الجزائر

سيدي سعيد المقري



الفقيه الإمام العلامة أبو عثمان سيدي سعيد بن أحمد المقري نسبة لمقرة قرية من قرى بلاد الزاب.
كان رحمه الله إماما في العلوم اقام مفتيا بتلمسان ستين سنة، أخذ عن شيوخ فاس كابن الونشريسي و الزقاق و غيرهم، و أخذ عنه جماعة كأحمد ابن القاضي، و سعيد قدورة و ابن أخيه ابو العباس المقري مؤلف "نفح الطيب" و كان يحدث عن عمه صاحب الترجمة بكرامات منها: أنه لما أراد أن يخرج من تلمسان قال له عمه: إنك ستنال الفتوى و الخطابة بجامع القرويين خمسة أعوام و خمسة أشهر، فكان الأمر كذلك، ولد قبل الثلاثين و تسع مئة، و توفي سنة عشرة و ألف (1010).
قال في "الجذوة" : القرشي أبو عثمان الفقيه المفتي بتلمسان، نسبة غلى مقر بفتح القاف المشددة و الميم المفتوحة مدينة من الزاب و افريقية، كذا ضبطه نسيبهم الونشريسي و قيل بسكون القاف أخذ بمدينة فاس عن أبي مالك الونشريسي و ابي الحسن علي بن هارون و أبي محمد بن عبد الوهاب ابن محمد الزقاق التجيبي و غيرهم، فقيه معقولي انتهت إليه رئاسة بلده تلمسان و لد بعد الثلاثين و تسع مئة (930). و قال سيدي أحمد المقري في "نفخ طيبه": إن ضبط المقري بفتح الميم و تشديد القاف عول عليه أكثر المتأخرين، و هو مع سكون القاف لغتان في البلدة التي نسب إليها، و هي مقرة من قرى زاب إفريقية، انتقل منها جده إلى تلمسان صحبة شيخه و لي الله سيدي أبي مدين رضي الله عنه، ثم قا: رجع |إلى تكملة مولاي الجد في حق أوليته، قال رحمه الله تعالى بعد الكلام السابق في حق جده عبد الرحمن ما صورته: ثم اشتهرت ذريته على ما ذكر من طبقاتهم بالتجارة فنهدوا طريق الصحراء بحفر الابار و التأمين التجار، و اتخذوا طبلا للرحيل و راية تقدم عند المسير، و كان ولد يحي الذين هم أحدهم أبو بكر خمسة رجال، فعقدوا الشركة بينهم في جميع ما ملكوه أو يملكونه على السواء بينهم و الاعتدال فكان ابو بكر و محمد و هما أرومتا نسبي من جميع جهات أمي و أبي بتلمسان، و عبد الرحمن و هو شقيقهما الأكبر بسجلماسة، وعبد الواحد و علي و هما شقيقاهم الصغيران بايوالاتن، فاتخذوا بها الأقطار الحوائط و الديار و تزوجوا النساء و استولدوا الإماء، و كان التلمساني يبعث إلى الصحراوي بما يرسم له من السلعن ويبعث إليه الصحراوي بالجلد و العاج و الجوز و التبر، و السجلماسي كلسان الميزان، يعرفهما بقدر الخسران و الرجحان، و يكاتبهما بأحوال التجار و أخبار البلدان، حتى اتسعت أموالهم و ارتفعت في الضخامة أحوالهم و لما افتتح التكرور كورة ايوالاتن و أعمالها، أصيبت أموالهم فيما أصيب من أموالها بعد أن جمع من كان فيها منهم إلى نفسه الرجال، و نصب دونها و دون مالهم القتال، ثم اتصل بملكهم فأكرمهم مثواه و مكنه من التجارة بجميع بلاده، و خاطبه بالصديقالأحب و الخلاصة الأقرب، ثم صار يكاتب في تلمسان يستقضيمنهم مآربه، فيخاطبه بمثل تلك المخاطبة و عندي من كتبه و كتب ملوك المغرب ما ينبيء عن ذلك، فلما استوثقوا من الملوك تذللن لهم الأرض للسلوك فخرجت أموالهم عن الحد، و كادت تفوت الحصر و العد، لأن بلاد الصحراء قبل أن يدخلها أهل مصر كان يجلب إليها من المغرب ما لا بال له من السلع فتعاوض عنه بماله بال من الثمن، إلى أن قال: و لما درج هؤلاء الأشياخ جعل ابناؤهم ينفقون مما تركوا لهمن ولم يقوموا بأمر التشمير قيامهم، و صادفوا توالي الفتن و لم يسلموا من جور السلاطين، فلم يزل حالهم في نقصان إلى هذا الزمن فها أنا ذا لم أدرك من ذلك إلا أثر نعمة، اتخذنا فصوله عيشا أصوله حرمة و من جملة ذلك إلا أثر نعمة اتخذنا فصوله عيشا أصوله حرمة و من جملة ذلك خزانة كبيرة من الكتب و أسباب كثيرة تعين على الطلب فتفرغت بحول الله عز وجل للقراءة، فاستوعبت أهل البلد لقاء و أخذت عن بعضهم عرضا و إلقاء، سواء المقيم القاطن و الوارد و الظاعن، انتهى كلامة في أوليته و قد نقله لسان الدين في الإحاطة.
