الجزائر

سحب أوراق الفتنة



سحب أوراق الفتنة
تكشف التطورات الأخيرة الحاصلة في قطاعي الصحة العمومية و التربية الوطنية، عن تدخل حكيم و رزين للسلطات العليا من أجل تصحيح الأمور و إعادتها إلى نصابها الطبيعي في الوقت اللاّزم، و الأكثر من ذلك سحب أوراق من بين يدي أطراف تحرّض التلاميذ و تدفعهم إلى النزول إلى الشوارع، و جهات تريد التلاعب بصحة المواطنين.التربية و الصحة قطاعان حسّاسان للغاية، و لا يمكن للدولة ممثلة في سلطاتها السلّمية أن تترك أي جهة غريبة تدخل على الخط للتلاعب بمستقبل أبناء الجزائر و الزّج بهم في غيابات الشوارع و الساحات العامة و في مناطق محدّدة بعينها دأبت على الاحتجاج، أو أن تتنصّل من مسؤولياتها الأخلاقية في حماية المجتمع من المشعوذين و المتطرفين الذين غزوا قطاعات حسّاسة على علاقة مباشرة بحياة المواطن.بالأمس فقط عمدت وزارة التربية الوطنية إلى إجراء تعديل على العطلة الشتوية التي مددّت إلى عشرين يوما بعدما كانت عشرة أيام، وهذا على خلفية إنزال المئات من تلاميذ البكالوريا إلى الشوارع في حركة احتجاجية غريبة، بدعوى تقصير أيام العطلة حتى أن هناك من قام برشق مديرية التربية بإحدى الولايات.على كل ليست هذه هي المرة الأولى التي تجاري فيها الوزارة الوصية رغبات التلاميذ، فقد استجابت منذ أسابيع لطلبات الطلبة المحتجين على الترتيبات الجديدة لنظام إجراء امتحانات البكالوريا.في قطاع الصحة تدخل رئيس الحكومة بنفسه حسب وزير القطاع، لسحب "الدواء المعجزة" الذي أثار زوبعة وطنية لم تهدأ إلى الآن، حيث خلق حالة من الخوف لدى مرضى السكري و القلق لدى أهاليهم، بالإضافة إلى مخاوف مستوردي و منتجي دواء الأنسولين الذي تتوقف عليه حياة المريض.و قد أدخل أكثر من وزير في هذا الملف الشائك الذي مازال يلقي بظلاله على الحياة الوطنية و المجلس الشعبي الوطني يستعد لدراسة قانون الصحة الجديد المطالب أكثر من أي وقت مضى، بحماية الصحة العمومية من ممارسات غير أخلاقية تتعارض مع قسم هيبوقراط الشهير، و من موجة كاسحة للدروشة و الشعوذة التي تعود بالجزائريين إلى العصور الخالية، و تضرب عرض الحائط بالمكتسبات الصحية التي حققتها المنظومة بفضل ما رصدته الدولة من أغلفة مالية ضخمة.إذا كان البعض يعتبر أن مثل هذه الحوادث العرضية، تنّم عن بعض الصعوبات الموضوعية و العراقيل المنتظرة، التي تعترض مسيرة الإصلاحات التي شرع فيها في مواضيع محددّة على غرار قطاعي التربية و الصحة، فالأكيد أن الأخطاء المهنية أو العراقيل مهما كانت صعوباتها لن تثني الدولة عن مواصلة الإصلاحات في القطاعات المذكورة، بصفة تدريجية و مرحلية، مع مراعاة إشراك أكبر عدد من المعنيين و المهنيين حتى لا نعطي الانطباع و كأننا أمام حقل تجارب معزول لا علاقة له بمحيطه القريب.وهكذا تبدو الإصلاحات المرتبطة بحياة قطاع واسع من الجزائريين، من صحة و تعليم و شغل، أكثر حساسية و تأثيرا، و لذلك كما تحتاج دوما إلى المزيد من التوافق و الإجماع ما أمكن، لأنها قضايا تهم الجميع، فهي تحتاج أيضا إلى التحكيم و الفصل على مستوى عال لسحب أوراق الفتنة من المغامرين الذين يتصيّدون الفرص والأخطاء للطعن في المسيرة.


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)