الجزائر

شتات العائلات يفاقم المأساة الإنسانية



احتاج إلياس جبر من سكان مخيم جباليا، شمال قطاع غزة، 13 يوماً من أجل الاتصال بعائلته في جنوب القطاع، ليكتشف أنهم يعيشون في خيمة برفح الحدودية، بعدما كان يبحث عنهم في خان يونس.نزحت عائلة إلياس، والداه وزوجته وأولاده إلى خان يونس، بطلب منه لأنه صدّق مثله غيره الدعاية الصهيونية التي ركزت طيلة أسابيع طويلة بعد بداية الحرب، على أن الجنوب يعد منطقة آمنة، وآثر هو البقاء مع البقية في جباليا، لكن بعد الهدنة الإنسانية الأخيرة انقطعت الاتصالات عنهم.
وقال جبر، إنه حاول كثيراً التواصل معهم، لكنه لأيام عديدة لم يستطع، وكاد القلق يقتله حتى تمكّن أخيراً من الوصول إليهم ليفاجأ بأنهم يقطنون خيمة واحدة قرب الحدود، مثل عشرات الآلاف من النازحين. وأضاف: "كدت أموت من القلق، كانوا في خان يونس وكل ما نسمعه من هناك كان قصفاً وقتلاً ودماراً، لم أعرف ماذا حلّ بهم، وما يجري معهم، خفت كثيراً حتى اكتشفت أنهم نزحوا إلى رفح".
اتّصالات متقطّعة
اتّصال واحد متقطّع وصعب طمأن جبر على عائلته، لكن آلافاً آخرين تقطعت بهم السبل وتشتت شملهم ولا يعرفون مصائرهم، خصوصاً أولئك الذين بقوا في شمال القطاع ومدينة غزة ويعانون من انقطاع شبه دائم في الاتصالات. وقالت إسلام عواد، التي رفضت ترك منزل زوجها في حي الشيخ رضوان لترافق عائلتها التي نزحت لمخيم النصيرات، إنّها لا تعرف شيئاً عنهم منذ نحو 3 أسابيع، ولا تجد وسيلة اتصال أو تواصل غير مباشر لكي تصل إليهم.
وأضافت: "أحاول التقاط أي اتصال، إنها أكبر أمنية لي، أريد أن أعرف إذا كانوا أحياء أم شهداء، لا أعرف عنهم أي شيء. تخيل أنك تعيش ولا تعرف إذا كان أبوك أو أمك، أخوك أو أختك عايشين أو ميتين"، وقطعت سلطات الاحتلال الصهيوني الاتصالات عن غزة أكثر من مرة، لكن حتى عندما قررت إعادتها توجد صعوبة بالغة في التواصل.
كل خبر يرفع مستوى القلق
وقال عبد الله أبو سمعان الذي نزح من مدينة غزة إلى مجمع الشفاء الطبي القريب من سكنه: "الاتصالات منهارة مثل كل شيء"، وحاول أبو سمعان فترة طويلة الاتصال بشقيقه أحمد الذي يقطن في مخيم جباليا شمال القطاع، ولا يُعرف مصيره أو مصير زوجته وأطفاله الأربعة، بعد آخر اتصال قبل 4 أسابيع. يسمع أبو سمعان من الناس عن غارات كثيفة في جباليا واشتباكات مسلحة، ومع كل خبر يرتفع مستوى القلق له، ويجرب مرة أخرى التواصل مع شقيقه بدون جدوى.
والاتصالات هي ملجأ الغزيين الوحيد في التواصل مع أحبائهم في ظل عدم قدرتهم على التنقل بين الشمال والجنوب، حتى داخل المنطقة الواحدة، بحكم الغارات والعمليات البرية. والاتصالات المعطلة تعني كذلك تعطل الإنترنت، الذي لم يعد يستخدم إلا من قبل قلة قليلة عبر شرائح دولية.
وحاول بعض الصحافيين ممن تبقوا في مناطق شمال القطاع، وما زال لديهم إنترنت مربوط بشرائح إلكترونية دولية إنشاء مجموعات على تطبيق "واتساب" من أجل محاولة إيصال أخبار غزة: "القصف وأسماء الضحايا والجرحى"، لكن ذلك لا ينفع الغزيين في القطاع، بل المغتربين منهم.
وقال ناجي حسين من سكان مخيم جباليا، ويعيش في تركيا، إنه انتظر 9 أيام كاملة حتى تمكن فقط من معرفة أن عائلته لم تصب بأذى.
وأضاف قائلا: "9 أيام وأنا أتمنى أن أسمع صوت والدي ولو لثوانٍ، وراودتني كل الكوابيس الممكنة، حتى تمكنت من الاطمئنان عليهم عبر التواصل مع أصدقائي المغتربين الذين نجحوا في التواصل مع بعض عوائلهم، وطمأنوني".
وبشكل غير مألوف، توجد الكثير من الجثامين في غزة مجهولة الهوية، لأن أهلها لم يُعرفوا ولم يستطيعوا الحضور، أو أنهم استشهدوا في مناطق أخرى، وسط شتات يفاقم المأساة الإنسانية


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)