و قال مولاي الجد رحمه تعالى: كان مولدي بتلمسان ايام أبي حم موسى بن عثمان بن يغمراسن ابن زيان و قد وقفت على تاريخ ذلك و لكني رأيت الصفح عنه لأن ابا الحسن بن مؤمن سال ابا طاهر السلفي عن سنه فقال: أقبل على شأنك فإني سألت أبا الفتح بن زيان عن سنه فقال: أقبل على شأنك فأني شألت علي بن محمد البان عن سنه فقال: اقبل على شأنك فأني سألت حمزة بن يوسف السهمي عن سنه فقال: أقبل على شأنك فإني سألت أباب بكر محمد بن عدب المنقري عن سنه فقال: أقبل على شأنك فأني سألت بعض أضحاب الشافعي عن سنه فقال: أقبل على شأنك فإني سألت الشافعي عن سنه فقال: أقبل على شأنك فأني سألت مالك بن أنس عن سنه فقال: أقبل على شأنك ليس من المروءة للرجل أن يخبر بسنه انتهى.
قلت: و لما تذاكرت مع مولاي العم الإمام صب الله تعالى على مضجعه من الرحمة الغمام هذا المعنى الذي ساقه مولاي الجد رحمه الله تعالى أنشدني لبعضهم:
احفظ لسانك لا تـبح بثلاثة
سن و مال ما استطعت و مذهب
فعلى الثلاثة تبتـلى بـثلاثة
بمفكـر و بحاسـد و مكـذب
قال الونشريسي في حق الجد ما نصه: القاضي الشهير الإمام العالم أبو عبد الله محمد بن محمد المقري التلمساني المولد و المنشا الفاسي المسكن كان رحمه الله تعالى عالما عاملا ظريفا نبيها ذكيا نبيلا متيقظا جزلا محصلا انتهى.
و قد وقفت له بالمغرب على مؤلف عرف فبه بمولاي الجد، و ذكر جملة من أحواله، وذكر أنه طلبه بعض أهل عصره في تأليف أخبار الجد فألف فيه ما ذكر، وقال في "الإحاطة" في ترجمة مولاي الجد بعد ذكره أوليته ما صورته: حال هذا الرجل مشار إليه بالعودة الغريبة اجتهادا و دؤوبا و حفظا و عناية و اطلاعا و نقلا و نزاهة، سليم الصدر قريب الغور، صادق القولن مسلوب التصنع، كثير الهيئة، مفرط الخفة، ظاهر الذاجة ذاهب أقصى المذاهب التخلق، محافظ على العمل، مثابر على الإنقطاع حريص على العبادة، مضايق في العقد و التوجه، يكابد من تحصيل النية بالتوجه و اليدين مشقة ثم يقافض الوقت فيها، و يوقعها دفعة متبعا إياها زعقة التكبير برجفة ينبوا عنها سمع من لم تؤنسه بها العادة، بما هو دليل على حسن المعالمة، و إرسال السجية، قديم النعمة متل بالخيرية مكب على النظر و الدرس و القراءة معلوم الصيانة و العدالة، منصف في المذاكرة حاسر للذراع عند المباحثة راحب على الصدر في وطيس المناقشة غير مخاطر للقرن، ولا ضنان بالفائدة، كثير الالتفات، منقلب الحدقة، جهير بالحجة بعيد عن المراء و المباهتة، قائل بفضل أولي الفضل من الطلبة، يقوم أتم القيام على العربية و الفقه و التفسير، و يحفظ الحديث و التريخ و الأخبار الآداب و يشارك مشاركة فاضلة في الأصلين و الجدل و المنطق، ويكتب و يشعر مصيبا غرض الإجادة، و يتكلم في الطريقة الصوفية كلام أرباب المقال، و يعتني بالتدوين فيها.
