الجزائر

سيّدنا محمّد صلّى الله عليه وسلّم الإنسان الكامل


سيّدنا محمّد صلّى الله عليه وسلّم الإنسان الكامل
يقول العلامة مصطفى أحمد الزرقا -رحمه الله- مُمهدًا لبيان عظمة الرّسول الأكرم صلّى الله عليه وسلّم: "إذا أحصينا أسباب العظمة الحقيقية وحلّلناها نرى أنّها بالمقاييس الصّحيحة للحياة البشرية إنّما تقوم على مقوّمات ودعائم، أهمّها أربع: الصّفات النّفسية والأخلاق الشّخصية في الشّخص العظيم. ومدى الإبداع والسّمو في المبادئ والأعمال الّتي أتى بها. ومدى كفايته ونجاحه في تحقيق منهاجه الإصلاحي، أيّ مدى قدرته التنفيذية. ومدى نجاح العظيم في تكوين جيل قيادي صالح، مؤهّل لحمل مسؤولية المحافظة على المبادئ ومتابعة تنفيذها".لا شكّ أنّ سيّدنا محمّد صلّى الله عليه وسلّم ارتقى على هذه الدّعائم بالمحل الّذي لا يُضاهيه فيه بشر، ولا يقرب منه إنسان بالغًا ما بلغ! هذا ما يشهد به غير المسلمين قبل المسلمين، وحسبك أنّ الفيزيائي والمفكر الأمريكي مايكل هارت لما ألّف كتابه ”الخالدون المئة” (أتحفّظ على الأسماء الّذين اختارهم هذا الكاتب في عداد الخالدين، فقد ذكر العشرات من المجرمين والملاعين!!) جعل إمامهم وأوّلهم سيّدنا محمّدًا صلّى الله عليه وسلّم. هذا مع كونه متعصّبًا للإرث اليهودي المسيحي، وعنصريًّا عرقيًّا ومعاديًّا للمسلمين وللأعراق الملونة؟!، ولكنّه لم يستطع تجاوز الحقيقة وأنطقه الحقّ بالحقّ، والفضل ما شهدت به الأعداء.إنّ ذاكرة البشرية تحفظ أسماء العديد من العظماء من أمم مختلفة وأعصر مختلفة وأصقاع مختلفة، عظّمهم النّاس بحسب علمهم المحدود، ولكنّ سيدَنا محمّدًا صلّى الله عليه وسلّم عظّمه ربّ النّاس الّذي أحاط بكلّ شيء علمًا سبحانه!. وكثير من عظماء التاريخ عظّمتهم أعمالُهم وأثرُهم الّذي تركوه في مسار أممهم، ولكن إذا نظرنا بعين العقل والحكمة لوجدناهم عظماء في الإجرام، عظماء في الإفساد، عظماء في الظُّلم، عظماء في التّدمير، وقد اصطلت البشرية بنار حروبهم الّتي أشعلتها نزواتهم وعقدهم النّفسية، فهم أحقّ باللّعن منهم بالتّعظيم!، فكيف يذكرون مع الرّحمة المُهداة الّذي عمّت رحمته النّاس جميعَهم مؤمنَهم وكافرَهم، بل الخلقَ جميعَهم حتّى الحيوان الأعجم! كذلك كثير من عظماء التّاريخ تجلّت عظمتهم في جانب واحد من نواحي الحياة، في الحكم أو العلم أو الحرب أو الخلق.وفي مرحلة واحدة هي غالبًا مرحلة النُّضج والتّمكين، وفي حالة واحدة هي حالة النّصر والظفر، فكيف تقاس عظمتهم بعظمة سيّدنا محمّد صلّى الله عليه وسلم وقد أحاطت عظمته بنواحي الحياة وغمرت جوانب الإنسانية: فهو العظيم خُلُقًا وعِلْمًا، وهو العظيم حربًا وسِلمًا، وهو العظيم عدلًا وحُكمًا، وهو العظيم كهلًا وشابًا، وهو العظيم زوجًا وعزبًا، وهو العظيم صاحبًا وأبًا، وهو العظيم معلّمًا وقائدًا، وهو العظيم داعيًا ومرشدًا، وهو العظيم مربّيًا وهاديًا، وهو العظيم أثرًا وإصلاحًا... ”اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَاتَهُ”.إنّ الشّجرة كلّما كثر ثمرها وطالت أغصانها رماها النّاس بالأحجار فتجود عليهم بأطيب الثمار، فلا عجب بعد ذلك أن يكثر السّفهاء الّذين يرمون رسولنا صلّى الله عليه وسلّم بأحجار الشُّبهات وأحجار الإساءات وأحجار الجحود وأحجار العناد ”وأين الأشجار من سيّد الأبرار صلّى الله عليه وسلّم؟ ولكنّه مثل للإفهام، وكما قال أبو تمام: فالله قد ضَرَبَ الأَقَلَّ لِنُورِهِ ... مَثَلاً منَ المِشْكَاةِ وَالنِّبْرَاسِ”، لكن مع كثرت المعاندين والجاحدين وكثرت إساءاتهم فإنّنا لن نجد أبدًا مَن اتّهم -في الماضي القريب والبعيد-، ولا من يتّهم -في الحاضر والمستقبل- سيّدنا محمّدًا صلّى الله عليه وسلّم بأنّه خالف حكمًا -ولو صغيرًا- ممّا أتى به من تعاليم وشرائع وأخلاق وفضائل، وهذه شهادة منهم لو كانوا يفقهون بصدقه وعظمته، ولكنّهم قوم يجهلون!إمام وأستاذ الشّريعة بالمدرسة العليا للأساتذة


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)