحد من امتدادها، ولكن حتى هذا الهدف الذي سطرته لنفسها لم تسع إلى تحقيقه، فقط كانت طائراتها في كل مرة تقتل مواطنين أبرياء عن طريق الخطأ، وعن طريق الخطإ أيضا كانت تلقي في كل مرة بأسلحة ومؤونة وذخيرة على مواقع داعش في العراق كما في سوريا.قابلت السفيرة الأمريكية بليبيا على هامش ندوة نسائية بدبي وكانت تذرف دموعا حارة على مقتل الناشطة والمحامية الليبية سلوى بوقعيقيص، وتروي كيف اغتالتها داعش في بيتها وأمام ابنها، وكم كان المشهد مؤلما، لكنني عوض أن أتأثر بكلام السيدة وأحس بتعاطف مع دموعها، صعدت إلى حلقي نفس المرارة التي ذقتها أمس، أمام صورة السفيرة الأمريكية “جوان بولاشيك”، لا أشك أبدا أنها كإنسانة رقيقة قد تكون صادقة في موقفها، لكني أعرف أيضا أنها مكلفة بمهمة، ستدوس على كل عواطفها إن تحتم الأمر أمامها.لا! لسنا سذّجا، ونحن نعي جيدا دور أمريكا ومخططها لتفكيك المنطقة ومسح بلدان كاملة من الخارطة، ولن يهم أمريكا عدد الذين سيقتلون في سبيل مشروعها، آلاف أو ملايين، يموتون بالإيبولا أو بسيارات مفخخة أو بسكاكين داعش لا يهم، ما يهمها أن تسوى هذه البلدان، شعوب وحضارات ومبان بالأرض، وليس فقط إعادة رسم خارطة سايكس بيكو جديدة، ولذلك لن أصدق دموع السفيرة الأمريكية ديبروا جونز بليبيا لما تبكي المغدورة سلوى، ولا دموع جوان على تويتر، فالتمثيلية سمجة، ومن أهانه رؤساؤه وقادته ولم يرسلوا مجرد برقية تعزية لأهاليهم، لن تبكيه السفيرة الأمريكية ولن يحزن لحزنه الآخرون.على الشعب أن ينتبه، وعلى الشعب أن يستعيد لحمته، فنحن لا نملك أوطانا أخرى لنلجأ إليها.شكرا سيدة “جوان” ولكني آسفة لن أصدقك!؟
-
تعليقكـم
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
تاريخ الإضافة : 20/07/2015
مضاف من طرف : presse-algerie
صاحب المقال : حدة حزام
المصدر : www.al-fadjr.com