شرق و حج و لقي جلة، و ألف رحلة مفيدة، ثم عاد إلى بلده فأقرأ به، و انقطع إلى خدمة العلم، فلما و لي ملك المغرب السلطان محالف الصنع و نشيدة الملك و أثير الله من بين القرابة و الإخوة أمير المؤمنين أبو عنان اجتذبه و خلطه بنفسه، و اشتمل عليه و ولاه قضاء الجماعة بمدينة فاس، فاستقل بذلك أعظم الاستقلال و انفذ الحق و ألان الكلمة، و آثر التسديد و حمل الكل و خفض الجناح، فحسنت عنه القالة و أحبته الخاصة و العامةحضرت بعض مجاسه للحكم فرأيت من صبره على اللدد، و تأنيه للحجج و رفقه بالخصوم، ما قضيت منه العجب (دخوله غرناطة): ثم لما أخر عن القضاء استعمل بعد لأي في الرسالة فوضل الأندلس أوائل الجمادى الثانية من عام سبعة و خمسين و سبع مئة (757) فلما قضى غرض رسالته و أبرم عقد و جهته و احتل مالقه في منصرفه بدا له في نبذ الكفلة و اطراح و ظيفة الخدمة و حل التقيد إلى ملازمة الإمرة، فتقاعد و شهر غرضه و بث في الاتقال طمع من كان صحبته و أقبل على شأن فخلى بينه و بين همه و ترك ما انتحله من الإنقطاع إلى ربه، و طار الخبر إلى مرسله فأنف من تخصيص إيالته بالهجرة و العدول عنها بقصد التخلي و العبادة، وأنكر ما حقه الإنكار من إبطال عمل الرسالة و الإنقباض قبل الخروج عن العهدة ، فوغر صدره على صاحب الأمر و لم يبعد حمله على الظنة و المواطأة على النفرة، و تجهزت جملة من الخدام المجلين الملام مخبرين بين سحائب عادمي الإسلام مظنة إعلاق النقمة، و إيقاع العقوبة، و الإشادة بسبب إجازته بالقطيعة و المنابذة و قد كان المترجم به الحق بغرناطة، فتذمم بمسجدها و جار بالانقطاع إلى الله، وتوعد من يجبره بنكير من يجبر و لا يجار عليه سبحانه فأهم أمره و شغلت القلوب أبدته و أمسك الرسل بخلال ما صدرت شفاعة اقتضى له فيها رفع التبعة و تركه إلى تلك الوجهة و لما تحصل ما تيسر من ذات انصراف محفوفا بعالمي القطر قاضي الجماعة أبي القاسم الحسيني المذكور قلبه و الشيخ الخطيب أبي البركات بن الحاج مسلمين لورده مشافهين بالشفاعة في غرضه فانقشعت الغمة و تنفست الكربة و استصحبا من المخاطبة السلطانية في أمره من إملائي ما يذكر حسبما ثبت في الكتاب المسمى"بكناسة الدكان بعد انتقال السكان" المجموع بسلا ما صورته:
المقام الذي يجب الشفاعة و يرعى الوسيلة و ينجز العدة و يتمم الفضيلة و يضغي مجده المنن الجزيلة و يعي حمده الممادح العريضة الطويلة مقام محل والدنا الذي كرم مجده، و وضح سعده، وصح في الله تعالى عقده و خلص الأعمال الصالحة قصده و أعجز الألسنة حمده، السلطان الكذا ابن السلطان الكذا ابن السلطان أبقاه الله سبحانه لوسيلة يرعاها، و شفاعة يكرم مسعاها، و أخلاق جميلة تجيب الدعوة الطبع الكريم إذا دعاها، معظم سلكانه الكبير، و ممجد مقامه الشهير، المتشيع لأبوته الرفيعة قولا باللسان و اعتقادا بالضمير، المعتمد منه بعد الله على الملجأ الأحمى و الولي النصير فلان، سلام كريم طيب بر عميم يخص مقامكم الأعلى، و أبوتكم الفضلى ورحمة الله و بركاته أما بعد الحمد الله و بركاته، أما بعد حمد الله الذي جعل الأخلاق الحميدة دليلا على عنايته بمن حلاه و حلاها، و ميز