الجزائر

سكان المدن الكبرى يبدأون ب"النزوح" إلى الأرياف



سكان المدن الكبرى يبدأون ب
تسبّبت الأزمة الأمنية التي عرفتها الجزائر خلال العشرية السوداء في نزوح كاسح إلى المدن الكبرى، وهي الموجة الثانية بعد موجة النزوح الأولى التي عرفتها البلاد بعد الاستقلال، فنمت من حيث الحجم والعدد، وتضاعف عدد سكانها 3 مرات تقريبا بداية سنة 2000، وباتت بعض المناطق الريفية شبه خالية من الجزائريين، ومنها ما خلت تماما، إلا أنه مؤخرا استشرت ظاهرة نزوح أبناء المدن إلى مناطق صحراوية وريفية ولبسوا ثوب الفلاح، تاركين وراءهم ضوضاء المدينة، وضغوط العمل في الإدارة."الشروق" رصدت في الجزائر الوسطى رغبة وشوق بعض العاصميين إلى حياة الريف، وهم شبان وكهول عاش أجدادُهم منذ الاستعمار الفرنسي في المدينة ولم يعرفوا عن الريف إلا زيارات نادرة إلى العشيرة.يقول عمر خلافية، وهو مهندس معماري، في ال40 من عمره، يقطن في الأبيار، إنه ينوي تكوين ملف للحصول على قرض للاستثمار في الفلاحة والسكن في منطقة نائية ناحية عين وسارة بالجلفة، وأكد أن ثلاثة من أصدقائه، تركوا العاصمة وتوجهوا إلى ولاية الجلفة حيث بدؤوا مشروعهم الفلاحي. من جهته، يرى بوزيد بوغانم، وهو موظف في مؤسسة خاصة بالبليدة، أن الحياة في المدينة أصبحت لا تطاق يقول: "ألبس جلابية فلاح وأزرع وأقلب الأرض وأترك العاصمة لأهلها، لا أريد سوى وزارة الفلاحة أن تدعمني".ويضيف: "زوج أختي ابن حيدرة كان لا يخرج عن حدودها، لكنه اليوم يعيش في منطقة صغيرة بولاية تيارت".إلى ذلك، كشف المنسق العام لاتحاد جمعيات اللحوم، محمد الطاهر رمرام، عن نيته في مغادرة العاصمة والتوجه نحو النعامة للاستثمار في الأغنام، وقال إنه يفكر في تمدرس أبنائه هناك، مشيرا إلى أن الكثير من أصدقائه العاصميين، يعيشون الآن في عين الصفراء، والنعامة، واستقروا هناك منذ سنتين تقريبا، وتركوا العمل في الإدارة وفضلوا تربية الأغنام.رمرام، قال إن المشكل الذي يواجه اليوم الجزائريين الراغبين في الفلاحة والسكن في الريف، هو الأمن وقلة المؤسسات التربوية التي يدرس فيها أبناؤهم.وأكد المكلف بالاتصال في وزارة الفلاحة، جمال برشيش، ل"الشروق"، أن الوزارة تبحث عن آليات جديدة لتشجيع الإقبال على الفلاحة، مضيفا أن مستثمرين جزائريين وأجانب سيستقطبون الشباب إلى مناطق نائية من خلال مشاريع كبيرة في الزراعية وتربية الحيوانات. المدن الكبرى فقدت طعمهايرى المختص وأستاذ علم النفس بجامعة الجزائر، محمد حامق، أن حياة المدينة في عصر التكنولوجيا، والضوضاء والاكتظاظ، أصبحت مفرغة من محتواها، وفقدت طعمها، وبات التغير الاجتماعي يدفع الجزائريين إلى إعادة النظر في حياتهم والتفكير في العيش بعيدا عن هذا المحيط الذي عرف جنوحا في السلوكيات، وانتشارا للجريمة والاعتداءات والمخدرات، والعفن الأخلاقي.وأوضح حامق أن ضوضاء المدن الجزائرية الكبرى، وازدحام السيارات، أدى إلى انهيارات عصبية وأزمات نفسية والتوتر والحذر الشديد دون معرفة السبب، وأمراض عصرية أخرى.وأضاف حامق أن المجازر التي ارتكبت خلال العشرية السوداء زحف بسببها سكان الأرياف إلى المدن الكبرى، وتولد عند بعض الأسر الريفية عدم التكيف مع متطلبات حياة المدينة، ما أدى إلى انقلاب كبير على المستوى الأخلاقي والاقتصادي، وجنح أفرادها وضاق أبناء المدن ببعض السلوكيات ففكروا في الريف.




سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)