الجزائر

سيد أطباق رمضان يكون أغلى هذا العام


أمطار الربيع أتت على موسم الفريك و طقوسه
تسببت الأمطار المتساقطة نهاية ماي وبداية جوان الجاري في تفويت موسم الفريك على منتجيه في معظم بلديات ولاية قسنطينة وفي عين أعبيد التي تنتج أجود أنواع سيد أطباق رمضان جراء المهنية والخبرة الواسعة التي تميز بها المنتجون في المنطقة و نوعية الحبوب الموجهة لهذا الغرض المعروف (بالبيدي) المحلي الذي يواظب الفلاحون على زراعته والمحافظة على شتلته.
ففي هذا الصدد أوضح لنا أحد الفلاحين في أعالي عين أعبيد المعروفة ( بالصروات ) أن الأمطار المتساقطة بكثرة خلال الأيام الماضية حالت دون إنتاج الكمية المعتادة بعد تسرب النضج إلى السنابل في الوقت الذي كانت كل الظروف المناخية تقف دون قطع سيقانها التي ازدادت صلابة بفعل احتقانها بالماء فلم تكد تجف الأرض التي تضم جذورها حتى تسرب النضج عبرها إلى حباتها التي تضخمت ونما حجمها فلم تعد صالحة لأن تكون فريكا عدا مساحات محدودة (مزوزية) مما جعل إنتاج هذا الموسم يتراجع وترتفع معه الأسعار إلى 180 دينار جزائري للكيلو غرام الواحد الثلاثاء الماضية في السوق الأسبوعي في عين أعبيد على غير العادة أين كانت تباع الكميات الأولى بأرخص الأثمان حينما يكون منتجوه في أشد الحاجة إلى السيولة لدفع مقابل الخدمات التي استفادوا منها .
هذا و خلت السوق الأسبوعية هذه السنة من مظاهر الصناعات اليدوية الخاصة بموسم الفريك كالمناجل و المذراة إضافة إلى المشط و اختفى معها منظر ذلك الرجل الذي كان يفد كل سنة و يقوم بصنع المناجل يدويا أمام أعين زبائنها مستعملا الكير و المطرقة والسندان وهو يضرس أسنانها وهي ساخنة و أعين بعض الشباب والأطفال تتجمد حدقتها إعجابا بهذه الحرفة التي اختفت بفعل المكننة وقد تحدثت النصر الموسم الفارط عن آلة عوضت المنجل اليدوي حلت قادمة من ولاية خنشلة ولكن يبقى للمنجل مكانته والحاجة إلية في المناطق الوعرة التي لا يمكن لها أن تقص سيقان سنابلها إلا بالمنجل لتبقى بدورها محافظة على حرفة الحصادة الذين لم يجدوا هذه السنة فرصا كثيرة للعمل الموسمي في حقول الفريك وتحسين مداخلهم باعتبار معظمهم من كبار السن المتقاعدين ذوي المرتبات الجد محدودة ، فلم يبرح معظمهم أسوار جنان الجدارمية مكان لقائهم اليومي لقراءة الجرائد على مسامعهم من طرف من يحسن القراءة فيطلعهم على المستجدات الوطنية والعربية وبعض الحوادث النادرة وتبادل الأخبار .
فقد قال لنا السيد : ن . أحمد 60 سنة متقاعد أنه لم يحض هذا الموسم بيوم عمل على الرغم من أنه هيأ نفسه وعدته للحصول على مدخول يساوي راتبه الشهري الذي لا يتجاوز 13000 دينار جزائري ككل سنة ولكن حالت الظروف المناخية دون ذلك وقد تعود على العمل مقابل أكثر من 1000 دينار جزائري لنصف يوم ، فيعيش خلال تلك الأيام أجواء الحصاد ويملئ رئتيه برائحة التبن وسيقان السنابل التي تعود على تنفسها كل سنة فيشم فيها عبق الأيام الخوالي والصبا ، بهذا الحديث تنفس جليسنا الصعداء فالفراغ الذي يعيشه منذ تقاعده حول حياته إلى يوم واحد تسوده الرتابة والتكرار ليستدرك ولكن تلك سنة الحياة ولا ينال الإنسان إلا ما هو من نصيبه .
وفي ذات الموضوع قال لنا بعض المنتجين الذين كان إنتاجهم يتجاوز 50 قنطارا باعتباره نشاطهم الرئيسي أن المردود الكبير للهكتار المنتظر هذه السنة والذي سوف يتجاوز حسب التقديرات 40 قنطار في الهكتار سيكون تعويضا لهم في ظل الدعم الكبير المباشر الذي تصرفه الدولة لمنتجي الحبوب الذين طوروا كثيرا مسارهم التقني ولكن ذلك لم يقف دون أنتاج كميات ولكنها قليلة ستؤثر دون شك على الأسعار .
ليبقى الشيء المميز هذه السنة أن الأمطار المتساقطة ساهمت في تهيئة – طرحات – لن تترك حصى أو طوبة تتسلل إلى الكميات المنتجة وهي العمل الوحيد الذي لا يمكن الاستغناء عنه رغم تطور المكننة لأن الفريك تحطم الحاصدة حباته في حال استعمالها قي درسه فتتفتت حباته وتتكسر مما يؤثر على نوعية المنتج والسعر فالمستهلك لن يشتري فريكا مدشوشا قبل أن تكسرها دفتي الرحى فتخرج منها متجانسة لتكون أحسن ما يرمى في مرق شربة الفريك ورمضان على الأبواب وكل عام وأنتم بخير .
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)