بها النفوس النفسية التي اختصها بكرامته و تولاها، حمدا يكون كفؤا للنعم التي أولاها و أعادها و والاها، و الصلاة و السلام على سيدنا محمد عبده ورسوله المترقي من درجات الاختصاص ارفعها و أعلاها، الممتاز من أنوار الهداية بأوضحاها و أجلاها، مطلع آيات السعادة يروق ومجتلاهاو الرضى عن آله و صحبة الذين خبر صدق ضمائرهم لما ابتلاها و عسل ذكرهم في الأفواه فما أعذب أوصافهم على الألسن و أحلاهان و الدعاء لمقام أبوتكم حرس الله تعالى علاها بالسعادة التي يقول الفتح أنا طلاع الثنايا و ابن جلاها، و الصنائع التي تخترق المفاوز ركائبها المبشرات فتفلي فلاها فإنا كتابنا إليكم – كتب الله تعالى لكم عزة مشيدة البناء، و حشد على أعلام صنائعكم الكرام جيوش الثناء و قلدكم من قلائد مكارم الأخلاق، ما يشهد لذاتكم منه بسابقة الاعتناء – من حمراء غرناطة حرسها الله و الود باهر السنا ظاهر السنا ظاهر السناء، مجدد على الآناء، و التشيع رحب الدسيعة و السناء، مجدد على الآناء، و التشيع رحب الدسيعة و الفناء، و إلى هذا وضل الله تعالى سعدكم و حرس مجدكم، فإننا خاطبنا مقامكم الكريم في شأن الشيخ الفقيه الحافظ الصالح أبي عبد الله المقري خار الله تعالى لنا وله، وبلغ الجميع من فضله العميم أمله جوابا عما صدر عن مثابتكم فيه من الإشارة المتمثلة و المآرب المعملة و القضايا غير المهملة، نصادركم بالشفاعة التي مثلها بأبوابكم لا يرد، و ظمآها عن منهل قبولكم لا تحلأ و لا تصد حسيما سنه الب الكريم و الجد القبيل الذي وضح منه المكارم الرسم و الحد، و لم نصدر الخطاب حتى ظهر لنا من أحواله صدق المخيلة و تبلج صبح الزهادة و الفضيلة وجود النفس الشحيحة بالعرض الأدنى البخيلة و ظهر تخايه من هذه الدار و اختلاطه باللفيف و الغمار، و إقباله على منا يعني مثله من صلة الأوراد و مداومة الاستغفار و كنا لما تعرفنا إقامته بمقاله لهذا الغرض الذي شهره، و الفضل الذي أبرزه للعيان و أظهره أمرنا أن يعتني بأحواله و يعان على فراغ باله و يجري عليه سيب من ديوان الأعشار الشرعية و صريح ماله، وقلنا: ما أتاك من غير مسألة مستند صحيح لاستدلاله، ففر من مالقة على ما تعرفنا لهذا السبب، و قعد بحضرتنا مستور المنتمى و المنتسب، وسكن بالمدرسة بعض الأماكن المعدة لسكنى المتسمين بالخير و المحترفين ببضاعة الطلب بحيث لم يتعرف وروده و وصله إلا ممن لا يؤبه بتعؤيفه و لم تحقق زوائده و أصول لقلة تصريفه ثم تلاحق إرسالكم الجلة، فوجبت حينئذ الشفاعة، وعرضت على سوق الحام و الفضل من الإستلطاف و الإستعطاف البضاعة و رقررنا ما تحققناه من أمره و انقباضه عن زيد الخلق و عمره، و استقباله الوجهة التي من ولى وجهه شطرها فقد آثر أثيرا و من أتباعها بمتاع الدنيا فقد نال فضلا كبيرا و خيرا كثيرا، و سألنا منكم أن تبيحوه ذلك الغرض الذي رماه بعزمه و قصر عليه أقصى همه أخلق مقامكم أن يفوز منه طالب الدنيا يسهمهن ويحصل منه طالب ىلآخرة على حظه الباقي و قسه و يتوسل الزاهد بزهده و العالم بعلمه و يعول البرئ على فضله و يثق المذنب بحمنله فوصل الجواب الكريم بمجرد الأمان و هو أرب من آراب و فائدة من