الجزائر

ساركوزي يقع في فخ العدالة الفرنسية



وقع الرئيس الفرنسي الأسبق نيكولا ساركوزي، أخيرا في فخ عدالة بلاده التي وضعته رهن الحبس الاحتياطي أمس، بعد أن لاحقته لعنة العمولات والرشاوى الضخمة التي حصل عليها من الرئيس الليبي المغتال معمر القذافي، لتمويل حملته الانتخابية لسنة 2007.وجاءت هذه التطورات بعد أن سلّم محققو ديوان محاربة الرشوة شهر سبتمبر الماضي، لقضاة التحقيق في هذه القضية تقريرا مفصلا تضمن تأكيدات على تداول سيولة مالية ضخمة في محيط مقربين من مرشح الحركة من أجل الجمهورية، نيكولا ساركوزي، خلال حملته لانتخابات الرئاسة لسنة 2007 التي فاز بها.
واقتنع النائب العام الفرنسي أمس، بعد خمس سنوات من التحقيقات الأمنية والقضائية المضنية بوضع ساركوزي، رهن الحبس تحت النظر التي قد تدوم طيلة 48 ساعة على خلفية استفادته من أموال ليبية لتمويل حملته الانتخابية أمام منافسته الاشتراكية، سيغولين روايال.
وذكرت مصادر مقربة من التحقيق أن محققي الديوان الوطني لمحاربة الرشوة والتجاوزات المالية والجبائية استمعوا لأقوال الرئيس بمدينة نانتير القريبة من العاصمة باريس، حيث قرروا بعد أول جلسة استماع إبقاءه رهن الحبس قيد النظر على أن يتم اتخاذ القرار النهائي إما بإبقائه رهن الحبس وتوجيه الاتهام له أو إطلاق سراحه وإبقائه محل المتابعة قضائية إلى غاية محاكمته.
ويبدو أن هذه القضية غير المسبوقة في تاريخ القضاء الفرنسي، والتي بدأت بمجرد تسريبات إعلامية سارع المتهم ساركوزي، إلى نفيها في حينها إلا أن ذلك لم يمنع النيابة العامة من مواصلة تحرياتها للتأكد من مدى صدقية هذه الاتهامات، حيث قادتها إلى وزيره للداخلية، بريس هورت فو، الذي يخضع من جهته لجلسات استماع من طرف النيابة العامة. قبل أن توجه للرئيس ساركوزي ووزراء في حكومته تهمة تحويل أموال عمومية والرشوة وتمويل غير قانوني لحملة انتخابية.
وكان سيف الإسلام القذافي، النجل الأكبر للعقيد الليبي أول من فجّر قنبلة تمويل والده لحملة الرئيس الفرنسي بعد أن شعر أن هذا الأخير قد غدر بوالده. وقال إن بحوزته ملفات قد تورط الرئيس ساركوزي، ولكنه لم يصل إلى حد الكشف عن مضامينها قبل أن يؤكد مقربون من النظام الليبي السابق اتهامات سيف الإسلام، وهو ما سمح بالوصول إلى الوسيط الفرنكو لبناني زياد تقي الدين، الذي أكد من جهته أنه قدم مبالغ مالية ضخمة لصالح مكتب حملة الرئيس ساركوزي.
وأشار تقرير محققي ديوان محاربة الرشوة الفرنسي، أن أمين الخزينة السابق للحملة الانتخابية للمرشح نيكولا ساركوزي، اريك وورث ومساعده فانسون تالفاس، أكدا في شهادتيهما أن الأموال كانت تأتي في شكل هبات مجهولة المصدر بلغت ما بين 30 و35 ألف أورو.
ولكن موقع "ميديا بارت" الفرنسي أعاد تفجير قنبلة التمويلات المشبوهة التي تورط فيها ساركوزي، في نهاية عهدته الرئاسية بالاستناد إلى مذكّرة قال إنها لموسى كوسا، مدير جهاز المخابرات الخارجية الليبية في عهد العقيد معمر القذافي، والتي أكد من خلالها على حقيقة وجود تمويل ليبي لحملة الرئيس ساركوزي.
وهي الشهادة التي كلفت كلود غيون، أمين عام الرئاسة الفرنسية حينها تحميله تهمة التزوير واستعمال المزور وتبييض أموال وتهرب جبائي ضمن شبكة منظمة.
وتساءل القضاة حينها عن مصدر مبالغ مالية قدرت بأكثر من 500 ألف أورو تحصل عليها غيون، شهر مارس سنة 2008 من شركة يمتلكها محام من جنسية ماليزية زعم حينها أنها عائدات بيع لوحتين زيتيتين.
وهو نفس المسؤول الليبي الذي أكد شهر نوفمبر 2016 في تصريحات مدوية لنفس الموقع أنه سلّم لساركوزي شخصيا يوم كان وزيرا للداخلية مبلغ 5 ملايين أورو حصل عليها من النظام الليبي المنهار ما بين شهري نوفمبر 2006 وبداية سنة 2007.
وكان اعتقال رجل الأعمال الفرنسي الكسندر جوهري، شهر جانفي الماضي، بالعاصمة البريطانية، تنفيذا لأمر دولي بالاعتقال والذي كان وسيطا في صفقات مالية مشبوهة بين النظام الليبي السابق والرئيس ساركوزي، سببا مباشرا في تسريع تطورات هذه القضية والذي يكون قد كشف عن حقائق في غير صالح الرئيس ساركوزي، وسرعت بوضعه رهن الحبس في انتظار تطورات جديدة في قضية قد تكون سابقة في تاريخ العدالة الفرنسية وبصفة خاصة في تاريخ الرؤساء الفرنسيين الذين تعاقبوا على كرسي قصر الإليزي.


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)