سحابة كلثوم أستاذة مختصة في علم اجتماع الإجرام لل «الجمهورية»

* الجمهورية: ماذا يمكن أن يقول المختصون في علم الاجتماع عن ظاهرة حرب العصابات بشوارع وهران ؟- الأستاذة سحابة : في الحقيقة أضحت حرب العصابات بوهران ظاهرة والغريب أنها انتشرت في فترة وجيزة ،لم نكن كمجتمع نعرف هذا النوع من الإجرام بالرغم من أنه كغيره من المجتمعات لا يخلو من الجريمة المنظمة لكن حرب العصابات التي استفعلت الى درجة أضحت فيها الشجارات العنيفة تقع بين أحياء سكنية كاملة كما حدث منذ فترة بين حيي الحمري ومديوني هذا الأمر دخيل على مجتمعنا من حيث التفعيل حتى أنها اصبحت بالنسبة للمواطن العادي أمرا مثيرا يبحث عن مستجداته كحدث لا يجب تضيع فرصة مشاهدته ومعرفة وقائعه وتفاصيله* الجمهورية: هل يمكن اعتبار حرب العصابات شكل من اشكال الجريمة المنظمة ؟ - الأستاذة سحابة : نعم بالطبع هي جريمة منظمة لأنه عندما نقول حرب العصابات , فالعصابة هي مؤسسة لا تقوم من فراغ وإنما من هيئة تنظيمية مهما كان مستواها فقد تكون ذات مستوى عال او بسيط وعرضي , ولما نقول عصابة فهناك افراد ورئيس وهناك اجتماع وهذا الاخير مهما كان نوعه فهو لن يكون من فراغ وإنما لغاية وهدف معينين لذا يقوم هذا التنظيم على مبادئ وقواعد تسيّر العصابة ولدى قيام أفرادها بعملية سيكون ذلك مسبوقا بخطة وتكتيك وتخطيط لضمان نجاحها ومن تم تدخل حرب العصابات ضمن الجريمة المنظمة خاصة إذا تمادت الى درجة الانتقام و التصفية الجسدية * الجمهورية : في نظركم كيف تطور هذا النوع من الإجرام وتحول من شجار ثنائي إلى شجار جماعات أو بالأحرى عصابات ؟- الأستاذة سحابة : من المنظور السوسيولوجي لما يصبح لكل ردة فعل مشتركين فيها تبقى هذه المعاناة تحشد الأفراد و يصبح الفرد يستعين بمن له نفس المعاناة وهنا لن يقتصر الوضع على فرد او فردين لنقول أن ذلك استثناء وإنما تتسع إلى المجموعة التي تشعر بأنها مهمشة في هذا المجتمع. * الجمهورية: وهل يمكن الجزم بأن أفراد هاته العصابات هم من الطبقة الهشة ؟- الأستاذة سحابة : ليس بالضرورة أن يكون أفراد هذه الجماعات الإجرامية من الطبقة الهشة , و أشير الى أن القول «أن هذه حرب عصابات» فهذا يعني أن هناك إدارة معينة داخل هذه العصابة و لإنجاح عملياتها فإنها تحتاج إلى كل شرائح المجتمع من الفرد البسيط إلى الميسور الحال تحتاج إلى التخصصات لأنه إذا كانت هناك حرب عصابات فمعناه هناك نشاط واسع وبالتالي المجالات تتوسع وهذا يستدعي الاستنجاد بافراد متخصصين كل واحد في مجاله إلى جانب الأسلحة ووسائل إنجاح عملياتهم الإجرامية من آلات حادة سيوف وخناجر وغيرها من المعدات . * الجمهورية: كيف تفسرون استنجاد الضحية بالعصابات الإجرامية لاسترداد حقّه أو الانتقام عوض انتهاج الطرق القانونية ؟- الأستاذة سحابة : أظن أنّ الأمر استثنائي وليس ظاهرة واضحة أن يستعين أحد بجماعات أشرار لاسترداد حق سُلب منه لأنه في نظر القانون هو طرف في العصابة وقد يكون سبب ذلك هو تأكده من أن الإجراءات القضائية ستأخذ وقتا طويلا هذا من جهة أما من جهة أخرى فقد أصبح هذا الشخص يرى أن المجتمع حاليا تتحكم فيه موازين القوة بين أفراد المجتمع , إلى جانب أن العدالة تحتاج إلى براهين و أدلة و إلى جلسات وهذا سيستغرق وقتا طويلا للفصل في قضيته و90 بالمائة من الضحايا يعرفون جيدا الجناة فيلجؤن إلى عصابات الأشرار لرد الاعتبار والانتقام ناهيك عن أن هذه الجماعات لا تطلب منه أي إثبات أو دليل.* الجمهورية: هل السلوك الذي ينتهجه الضحية يعود أصلا إلى يقينه المسبق بأن عقاب العدالة لن يشفي غليله مقارنة بحجم الأثر الذي خلفه الاعتداء على نفسيته ؟- الأستاذة سحابة : نعم هي ردة فعل نفسية لأن الضحية فور الاعتداء عليه يكون في حالة نفسية غير عادية فيبحث عن الانتقام وبشتى الأساليب المتوفرة وبأي شكل * الجمهورية: نرى أنّ حرب العصابات هاته في تقع في أغلبها بالأحياء والتجمعات السكنية الجديدة فهل لعمليات الترحيل الجماعية دور في تنامي هذه الظاهرة ؟- الأستاذة سحابة : أكيد والمعلوم أن عمليات الترحيل التي سجلت في السنوات الأخيرة لها دور كبير في تفشي الإجرام لأننا عندما نتحدث عن ثقافة المجتمع فإن كل مجتمع له سلوكيات تخصه و من بين سلوكياتنا المعمار والسكن فالسكن ثقافة وفي ثقافتنا فالسكن هو عبارة عن مسكن فردي حوش" أين يوجد غرف وساحة داخل البيت حيث يقضي المراهق والطفل أغلب وقته داخل المنزل لكن مع السكنات الجديدة وصيغة الشقق يضطر هؤلاء إلى اللجوء إلى الشارع من ثم الاختلاط بجلساء السوء إلى جانب أن المنزل الفردي كان يضم سلطة الكبير سواء كان الأب أو العم أو الخال وغيرها والترحيل إلى شقق سيفقده هذه السلطة التي كانت تراقبه وتتحكم في سلوكياته. * الجمهورية: هل تفريق عائلات الحي الواحد إلى تجمعات مختلفة يقلل من الظاهرة ؟- الأستاذة سحابة : ليس بالضرورة لأن وسائل الاتصال متوفرة بكثرة ابتداء من النقل فالأمر يتعلق بغياب الشروط والمرافق والهياكل الخدماتية بهذه الأحياء لكن تبقى هذه الظاهرة عاملا من عوامل استفحال حرب العصابة لأن ترحيل أحياء ساخنة كاملة إلى تجمعات سكنية جديدة تسمع لهؤلاء الأشرار من إعادة التموقع في المكان الجديد.* الجمهورية: وهل تم استشارتكم في هذه العمليات؟ - الأستاذة سحابة : لا على الاطلاق لم نتلق أي طلب مرافقة أو استشارة ولا حتى اهتمام للبحوث التي نجريها والتي من شأنها مساعدة السلطات المحلية في تجسيد عملياتها التنموية