جراب، ووجه من وجوه إعراب فرأينا أن المطل يعد جفاء، و الإعادة ليس بثقلها خفاء و لمجلدكم بمل ضمنا منه وفاء و بادرنا الآن إلى العزم عليه في ارتحاله، و أن يكون الانتقال عن رضا منه من صفة حاله و أن يقتضي له ثمرة المقصد و يبلغ طيية الإسعاف في الطريق الأقصد، إذ كان الأمان لمثله ممن تعلق بجناب الله من مثلكم حاصلا، والدين المتين بين نفسه و بين المخافة فاصلا و طالب كيمياء السعادة بإعانتكم واصلا، و لما مدت اليد في تسويغ حالة هديكم عليها أبدا يحرض و علمكم يصرح بميزتخا و لا يعرض فكملوا أبقاكم الله ما لم تسعنا فيه مشاحة الكتاب، وألحقوا بالأصل حديث هذه الإباحة فهو أصح حديث الباب و وفوا غرضنا من مجدكم و خلوا بينه و بين مراده من ترك الأسباب و قصد غافر الذنب و قابل التوب بإخلاص المتاب و التشمير ليوم العرض و موقف الحساب و أظهروا عليه عناية الجانب الذي تعلق به أعلق الله به يدكم من جناب، و معاذ الله أن تعود شفاعتنا من لدنكم غير مكملة الآراب و قد بعثنا من ينوب عنا في مشافهتكم بها أحمد المناب و يقتضي خلاصها بالرغبة لا بالغلاب و هما فلان و فلان و لولا الأعذار لكان في هذا الغرض إعمال الركاب يسبق أعلام الكتاب و أنتم تولون هذا القصد من مكارمكم ما يوفر الثناء الجميل، و يربي على التأميل و يكتب على الود الصريح العقد و ثيقة التسجيل و هو سبحانه يبقيكم لتأييد المجد الأثيل و إنالةالرفد الجزيل، و السلام الكريم يخص مقامكم العلى و مثابتكم الفضلى و رحمة الله تعالى و بركاته في الحادي و العشرين جمادى الآخرة من عام سبعة و خمسين و سبع مئة (757) انتهى الكلام ابن الخطيب في "الاحاطة".
(و ذكر في "الريحانة")، أنه كتب في هذا الغرض ما نصه: فإننا و قفنا على كتابكم الكريم في شأن الشيخ الصالح الفقيه الفاضل أبي عبد الله المقري و فقنا الله و إياه لما يزلف لديه و ما بلغكم بتقاعده بمالقة و ما أشرتم به في أمره فاستوفينا جميع ما قررتم و استوعبنا ما اجملتم في ذلك و فسرتم و اعملوا يا محل والدنا أمتعنا الله ببقائكم الذي ضمنه اتصال السعادة و تعرف نعم المعادة أننا لما انصرف عن بابنا هو و من رافقه عن انشراح صدور و تكييف جذل بما تفضلتم به وسرور، تعرفنا أنه تقاعد بمالقة عن صحبه و أظهر الاشتغلال بما يلخصه عند ربه وصرف الوجه إلى التخلي مشفقا من ذنبه و احتج بأن قصده ليس له سبب و لا تعين له في الدنيا أرب و انه عرض عليكم أن تسمحوا به فيما ذهب إليه و تقرره عليه فيجعل البدار و يمهد تحت إيالتكم القرار، فلما بلغنا هذا الخبر لم يخلق الله عندنا به مبالاة تعتبر و لا أعددناه فيما يذكر فكيف فيما ينكر وقطعنا أن الأمر فيه هين و أن مثل هذا الغرض لا تلتف إليه عين ف‘ن بابكم غني من طبقات أولى الكمال، مليء بتسويغ الأمال موفر الرجال معمور بالفقهاء العارفين بأحكام الحرام و الحلال، و الصلحاء أولي المقامات و الأحوالو الأدباء فرسان الروية و الارتجال و لم ينقص بفقدان الحصى أعداد الرمال ولا يستكثر بالقطرة جيش العارض المنثال، مع ما علم من إعانتكم غلى مثل هذه الأعمال، و استمساككم بإسعاف غرض من صوف و جهة إلى ذي الجلال و لو علمنا أن شيئا