الجزائر

شجارات بين المتزوّجين.. والأسباب تافهة



يختلف الأزواج على التفاصيل الصغيرة أكثر ممّا يختلفون على القرارات الكبرى، وفي الغالب، فإنّ الخلافات التافهة تكون تنفيساً لعدم رغبة أحد الطرفين بإثارة مشكلة حقيقية، وأحياناً تكون بسبب ضغوط الحياة، ومن الممكن أيضاً أن تكون مجرد كسر للملل.الشجارات تقاطع الروتين في العلاقات الزوجية بحسب علماء النّفس، وهي ضرورية للحفاظ على علاقة صحية ومنفتحة وصادقة، لكن إذا كان هناك ما يجب أن يحذر منه المتزوّجون فهو كثرة الشجارات وليس نوعها.
أمك أختك... أبوك وأخوك
لا تستقل عندنا معظم العائلات الجديدة تماماً عن سلطة الأهل. كثير من الأزواج يعانون من تدخلات الأم والأب وأحياناً الإخوة والأخوات، وقد تمتد الصلاحيات إلى الأعمام والعمات في بعض المجتمعات المغلقة.
تقول الحاجة خديجة (86 عاماً) إنّها عاشت كلّ حياتها مع زوجها الراحل، وهي تعاني من تدخّلات أمّه وأخواته وإخوانه وزوجاتهم، فكونها زوجة البكر كان لا بد أن تفتح لهم بيتها طوال الوقت، الأمر الذي سمح لهم بانتقاد شكل حياتها، ومنعها لسنوات طويلة من التمتّع بخصوصية منزلها وعلاقتها مع أطفالها.
أحد المشاكل الكبرى التي يعاني منها الأزواج هي أماكن الأثاث، وهذه من المشكلات التي تواجه العرسان الجدد منذ اليوم الأول، وتظلّ إلى آخر يوم، كالاتفاق على ضرورة إبقاء أو تجديد جزء من القطع، وفي حال الاتفاق على ضرورة تجديد طقم الكراسي مثلاً سيدخل الزوجان في دوامة الاتفاق على الموديل، واللّون، والحجم، والسعر، والتوزيع.
تقول أمينة (36 عاماً): "زوجي يتدخّل في كلّ صغيرة وكبيرة في المنزل، وهذا الأمر يخنقني، فبرغم أنّني امرأة عاملة إلا أنني أقضي وقتاً أطول في المنزل منه بحكم أمومتي وعمر أطفالي، لا أستطيع حتى تحريك كرسيّ من مكانه وإلا سوف يجنّ جنونه ويبدأ باستخدام جمل مثل يجب أن تتم استشارته أولاً".
وتضيف: "المنزل ملكي، فقد ورثته عن أمي، وهذا الأمر يدفعني للسكوت كي لا يعتقد أنّني (أعايره) بأنّ المنزل لي وليس له، إلا أنّه يتصرّف وكأنّه صاحب الكلمة الأخيرة في أيّ تغيير بحكم أنّه من اشترى الأثاث حين تزوّجنا".
ليست هنا المشكلة الكبرى، المشكلة الحقيقية وبيت القصيد أنّ أمينة تعمل مهندسة ديكور في واحدة من الشركات الكبرى في العاصمة، وأنّ هذا هو عملها. يقول يوسف زوجها عن هذه النقطة: "كونها مهندسة ديكور فهذا يجعلها تعتقد أنّ على الجميع السكوت إذا قالت رأيها، هذا منزلنا وليس منزل أحد عملائها."
"مسلسل وريال مدريد يلعب؟"
لدى الحديث عن أتفه مسبّبات الشجار بين الأزواج، فالتلفاز متهم دائماً، فإذا لم يكن السبب الصوت العالي أو المنخفض، فمواعيد المباريات التي تتقاطع مع مواعيد البرامج الثابتة أو المسلسلات كفيلة دائماً بتفجير صراعات القوى في المنزل.
تقول ليلى (22 عاماً): "لستُ من عشاق كرة القدم، على عكس والدي المشجّع المتعصّب، وأعتقد أنّني أصبت بردّ فعل سلبي من المباريات بسبب تشنّجاته في المشاهدة، وبسبب خلافاته مع أمي على التلفاز في كلّ مباراة".
