الجزائر

سياسات دفاعية بخلفيات هجومية وتجارية



عرض الخبير عمر بلبش في ندوة نقاش نظمها مركز «الشعب» للدراسات الاستراتيجية، بعنوان «الحرب الذكية وإلكترونيك الدفاع»، مسائل في غاية الأهمية والدقة حول الأسلحة الذكية المستعملة من طرف الدول المتقدمة، لحماية مصالحها السيادية والأمنية، وهو اعتداء مصدره الدول المنافسة أو منظمات إرهابية، كما تسمى في قاموس العلاقات الدولية.لكن من خلال القراءة المتمعنة للأحداث الدائرة في عالم القرن 21، يمكن ملاحظة عدة أمور هامة للغاية، تعتمد عليها الدول والهيئات المصنعة للأسلحة لترويج منتجاتها في الأسواق العالمية عامة، والعالم الثالث خاصة، وتسعى هذه الدول دائما إلى استيراد التكنولوجيات الحديثة ومواكبة التطور الحاصل في الدول المتقدمة، بصفتها رائدة في المجال.
وأهم ما يساعدها في ذلك، هو الاستعمال المتعمد لمصطلح «الدفاع»، أو السياسة الدفاعية، سعيا منها لتحسين صورتها لدى الشعوب الأخرى وتصوير نفسها على أنها عرضة للمخاطر والتهديدات الخارجية، ولها الحق في تطوير سلاحها الدفاعي، وتحقيق أهدافها، ومنه إقناع الدول المستهلكة بضرورة التزوّد بخبرتها من أجل حماية حدودها ومصالحها من كل الأخطار المحدقة بها.
وقد أثبت الواقع في السنوات الأخيرة، أن ما تستورده دول الجنوب من أسلحة وتجهيزات «متطورة» لا تعدو أن تكون سوى منتجات فقدت قيمتها وفعاليتها في سياسات دفاعاتها مقارنة بما وصلت إليه التكنولوجيات الحديثة للدول المصدرة، وهذا سبب تفوقها الدائم.
كما يعبر هذا المصطلح حسب ما جاء في الندوة الفكرية عن إرادة قوية من طرف الدول المتقدمة لتبرير استراجيتها العسكرية والسياسية تجاه الدول الأخرى، لأن الدفاع يعني درء كل التهديدات الواردة من الخارج، واسقاط المحاولات المؤدية لخلق حالة لا أمن، وما هو حاصل في الساحة الدولية يتناقض تماما مع هذه النظرة. والاضطرابات التي تعرفها منطقة الدول العربية دليل على ذلك، نظرا لتدخل دول مثل الولايات المتحدة الأمريكية، وأوروبا الغربية ضمن حلف (الناتو) في الشؤون الداخلية لدول المنطقة يصل في معظم الأحيان إلى استعمال أسلحة متطورة جدا سواء لإسقاط الأنظمة أو فرض حصار اقتصادي، أو إعلان حرب عسكرية مباشرة مثل ما يجري في أفغانستان وما يجري في ليبيا والعراق.
أمر آخر يمكن ملاحظته، هو إستعمال العديد من الدول التي لم تتحرر من عقدة «العظمة»، ولا تريد ديمقراطية في العلاقات، الحجج الواهية التي تعتمد على معطيات مفبركة للدخول في حرب تسمح لها بالتخلص من مخزونها من الأسلحة، وتجريب أكبر عدد ممكن من أنواعها في هذه الحقول التجريبية، إن صح التعبير، للوقوف على مدى فعاليتها في الميدان، وإمكانية استعمالها لتحقيق الأهداف التي رسمتها في سياساتها الدولية، إن هي اعتمدت عليها ميدانيا خلال حرب هجومية وليست دفاعية كما تتدعي.
إنها ملاحظات عولجت بدقة في ندوة النقاش بمركز «الشعب» للدراسات الاستراتيجية، التي أظهرت مدى الاهتمام بهذا الموضوع، وأثيرت في ذات الوقت مخاوف أي مستقبل للعالم في هذه الحروب الخفية التي تحاصرنا من كل مكان، وتفاجئنا بمصطلح اصطنع من أصحاب «الحروب الذكية».


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)