يهجس في الخاطر من أمر مقامه لقابلناه بعلاج سقامه ثم لم ينشب أن تلاحق بحضرتنا بارزا في طور التقلل و التخفيف خالطا نفسه باللفيف قد صار نكرة بعد العلمية و التعريف و سكن بعض مواضع المدرسة منقبضا عن الناس لا يظهر إلا لصلاة يشهد جماعتها، و دعوة للعباد يخاف إضاعتها ثم تلاحق إرسالكم الجلة الذين تحق لمثلهم التجلة فحضروا لدنيا و أدوا المخاطبة الكريمة كما ذكر إلينا و تكلمنا معهم في القضية و تنخلنا في الوجوه المرضية، فلم نجد وجها أخلص من هذا الغرض، و لا علاجا يتكفل ببرء المرض من أن كلفناهم الإقامة التي يتبرك ين جوارها، و يعمل على إيثارها بخلاف ما نخاطب مقامكم بهذا الكتاب الذي مضمونه شفاعة، يضمن حباؤهم احتسابها و يرعى انتماءها إلى الخلوص و انتسابها و بعيدها قد أعملت الحظوة أثوابها، ونقصدكم و مثلكم من يقصد في المهمة فأنتم المثل الذائع في عموم الحلم و علو الهمة فإن تصدروا له مكتوبا مكمل الفصول مقرر الأصول يذهب الوجل و يرفع الخجل و يسوغ من مآربه لديكم الأمل و يخلص النية و يرتب العمل، حتى يظهر مالنا عند أبوتكم من تكميل المقاصد جريا على ما بذلتم من جنبل العوائد، و إذا تحص ذلك كان بفضل الله غيابه و أناخت بعقوة و عدكم الوفي ركابه و يحصل لمقامكم عزه و مجده و ثوابه و انتم ممن يرعى أمور المجد حق الرعاية، و يجري في معاملة الله تعالى على ما أسس من فضله البداية و تحقق الظنون فيما لديه من المدافعة عن حوزة الإسلام و الحماية هذا ما عندنا أجعلنا به الإعلام و أعملنا فيه الأقلام بعد أن أجهدنا الإختيار و تنخلنا الكلام و جوابكم بالخير كفيل و نظركم لنا و للمسلمين جميل و الله تعالى يصل سعدكم و يحرس مجدكم و السلام. انتهى.
قلت: و هذه آفة مخالطة الملوك فإن مولاي الجد المذكور كان نزل عن القضاء و غيره فلما أراد التخلي إلى ربه لم يتركه السلطان أبو عنان كما رأيت انتهى.
و قال في "نفخ الطيب" أيضا: رأيت في تلمسان المحروسة بخط عمي مفيدي و لي الله تعالى العارف المعروف بشيخ الشيوخ الإمام المفتي الخطيب سيدي سعيد بن أحمد المقري صب الله عليه سجال الرضوان خطبة من هذا النمط اهـ. يعني كخطبة القاضي أبي الفضل عياض.
فمن خطبة أبي عثمان سعيد المقري: الحمد الله الذي افتتح بفاتحة الكتاب سورة البقرة ليصطفي من آل عمران رجالا و نساء و فضلهم تفصيلا و مدة مائدة أنعامه ورزقه ليعرف أعزاف أنفال كرمه و حقه على أهل التوبة و جعل ليونس في بطن الحوت سبيلا، و نجى هود من كربه و حزنه، كما خلص يوسف من سجنه و جبه، و سبح بحمده و يمنه، واتخذ الله إبراهيم خليلا، الذي جعل في حجر الحجر من النحل شرابا، نوع بإختلاف ألوانه، و أوحى إليه بخفي لطفه سبحانهن واتخذ منه كهفا.
و من خطبة القاضي عياض: الحمد الله الذي افتتح بالحمد كلامه، و بين في سورة البقرة أحكامه، ومد في آل عمران و النساء مائدة الأنعام ليتم أنعامه، و جعل في الأعراف أنفال توبة يونس، و الر كتاب أحكمت آياته بمجاورة يوسف الصديق في دار الكرامة و سبح الرعد بحمده، و جعل النار بردا و سلاما على إبراهيم ليؤمن أهل الحجر أنه إذا أتى أمر الله سبحانه فلا كهف و لا ملجأ إلا إليه الخ.