قررت الإبنة حلّ هذا الخلاف الأزلي بين أمها وأبيها، فأخذت من أمها مالا لتدعو أباها إلى أحد المقاهي، تقول: "في البداية لم يتحمّس لدعوتي، لأنّه يحب مشاهدة المباريات في البيت بالبيجاما، مع كثير من الطعام والشتائم الحرة المباشرة، لكنّه لا يردّ لي طلبا، فأنا دلوعته كما يسميني".
وتضيف: "سألت زملائي في الجامعة عن مكان تجمّع مشجّعي ريال مدريد، ودعوته إلى ذلك المقهى رغماً عنه، ومنذ الدقائق الأولى اندمج مع بقية الطاولات وصار المشجّع المفضّل لديهم، واليوم هو لا يجلس في المنزل لمشاهدة ريال مدريد، إذ يدعوه أصحابه الذين تعرّف عليهم في المقهى دائماً لمشاركتهم في مشاهدة المباراة والشتائم".
الهاتف النقال أيضاً متهم وأكثر من التلفزيون بالشقاق بين الأزواج، ويكفي أن نتذكر جملة مثل "ضحّكنا معاك"، وبمرور سريع على عدد الطلاقات التي تسبّب بها الفايسبوك ومواقع التواصل، فالهاتف الخلوي أكثر الأجهزة التي تتسبّب بالخلافات الزوجية.
أما الجهاز الثالث المتهم دائماً بالتسبّب بالخلافات الزوجية هو المكيّف، في الصيف وفي الشتاء، فإذا لم يكن الخلاف حول ارتفاع فاتورة الكهرباء، سيكون حول ارتفاع درجة الحرارة أو انخفاضها، فمن الصعب أن يتفق أيّ اثنين وليس الأزواج فقط على درجة حرارة الغرفة المناسبة نتيجة الاختلافات الجسدية بين البشر.
إدمان اللّوم
معظمنا لا ينضج أو يكبر كفاية عن إدمان لوم الآخرين عندما لا تسير الأمور على نحو صحيح، دائماً سنحتاج إلى شخص نلومه، الانطوائيون يلومون أنفسهم. بينما يلوم الانفعاليون الآخرين.
إلقاء اللّوم على الشريك في العلاقة الزوجية هو من أكثر أسباب الخلافات شيوعاً، والسبب يعود إلى أنّ الشراكة في كلّ شيء تشعر الطرف غير السعيد بالنتائج أنّ هذه الشراكة نفسها هي المشكلة، وتوهمه أنّ قراره لم يكن حرّاً.
أسباب حقيقية للشّجارات
تعتبر القضايا المتعلّقة بالمال التي يتناقش عنها الأزواج كثيرة ومتنوّعة. تشمل الأمثلة ما يتعلّق بكيفية إنفاق الأموال، وكمية المال التي يجب توفيرها، وما الذي نوفر من أجله، والاحتياجات مقابل الرغبات، سواء يجب دمج المال أم الاحتفاظ به منفصلًا، كيفية تقسيم الفواتير ودفعها، كيفية إعداد ميزانية، أو ما يجب تضمينه فيها. وتزيد الصراعات عندما يقلّ الدخل، أو عندما يقوم الأزواج بالاستدانة، والنزاع حول كيفية الخروج من الديون، أو من المسؤول عن الديون. قلّما يتّفق الأزواج على إدارة المال والأهداف والاستراتيجيات أو العمليات.
ويجد العديد من الأزواج أنفسهم في حالة نقاش حتى قبل وجود أطفال. قد يتشاجرون حول ما إذا كان يجب أن يكون لديهم أطفال، ومتى يجب أن يكونوا، وعدد الأطفال، الأسماء، وغير ذلك الكثير.
وبمجرد وصول الأطفال، تظهر مجموعة جديدة من النقاشات، مثل من سيقوم بالاستيقاظ مع الطفل في منتصف الليل، وما إذا كان يجب على أحد الوالدين البقاء في المنزل لتربية الطفل، ماذا يجب تغذية الأطفال به، وكيف يجب أن يلبسوا، والتربية والإجراءات التأديبية، درجة المراقبة والإشراف، المدارس، أساليب التربية.


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)