الجزائر

سيدي بلعباس وفساد الوالي



سيدي بلعباس وفساد الوالي
إن ثقافة اللاعقاب التي أصبحت تترسخ خلال هذه السنوات الأخيرة، واللامبالاة، والعفو عن المفسدين، قد لا تفقد فقط ثقة المواطن في السلطة.. بل تفقد كل ثقة في المستقبل، وفي مؤسسات الدولة.
بدعوة من الرابطة الوطنية للطلبة الجزائريين، وجامعة سيدي بلعباس، فرع العلوم الإجتماعية، كان لي لقاء مع الطلبة والمثقفين حول مسألة إشكالية التحول الديمقراطي في الجزائر، والمعوقات التي تحول دون ذلك.. كان النقاش صريحا وثريا، وكانت بهجتي بتلك الوجوه والأصوات الواعدة الساعية نحو ربط الجامعة بقضايا المجتمع الحية.. التقيت بالرفاق القدامى والأصدقاء، لكن أيضا بهذا الجيل الجديد الذي يريد أن لا يكون مجرد رجع الصدى للأصوات الباهتة والعتيقة، بل رمز قوة جديدة تحيل على التغيير والإنخراط في عملية بناء جزائر جديدة، لا تمت بصلة إلى جزائر حزب المتحجرين والفاسدين المتشبتين بسلطة العطالة والريوع.. كانت عودتي إلى سيدي بلعباس فرصة لاستعادة ملامح المدينة الضائعة وروائحها التي طالما استنشقتها ونحن على مشارف الأحلام الصغيرة، والأحلام الطوباوية الكبيرة التي كنا ننسجها نحن معشر الحالمين، الممتلئين حتى النخاع بالرغبات الجميلة، والنقاشات التي لا تكاد تنتهي بمقاهي المدينة، مثل مقهى الإتحاد، مقهى الصومام، مقهى الباهية، مقهى السيلكت، مقهى المامونية، مقهى الهلال، ومقاه أخرى تعرضت كلها اليوم للطمس والتشويه وإلى التدجين بالبلاهة والبلادة.. بحثت عن تلك الفضاءات الرائعة التي كانت المعالم الحقيقة للمدينة، لكن وحسرتاه، وجدت معظمها تعرض للتشويه المرعب.. فساحة المقطع الغناء سقطت بين أيدي الناهبين الذين راحوا يعيثون فيها فسادا، وذلك بتغيير وجهها العمراني الجميل ليحل محلها وجه بشع، وكل ذلك كأسلوب من أساليب نهب المال العام. سألت صديقا لي.. من كان المسؤول على ذلك؟ فعلمت أن الوالي السابق الذي أحيل على التقاعد متورط في الأمر، وكذلك المؤسسة التي يشرف عليها ابنه.. نفس الشيء تعرضت له بحيرة المدينة، وتلك المعالم التي تحولت إلى أسواق مرعبة.. تساءلت عن صمت من يسمون بالأعيان، وعن المراسلين الصحفيين.. وكان الجواب.. الرشوة والفساد واليأس أخرسوا الجميع. أطلعني بعد الأصدقاء على ملفات قذرة ومشينة حدثت في عهدة الوالي السابق.. رغم أن هذا الوالي تصرف في المدينة كملكية خاصة من ملكياته، كان مجاهدا في جيش التحرير.. أدركت أيضا أن ثمة تقارير عديدة رفعتها المصالح المعنية، منبهة إلى ما كان يحدث من فساد ونهب وانحراف إلى السلطات المعنية.. لكن لم يحدث شيء..!! فقط حدث بعد كل هذه الكوارث إحالة الوالي على التقاعد.. هل هذا معقول؟! هل يجوز الصمت على كل هذا المنكر، ويمضي إلى بيته كأن شيئا لم يحدث..؟!.
وقد تجعل من يأتون بعده يسيرون على طريقته أو أكثر.. والنتيجة هي النزول المتسارع إلى نتائج لا تحمد عقباها..
يكتبها: احميدة. عياشي
هذا البريد الإلكتروني محمي من المتطفلين و برامج التطفل، تحتاج إلى تفعيل جافا سكريبت لتتمكن من مشاهدته


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)