و من محاسن محمد بن أحمد بن علي الهواري، و يكني ابا عبد الله، و يعرف بابن جابر، رجل كفيف البصر من أهل المريةقصيدته التي في التورية بسور القرآ، و مدح النبي صلى الله عليه و سلم، و هي من غرر القصائد و كثير من الناس ينسبها للقاضي عياض و هي هذه:
في كـل فـاتحة للقول معتــــــــــبرة
حــــق الثنـــاء على المبعوث بالبقرة
في آل عمران قـدما شاع مـــــــــبعثه
رجــــالهم و النساء استوضحوا خــبره
من مد للنــاس من عمـاه مـــــــائدة
عمــــت فليست على الأنعام مقــتصرة
أعراف نعمـاه ما حل الـــرجاء بهـــــا
إلا و أنفـــــــال ذاك الجـود مبتدره
به تـوســل إذ نــــادى بتوبتـــــه
في البحر يــــــونس و الظلماء معتكره
هود و يوسف كم خـــوف به أمنـــــا
و لن يروع صــــــوت الرعد من ذكره
مضمون دعوة إبراهيـــم كـــــان و في
بــــــيت الإله و غي الحجر التمس آثره
ذو أمة كـدوي الـــــــنحـل ذكرهم
في كـــــــل قطر فسبحان الذس قطره
بكهف رحماه قـــــــد لاذ اـلورى و به
بشــــــرى ابن مريم في الإنجيل مشتهرة
سماه طــــــــه و حـضى الأنبياء على
حج المـــــــكان الذي من أجله عمره
قد أفلح الـــــناس بالنور الذي غــمروا
من نور فرقانه لما جـــــــــلا غرره
أكــــــــابر الشعراء اللسن قد عجزوا
كالنمل إذ سمعت آذانهم ســــــــوره
و حســـــــبه قصـص للعنكبوت أتى
إذ حاك نسجا ببــــــاب الغار قد ستره
في الروم قــــد شاع قدما أمره وبــــه
لقمان وفق للـــــــــدر الذي نثره
كم سجدة في طلى الأحزاب قد سجــــدت
سيوفه فأراهـــــــــــم ربه عبره
سباهم فاطر السبع العلا كــــــــرما
لمـــن بيــــاسين بين الرسل قد شهره
في الحرب قد صفت الأملاك تنصــــــره
فصـــــــاد جمع الأعادي هازما زمره
لغافر الذنب في تفصيله ســـــــــور
قد فصــــــــلت لمعان غير منحصره
شوراه أن تجهر الدنيا فزخــــــــرفها
مثل الدخان فيعشــــــي عين من نظره
عزت شريعته البيضاء حــــــــين أتى
أحــــــقاف بدر و جند الله قد نصره
فجاء بعد القتال الفتح متصــــــــلا
و أصـــــبحت حجرات الدين منتصرة
بقاف و الذريات الله أقــــــــسم في
أن الــــــــذي قاله حق كما ذكره
في الطور أبصر مــــــوسى نجم سؤدده
و الأفق قد شـــــــق إجلالا له قمره
أسـرى فنــال من الــرحمن واقــعـة
في الـــقرب ثـــــبت فيه ربه بصره
أراه أشيــاء لا يــــــقوى الحديد لها
و في مجـــادلة الــــــكفار قد أزره
في الحــشر يــــوم امتحان الخلق يقبل في
صـــــــف مـن الرسل كل تابع أثره
كـف يسبــــح لله الحصـــاة بهــا
فـــأقبل إذا جــــاءك الحق الذي قدره
قــد أبـــــصرت عنده في الدنيا تغابنها
نـــــــالت طلاقا و لم يصرف لها نظره
غـــــــــريمة الحـب للدنيا و رغبته
عــــــن زهرة الملك حقا عند ما نظره
في نــــــون قد حـقت الأمداح فيه بما
أثــــنى بــــــه الله أبدى لنا سيرة
بجــــــــــاهه سال نوح في سفينته
سفــن النجاة و موج البــــحر قد غمره
و قـــــــــالت الجن جاء الحق فاتبعوا
مزمــــــلا تابعا للحق لن يــــذره
مدثرا شـــــــــافعا يوم القيامة هل
أتى نــــــــــبي له هذا العلا زخره
في المـــــــرسلات من الكتب انجلى نبأ
عن بــــعثه سائر الأخبــــار قد سطره
الطــــــــاقة النازعات الضيم في زمن
يـــــوم به عبس العاصــــي لما ذعره
