الجزائر

سيف الرحبي... سيرة الذات والوطن.. في كتاب الصعود إلى الجبل الأخضر



بقلم: وليد بوعديلة*
يقترح المبدع والشاعر العماني العربي سيف الرحبي على القارئ نصا نثريا مفعما بالذكريات و العواطف و الأفكار من خلال يوميات كتابه الصعود إلى الجبل الأخضر -منشورات مجلة دبي الثقافية 2012- و هي عبارة عن نص نثري منفتح على بعض من جزئيات السيرة الذاتية وبعض من عناصر أدب المذكرات مع حضور لكثير من سيرة الوطن العماني وأخباره وتراثه وجماليات أمكنته.
إنه يرحل بالقارئ إلى منعرجات الجبل الأخضر العماني ومن ثمة يدخلنا إلى ذاكرة الأرض والإنسان في تلك المساحة الطيبة والفضاء الثقافي المفتوح من الخليج العربي وهي ذاكرة الرحبي وأرضه وأهله فيجب أن ننتظر أن يكون النص الأدبي صدى لصوت الحكي الداخلي العميق للشاعر العماني مع تداخل للخطابات المتعددة و المتباينة بحسب مرجعيات المبدع وإسهاماته في المشهد الثقافي العربي رغم اننا لم نتحصل على منجزات شعرية ونثرية كثيرة لسيف الرحبي وكنا نتمنى أن نقدمها لطلبتنا بكلية الآداب بجامعة سكيكدة بالجزائر ليحللوها و ليكتشفوا جمالياتها وتجلياتها...
في نص الصعود إلى الجبل الأخضر يتداخل العاطفي بالعقلاني ويؤكد المبدع سيف الرحبي حنينه وشوقه لتربة الجبل الأخضر و كأنه يريد أن يعيد لمجد المكان العماني والخليجي أهله وأجداده الذين غادروا الفانية للباقية.
بل ربما يريد الكاتب أن يذهب لهم بعد سنوات من الصراع المادي و المعنوي مع إنسان هذا العالم الذي توحّش و قتّل المشاعر والروح و الجمال... فكانت الكتابة الأدبية وسيلة للبحث عن ملامح الانسانية رغم ندرتها وقلتها في هذا الزمان..
و تأخذنا الصفحات في رحلة شاعرية أسطورية يتعانق فيها الشجر والصخر فنشاهد البيوت الطينية التي يسكنها أهل الجبل الأخضر وهذا المكان ليس صخرا وحجرا بل هو روح وذاكرة وهو موروث غني بكل مشاهد السحر والحكمة والوفاء وقوة المشاعر وجلالها..
ونلاحظ المبدع سيف الرحبي يلجأ من حين لآخر إلى اللغة الشعرية في الكتابة النثرية فتصعب عملية القراءة التي تعودت على قيم تعبيرية وجمالية مألوفة وذات اتجاه نثري أحادي خطي من غير خرق وتجاوز فلا نكاد نقبض على النوع الأدبي الذي تنتمي إليه نصوص هذا الكتاب أو لعله نوع أدبي جديد يحتاج لوعي قرائي جديد متجدد؟؟
هو نوع فيه شعرية السرد وسردية الشعر وفيه سيرة الذات وذكريات الوطن و الأمة و فيه أسفار الأمم وملامحها الثقافية و السياسية و الاجتماعية ...كما نجد- في النص- تجليات الأنا والآخر وذاكرة الأمكنة العربية و الأجنبية و محطات من الراهن العربي وثوراته فيتداخل الواقع من الخيال والماضي بالحاضر..
لقد تجلى الجبل الأخضر بملامح أسطورية ساحرة ورحل بنا المبدع سيف الرحبي نحو كتابة جديدة يصعب القبض على انتمائها الأجناسي الأدبي لكن المتعة مضمونة فيها والإفادة من الخصائص الحضارية للأمم متوفرة فشكرا للمبدع العماني العربي على هذا النص الجميل.


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)