الجزائر

سعد اللّه عاش وفيا للغة العربية يغادرنا



سعد اللّه عاش وفيا للغة العربية يغادرنا
توفي يوم الرابع عشر ديسمبر- كانون الأول 2013 المفكر الكبير شيخ المؤرخين الجزائريين الدكتور أبو القاسم سعد اللّه، الذي أغنى المكتبة الجزائرية والعربية بمجلدات أهمها: ”أبحاث وآراء في تاريخ الجزائر” 5ج، ”تاريخ الجزائر الثقافي” 9ج، ”الحركة الوطنية الجزائرية” 4ج.كان المرحوم ابن الريف الجزائري، يرعى النخيل ويجني التمور ويقلب الأرض ويفلح أرض أسرته المتواضعة، وتعلم العربية في كتّاب تحفيظ القرآن، ثم صعد إلى جامع الزيتونة فحصل على التحصيل، وانتقل بعد ذلك إلى القاهرة فحصل من جامعة القاهرة على الإجازة والماجستير في اللغة العربية، ثم انتقل لأمريكا فحصل على الدكتوراه.كان وفيا للغة العربية، يعرف الفرنسية والإنجليزية والفارسية لكنه لا يكتب إلا باللغة العربية. من مؤسسي الجمعية الجزائرية للدفاع عن اللغة العربية سنة 1989، ومن المشرفين على مجلتها ”الكلمة”. ومن كتاباته دراسة قيّمة عنوانها ”اللغة العربية في مواثيق الحركة الوطنية” التي نشرها في مجلة ”الكلمة” عدد 3/11/1992، والتي ثبّتت في كتاب ”الجمعية الجزائرية للدفاع عن اللغة العربية 15 سنة من النضال في خدمة اللغة العربية” الصادر سنة 2005 صفحة 279، وإلى القراء خلاصة الدراسة المذكورة:* المرحلة الأولى 1830-1919: وجد الفرنسيون العربية منتشرة وكانت العثمانية قليلة التداول حتى بين الأتراك، وكانت التركية تكتب بالحرف العربي. اضطر الفرنسيون إلى فرض تعلم اللغة العربية على الضباط والمسؤولين بالجزائر، وأول من فرض ذلك المارشال بوجو، من منطلق لكي تحكم الشعب الجزائري وتتحكم فيه لا بد أن تكون عارفا بلغته. واجهت الهجمةَ الفرنسية الدراساتُ الحرة بالزوايا التي كانت تعلّم اللغة العربية والتي لعبت دورا هاما في الحفاظ على لغة القرآن الكريم. كما واجه هذه الهجمة الدارسون في الأقطار العربية مثل صالح بن مهنّة الذي تخرج من الجامع الأزهر بالقاهرة، ومحمد الديسي وعاشور الخنقي وعمر راسم، وغيرهم الذين ظهروا قبل 1919. وكان المواطنون يطالبون باستمرار بعرائضهم السلطات الفرنسية باحترام اللغة العربية وتعليمها.* المرحلة الثانية منذ 1920: تتمثل في أن وسائل الإعلام الرسمية للأحزاب والجمعيات الوطنية كانت تصدر إما بالعربية فقط وإما باللغتين، تقوم بهذا حتى تلك الجمعيات التي تسمى ”الاندماجيين”. وعندما تأسس ”نجم الشمال الإفريقي” في فرنسا اهتم فرعه في الجزائر باللغة العربية، وطالب سنة 1927 بإنشاء المدارس باللغة العربية. وحلّت السلطات الاستعمارية ”النجم” سنة 1929 غداة الاحتفال المئوي بالاحتلال، لكنه أعاد تنظيم نفسه وهو منحلّ سنة 1933 وقد جاء في برنامجه (بعد أن خرج منه التونسيون والمراكشيون) ما يلي: ”المادة الثامنة: تعليم اللغة العربية تعليما إجباريا. وفي مادة أخرى جاء: اللغة الرسمية للبلاد هي اللغة العربية”. وتأسس حزب الشعب الجزائري على أنقاض ”النجم” سنة 1937 وأثناء مؤتمره العام الذي عقد سنة 1938 طالب حزب الشعب بما يلي حول اللغة العربية: 1- إصدار مرسوم بجعل اللغة العربية إجبارية في جميع مستويات التعليم، على غرار الوضع في تونس ومراكش والمشرق العربي. 2 -الحرية المطلقة للتعليم الحر (والمقصود بالحرّ التعليم باللغة العربية الذي كانت تمارسه جمعية العلماء، والذي كان يتعرّض لاضطهادات إدارية قاسية مثل قراري ميشيل 1933 ورينييه 1935). وتأسست حركة انتصار الحريات الديمقراطية سنة 1946 والتي هي استمرار لحزب الشعب حيث سارت على منهاجه في حماية اللغة العربية والدعوة لها. أما جمعية العلماء فقد تأسست على الحفاظ على اللغة العربية، فقد قدّمت مطالب للمؤتمر الإسلامي سنة 1936 والتي تبناها المؤتمرون جميعا (وفيهم النخبة والشيوعيون والنواب) وهي: 1- إلغاء كل ما اتخذ ضد اللغة العربية من وسائل استثنائية، وإلغاء اعتبارها لغة أجنبية.2- الحرية التامة في تعلم اللغة العربية.أما (بيان الشعب الجزائري) الذي أصدرته سائر الأحزاب والجمعيات سنة 1943 أثناء الحرب العالمية الثانية بحضور جيوش الحلفاء وعلى رأسهم الجيش الأمريكي، فقد جاء فيه ”الاعتراف باللغة العربية لغة رسمية على قدم المساواة مع اللغة الفرنسية” ، وقد قُدم البيان المذكور إلى ممثلي الحلفاء: الأمريكيين والإنجليز والفرنسيين.لقد غادر أبو القاسم سعد اللّه دنيانا حزينا على عدم وفاء دولة الاستقلال لمطلب الشعب الجزائري في جهاده من أجل هوية وطنية كاملة التي تعني سيادة اللغة العربية، رحل حزينا لأن الذي يسيطر على الدولة بعد نصف قرن من الاستقلال هي اللغة الفرنسية، وأن لغة البلاد والعباد مهمشة.رحم اللّه أبا القاسم سعد اللّه الذي عاش وفيا لمقومات الشعب خادما لتاريخه وهويته. رئيس الجمعية الجزائرية للدفاع عن اللغة العربية




سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)