لم يرفع الوزير الأول، عبد المالك سلال، من وتيرة دفاعاته على حصيلة إنجازات الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، خلال تصريحاته في لقاءاته مع المواطنين في الولايات، بل رفع أيضا من أسهم انتقاداته لخصومه السياسيين ولأحزاب المعارضة التي يرى أنها تتكلم بفضل إصلاحات بوتفليقة السياسية. فهل هي القناعة أم الحسابات؟موازاة مع تأكيده أن بوتفليقة هو الذي أطفأ نار الفتنة في الجزائر بفضل ”سياسة المصالحة الوطنية” التي تبناها رئيس الجمهورية منذ صعوده إلى سدة الحكم، وهو موقف بحاجة إلى أكثر من توضيح، لأنه سبق تلك السياسة مشروع التوبة للرئيس زروال، أطلق الوزير الأول النار على من قال إنهم ”تساهلوا مع المتلاعبين بالثوابت الوطنية”، في إشارة إلى حكومة مولود حمروش، حتى وإن لم يسمّها بالاسم، باعتبارها كانت وراء اعتماد ”الفيس”. وقبل ذلك، قال سلال بأن الأحزاب لم تكن لتتحدث وتنتقد لولا إصلاحات الرئيس السياسية، وهو ما يعني أنه قبل 1999 لم تكن هناك تعددية سياسية، رغم أن المعروف أن الرئيس بوتفليقة غلق باب اعتماد أحزاب جديدة لمدة تجاوزت ال10 سنوات كاملة.وما يسجل في هذا السياق أنه منذ الانتقادات التي وجهها له الأمين العام للأفالان، عمار سعداني، بأنه ”لاعب سيء في السياسة”، والتي فهم منها أنها ترمي إلى إضعافه وفرملة طموحاته، لم يعد عبد المالك سلال يفوّت أي فرصة، سواء في زياراته للولايات أو لقاءاته الرسمية، دون أن يرفع أكثر سقف الدفاع عن حصيلة إنجازات رئيس الجمهورية، وكأنه في تسابق مع أحزاب المساندة حول من يبدي ولاءً أكبر للرئيس بوتفليقة، بل تحوّل سلال أيضا من مدافع على سياسة الرئيس إلى متهجم على قيادات الأحزاب المعارضة التي تنتقد حصيلة العهدات الرئاسية، وهو ما يطرح علامات استفهام حول السر وراء هذا التوجه الهجومي للوزير الأول؟لا يمكن جعل تحركات الوزير الأول بمعزل عما يجري ”تخييطه” في الخفاء داخل أجهزة النظام، بشأن تعديل الدستور وإنشاء منصب نائب للرئيس، وأيضا بين عدم ترشح بوتفليقة وفرض بصماته في اختياره لخليفته، هي كلها قضايا حساسة مثلما كانت وراء جلب الاستعداء لسلال من قِبل محيط مقرب إلى رئيس الجمهورية تجسّد في انتقادات عمار سعداني لحاكم قصر الدكتور سعدان، مثلما جعلت الوزير الأول يتيقن بأن فرصة تربّعه على عرش الحضور القوي في الساحة الوطنية لتغطية عجز الرئيس بسبب المرض قد جعله في موقع يحسد عليه من قِبل محيط الرئيس، وذلك لما أصبح يتمتع به ولو نظريا من سلطة وقوة قد تكسبه أسبقية يتعذّر اللحاق به على من يريدون قطع الطريق أمامه، ضمن حسابات الرئاسيات المقبلة، من باب أنه بالنسبة لهم ليس محسوبا على جماعة الرئيس، بل مقربا أكثر للمؤسسة العسكرية والأمنية.وتكون هذه الوضعية، التي لم تترك الكثير من الخيارات، وراء حمل سلال عصا الدفاع عن حصيلة إنجازات بوتفليقة لمنع خصومه من المزايدة عليه في هذا الجانب، على الأقل من باب أنه يعدّ أحد صانعيها سواء كوزير للموارد المائية سابقا أو كوزير أول اليوم، كما انتقل خطوة أخرى متقدّمة عن خصومه، من خلال خروجه علانية لمواجهة أحزاب المعارضة التي استطاعت تمرير طروحاتها، في ظل فراغ الساحة السياسية جراء حالة التصدع الذي يعرفها حزبا السلطة الأفالان وبدرجة أقل الأرندي، وذلك من باب الرد على من يتهمونه بشنّ حملة انتخابية مبكرا.
-
تعليقكـم
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
تاريخ الإضافة : 13/12/2013
مضاف من طرف : presse-algerie
صاحب المقال : ح سليمان
المصدر : www.elkhabar.com