الجزائر

سعادة الرحماني من "ابن خلدون"



سيدي سعادة الرحماني القائم بالنسبة في الرياح كان هذا الرجل من المسلم إحدى شعوب رياح، ثم من رحمان منهم، و كانت أمة تدعى خصيبة و كانت من أعلى مقامات العبادة و الورع، ونشأ هو منتحلا للعبادة و الزهد، فارتحلغلى المغرب، و لقي الشيخ الصالحين و الفقهاء لذلك العهد بنواحي تازة أبا إسحاق التولي، و أخذ عنه و لزمه و تفقه، و رجع إلى و طن رياح بفقه صحيح و ورع و قاد، و نزل طولقة من بلاد الزاب.
و أخذ نفسه بتغيير النكر على أقاربه و عشيره من صحبه أو عرفه، فاشتهر بذلك و كثرت غاشيته من قومه و غيرهم، ولزم صحبته منهم أعلام عاهدوه على التزام طريقه، كان من اشهرهم أبو بحب بن أحمد بن عمر شيخ بني محمد بن مسعود، من الذواوة، وعطية بن سليمان بن سابع شيخ أولاد شباع بن يحي منهم، و عيسى بن يحي بن إدريس شيخ أولاد إدريس من أولاد عساكر، منهم و حسن بن سلامة شيخ أولاد طلحة بن يحي بن دريد ابن مسعود منهم، و هجرس بن علي من أولاد يزيد بن زغبة، و رجالات من العطاف من زغبة، في كثير من أتباعهم و المستضعفين من قومهم، فكثر بذلك تابعه و استظهر بهم على شأنه في إقامة السنة، و تغيير المنكر على من جاء به و اشتد على قاطع الطريق من شرار البوادي، ثم تخطى في ذلك إلى العمال، فطلب عمال الزاب يومئذ منصور بن فضل بن مزني بإعفاء الرعايا من المكوس و الظلامات، فامتنع من ذلك و عزم على الإيقاع به، فحال دونه عشائر أصحابه و بايعوه غلى إقامة السنة و الموت دونه في ذلك، و آذنهم ابن مزني بالحرب، و دعا لذلك أقيالهم و نظراءهم من قومهم، وكان لذلك العهد علي بن أحمد بن عمر بن محمد قام برئاسة أولاد محمد، وسليمان بن علي ابن سباع قد قام برئاسة أولاد يحي، و اقتسموا رئاسة الذواودة فظاهروا ابن مزني على مدافعة سعادة و أصحابه المرابطين من إخوانهم و كان أمر ابن مزني و الزاب يومئذ راجعا إلى صاحب بجاية من بني أبي حفص و هو الأمير خالد بن الأمير أبي زكرياء و القائم بدولته أبو عبد الرحمن بن عمرن وبعث إليه ابن مزني في المدد فأمده بالعساكر و الجيوش و أوعز إلى أهل طولقة بالقبض على سعادة فخرج منها و ابتنى بجانبها زواية ونزل بها هو أصحابه ثم جمع أصحابه المرابطين و كان يسميهم السنية، و زحفوا إلى بسكرة، و حاصروا ابن مزني سنة (هنا بياض في النسخ)، و قطعوا نخيلها و امتنعت عليهم فرحلوا عنها، ثم أعادوا حصارها سنة (هنا بياض آخر)، و امتنعت ثم انحدر أصحاب سعادة من الذواودة إلى مشاتيهم سنة خمس و سبع مئة (705)، و أقام المرابط سعادة بزوايته من زاب طولقة و جمع من كان إليه من المرابطين المتخلفين عن الناجعة، و غزا مليلي و حضرها أياما، وبعثوا بالصريخ إلى ابن مزني العسكر السلطاني مقيم عنده ببسكرة، فأركبهم ليلا مع أولاد حربي من الذواودة، و صحبوا سعادة و أصحابه على مليلي، فكانت بينهم جولة قتل فيها سعادة، و استحلم الكثير من أصحابه و حمل رأسه إلى ابن مزني.
