الجزائر

سوريا :نحو ترميم النظام وتطهير المعارضة


سوريا :نحو ترميم النظام وتطهير المعارضة
قد لا يعلن الرئيس الأميركي باراك أوباما أيَّ موقف يوحي بأنّه تراجع عن توجيه ضربته العسكرية إلى دمشق.لكنّ التسريبات الاميركية والاسرائيلية قبل اكثر من اسبوع، والتي سبَقت الاعلان الروسي عن "مبادرة" يدرسها الرئيس السوري بشّار الاسد، تقضي بوضع السلاح الكيماوي تحت إشراف دولي، توحي بأنّ الاتصالات السياسية قطعت شوطاً كبيراً في توقّع حصول تحوّل سياسي في الموقف ممّا يجري في سوريا.وفي هذا الإطار، أوضح مسؤولون في الخارجية الأميركية أنّ اقتراح وضع السلاح الكيماوي تَحت إشراف دولي قد سُلِّم إلى الروس قبل اجتماع مجموعة العشرين في سان بطرسبرغ، وأنّ مسؤولين سياسيّين وعسكريّين من البلدين تبادلوا الآراء في شأنه.ولفتت الاوساط إلى أنّ حجم الضغوط الاميركية وجدّيتها، أجبرت الروس والايرانيين والسوريين، وحتى "حزب الله"، على انتظار ما يمكن صدوره من اقتراحات يمكن درسها للخروج من المأزق السياسي الذي وضع نظام الاسد نفسه وحلفاءه فيه من جرّاء استعمال السلاح الكيماوي في الغوطة.وأشارت إلى أنّ ردود الفعل ونوعية التهديدات التي حاول هذا المحور إشاعتها في الايام القليلة الماضية، تُظهر حجم الإحراج الذي كان فيه.وفي معزل عن نوعيّة التصويت الذي قد يشهده الكونغرس، فإنّ إدارة الرئيس الاميركي باراك اوباما قد قطعت نصف الطريق سياسياً.فالتراجع الذي حصل يؤمّن له دعماً معنوياً كبيراً داخل اروقة الكونغرس، ويمكّنه من الادّعاء بأنّه حقَّق نصراً حتى من دون استعمال القوة، بعدما تسلَّح بخيار وضع الاسلحة الكيماوية خارج اللعبة، الامر الذي يعني سياسياً أنّ قرار التصويت الداخلي في الكونغرس بات شكلياً.وقد شدّد كبير موظفي البيت الابيض بن رودس امس على وجوب "أن لا ننسى أنّ صدور الاقتراح الروسي، كان نتيجة الضغط الاميركي، وأنّ الأسد وحلفاءه قد فهموا الرسالة".ويظهر ما جرى حتى الساعة أنّ الأزمة السورية لا تزال تدار بقرار منقسم بين محورين، وقد بدا واضحاً في الايام الماضية أنّ القرار الاميركي فيها حاسم بكل المقاييس، إذا وجدت النيّة في التحرّك او في وضع حدٍّ لمسارها.ويظهر ما جرى أيضاً أنّ الادارة الاميركية قد دخلت فعلاً في مسار جديد في إدارة ملفات المنطقة، بعد سلسلة التغييرات السياسية المتسارعة التي حصلت في اكثر من بلد.ويوحي كلام اوباما عن استراتيجية جديدة لتغيير الوضع في سوريا، بحسب اوساط اميركية، أنّ واشنطن ليست مستعدة حتى اللحظة للاستغناء عن الاسد، ليس كشخص، بل كنظام سياسي ينبغي إعادة "تنظيمه وترتيبه".فالتسريبات والاقتراحات الكثيرة المتداولة بالنسبة الى سبل الاتفاق على المرحلة الانتقالية العتيدة، تظهر الحاجة الى الحفاظ على ما تبقّى من قوّة عسكرية وأمنية للنظام، وتطعيمه بقوى سياسية وعسكرية من المعارضة الميدانية.وتقول اوساط قريبة من وزارة الدفاع إنّ اقتراح الاتفاق على وقف إطلاق النار بين دمشق والمعارضة، قد رُفض لأنه لا يؤمّن عملياً الوصول الى بداية تطبيق العملية الانتقالية في سوريا. وتؤكّد تلك الاوساط أنّ هذه العملية ستطول بعض الشيء لأنها ستتعامل مع اكثر من ملف، خصوصاً أنّ البديل عن النظام غير متوافر، فضلاً عن أنّ تمثيل المعارضة السورية لا يختلف كثيراً عمّا تمثله المعارضة المصرية "الديموقراطية" مثلاً على الأرض.وتعتقد تلك الاوساط أنّ تسليح المعارضة السورية المعتدلة سيشهد انتعاشاً جدّياً، في ما يشبه العملية المزدوجة: محاصرة دور القوى المتطرفة من جماعة "النصرة" والمرتبطين بتنظيم "القاعدة" وتحجيمها، وإفهام القوى المتحلّقة حول شخص الأسد ضرورة تغيير الأداء لتسهيل الاتّفاق على وضع حدّ للحرب الدائرة. وعلى رغم من أنّ الامر الاخير لا يزال بعيد المنال، إلّا أنّ الاتفاق على تحييد السلاح الكيماوي من شأنه فتح البحث في شأن أفق سياسي لمستقبل السلطة في سوريا بعد الاسد.وترى تلك الاوساط أنّ الامر مرهون بكثير من الملفات الاقليمية، سواءٌ في تركيا او العراق او ايران، فالاتفاق على تحييد السلاح الكيماوي في سوريا سيشكّل سابقة يمكن اعتمادها لاحقاً في الملف النووي الايراني. وتذكّر الأوساط بأنّه حين قصَفت اسرائيل مخازن السلاح والصواريخ التي كان يُشتبه في إمكان أن يسلّمها النظام الى "حزب الله"، ثمّ استعماله السلاح الكيماوي عندما شعر بأنه يُستبعد من التسوية، كان الموقف الدولي حاسماً، في تأمين الحماية لإسرائيل، مع توقف صفقات الاسلحة الاستراتيجية الروسية الى النظام السوري.وسيتكرّر الامر نفسه مع ايران، والتحالف الدولي الذي يمكن أن ينجح في تأمين مخرج للسلاح الكيماوي السوري، قادر على الاتفاق على مخرج مماثل لمخزون اليورانيوم الإيراني المخصّب.
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)