من المعلوم أن سورة الأنعام مكية وقد نزلت جملة واحدة -على أرجح الأقوال- وحولها سبعون ألف ملك يجأرون حولها بالتسبيح• والواقع أن سياق السورة في تماسكه وتدافعه وتدفقه يوقع في القلب أن هذه السورة نهر يتدفّق، بلا حواجز ولا فواصل• هذا الموكب، وهذا الارتجاج، واضح ظلهما في هذه السورة، إنها هي ذاتها موكب ترتج له النفس والكون، زحمة من المواقف والمشاهد والإيقاعات تشبه مجرى النهر المتدافع بالأمواج المتلاحقة، ما تكاد الموجة تصل إلى قرارها حتى تبدو الموجة التالية ملاحقة لها، ومتشابكة معها في المجرى المتّصل المتدفق، وفي كل موجة تبلغ حد ''الروعة الباهرة بالإيقاع التصويري والتعبيري ومواجهة النفس من كل درب ومن كل نافذة''• وهي نموذج كامل للقرآن المكي تمثل خصائصه ومنهجه مع احتفاظها ''بشخصيتها'' الخاصة؛ فلكل سورة شخصيتها، وملامحها، وطريقة عرضها لموضوعها الرئيسي• إنها في جملتها تعرض ''حقيقة الألوهية'' في مجال الكون والحياة، والنفس والضمير، ومشاهد القيامة، ومواقف الخلق، وتطوف بالنفس البشرية في ملكوت السماوات والأرض، وتقف بها على مصارع الأمم الخالية، ثم تسبح بها في ظلمات البر والبحر•• حشد كوني يزحم أقطار النفس•• ثم إنها اللّمسات المبدعة المحيية فإذا بكل مألوف من المشاهد والمشاعر، جديد نابض، كأنما تتلقاه النفس أول مرة•
-
تعليقكـم
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
تاريخ الإضافة : 07/01/2010
مضاف من طرف : sofiane
المصدر : www.al-fadjr.com