إذ كــــــورت شمس ذاك اليوم و انفطرت
سماؤه و دعـــــت ويل بــــه الفجره
و للسمـــــــاء انشقاق و البروج خلت
من الطارق الشهــــــب و الأفلاك منتشرة
فسبم اســــــــم الذي في الخلق شفعه
و هل أتاك حديث الحــــــوض إذ نهـره
كالفجر في البــــــــلد المحروس غرته
و الشمس من نوره الوضاح مـــــــتتره
و الليل مثل الضــــــحى إذا لاح فيه ألم
نشرح لك الــقول في أخباره العطـــــره
و لو دعـــــــا التين و الزيتون لا بتدرا
إليه في الحين و اقـرأ تستبن خـــــــبره
في ليلة القــــــدر كم قد حاز من شرف
في الفخر لم يـكن الإنسان قد قــــــدره
كم زلزلـــــــــت بالجياد العاديات له
أرض بقارعة التــخويف منتشـــــــره
له تكاثر آيات قد اشــــــــــتهرت
في كل عصر فويل للذي كفـــــــــره
ألم ترى الشمس تصديقا له حـــــــبست
على قريش و جاء الروح إذ أمــــــــره
أريت أن إله العرش كرمـــــــــــه
بكوثر مرسل في حوضه نهــــــــــره
و الكافرون إذ جاء الورى طــــــــردوا
عن حوضه فلقد تبت يد الــــــــكفرة
إخلاص أمداحه شغلي فكم فلــــــــق
للصبح أسمعــــــــت فيه الناس مفتخره
أزكى صـــــــلاتي على الهادي و عترته
و صحبه و خصوصا منهـــــــم عشرة
صديقهم عمر الفــــــــاروق أحزمهم
عثمان ثم علي مهلك الكفـــــــــرة
سعد سعيـــــــــد عبيد طلحة و أبو
عبيــــــــدة و ابن عوف عاشر العشرة
و حمـــــــــــزة ثم عباس وآلهما
و جعفــــــــــر وعقيل سادة خيره
أولئك الناس آل المصطفى و كـــــــفى
و صحــــــــبه المقتدون السادة البرره
و في خديجة و الـــــــزهرا و ما ولدت
أزكى مديحي سأهدي دائمـــــــا درره
عـــــــن كل أزواجه أرضى و أوثر من
أضحــــــــت براءتها في الذكر منتشره
أقســـــمت لا زلت أهديهم شذى مديحي
كــــــــالروض ينشر من أكمامه زهره
قال: و قد عارض منحاها جماعة، فما شقوا لها غبارا و من معرضاتها قول بعضهم، و ذكر قصيدة و أولها:
بسم الإله افتتاح الحمد و البقرة
مصليا بصلاة لم تــــزل عطره
على نـــبي له الرحمن ممتدح
في آل عمران أيضـا و النسا دكره
كذا بمائدة الأنــــعام فضله
و وصفه التم في الأعراف قد نشره
أنفاله نزلت أيضـــا براءة من
يحبه و هــــو مشغول بما أمره
إلى أن قال: و ممن سلك هذا المنهج الشيخ القلقشندي إد قال:
عــوذت حبي برب الناس و الفلق
المصطفى المجتبي الممدوح بالخلق
إخلاص و جودي له و العذر يقلقني
تبـت يدا عاذل قد جاء بالملق
قال: و هذه القصيدة و إن لم تلحق قصيدة ابن جابر فهي مما يتبرك به و الأعمال بالبيانات و وقف على أخرى من هذا النمطو هي بالنسبة إلى هذه كنسبة هذه إلى قصيدة ابن جابر، و ذكرها يتمامهاو أولها:
بحمده إلاه العرش استفتح القولا
و في آية الكرسي استمنح الطـولا
و في آل عمران بدا ذكـر أحمد
نسأؤهم بالعقد قد أنعموا القـولا
بأعراف رحماه بأنفال جــوده
شرفنا و ضلنا و تبنا إلى المـولى
و ذكر في الباب من هذا النوع نظما و نثرا ما يطول بنا استطرده فعليك بمراجعته إن كمت ممن يميل إلى هذا المعنى و يحلو لك ارتياده ، و من الرجال الاعتناء بهذا الباب والدي سيدي الشيخ بن أبي القاسم، فقد و جدت بخط يده قصائد كثيرة من هذا النوع، رحمه الله تعالى و له قصيدة يتوسل فيها بسور القرآن ستأتي في ترجمته إن شاء الله تعالى.



سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)