و بلغ الخبر إلى أصحابه بمشاتيهم فظهروا إلى الزاب و رؤساؤهم أبو يحي ابن أحمد بن عمر شيخ أولاد محرز، وعطية بن سليمان شيخ أولاد سباع، و عيسى بن يحي شيخ أولاد عساكر، و محمد بن حسن شيخ أولاد عطية، ورئاستهم جميعا راجعة لأبي يحي بن أحمد و نازلوا بسكرة و قطعوا نخيلها، و تقبضوا على عمال ابن مزني، فأحرقوهم بالنار و اتسع الخرق بينهم و بينه، و نادى ابن مزني في أوليائه من الذواودة فاجتمع إليه علي بن أحمد شيخ أولاد محمد و سليمان بن علي شيخ أولاد سباع و هما يومئذ نحلاء الذواودة و خرج ابنه علي بينهم بعساكر السلطان، و تزحفوا بالصحراء سنة ثلاث عشرة و سبع مئة (713)، فغلبهم المرابطون و قتل علي ابن مزني، وتقبض على علي بن أحمد فقادوه أسيرا، ثم أطلقه عيسى بن يحي رعيا لأخيه أبي يحي بن أحمد و استفحل أمر هؤلاء السنية ما شاء الله أن يستفحل ثن هلك أبو يحي بن أحمد و عيسى بن يحي، وخلت أحياء أولاد محرز من هؤلاء السنية و تفاوض السنية فيمن يقيمونه بينهم للفتيا في الأحكام و العبادات فوقع نظرهم على الفقيه أبي عبد الله محمد بن الأزرق من فقهاء مقره و كان أخذ العلم ببجاية على أبي محمد الزواوي من كبار مشيختها فقصدوه في ذلك و أجابهم و ارتحل معهم و نزل على حسن بن سلامة شيخ أولاد طلحة و اجتمع إليه السنية، و استحفل بهم جانب أولاد سباع و أجلبوا على الزاب و حاربوا علي بن أحمد طويلا و كان السلطان أبو تاشفين حين كان يجلب على أوطان الموحدين و يخيب عليهم أولياءهم من العرب بعث هؤلاء السنية بالجزائر يستدعى بذلك ولايتهم و يبعث معهم للفقيه ابن الأزرق بجائزة معلومة في كل سنة، و لم يزل ابن الإزرق مقيما لرسمهم إلى أن غلبهم على أمرهم ذلك علي بن أحمد شيخ أولاد محمد و هلك حسن ابن سلامة.
و انقرض أمر السنية من رياح و نزل ابن الأرزق بسكرة و استدعى يوسف بن مزني لقضائها تفريقا لأمر السنية فأجابه و نزل عنده فولاه القضاء ببسكرة إلى أن هلك سنة (بياض في النسخ) ثم قام علي بن أحمد بهذه السنة بعد حين و دعا إليها و جمع لابن مزني سنة أربعين و سبع مئة، و نازل بسكرة و جاءه مدد أهل ريغ، و أقام محاصرا لها أشهرا و امتنعت عليه فالع عنها و راجع يوسف مزني و صار والي الولاية إلى أن هلك علي بن أحمد، و بقي من عقب سعادة في زاويته بنون و حفدة، يوجب لهم ابن مزني رعاية و تعرف لهم أعرب الفلاة من رياح حقا في إجازة من يجيرونه من أهل السابلة اهـ.
و من أولاد سيدي سعادة في الجزائر لهذا العهد رجلان متفان بالفضل و الصلاح و المحافظة على الخمس و الطهارة القلبية و القالبية، أحدهما اسمه الحاج صالح بن سعادة، و آخر صهره زوج ابنته، و اسمه أحمد بن سعادة و للأول ولد يدعى عبد الرحمن، و للثاني آخر يسمى الصادق.



هل سميت بوسعاده باسم سيدي سعاده
البوسعادي - متقاعد - Bou Saada - الجزائر

09/01/2022 - 534931

Commentaires

سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)