خرجتُ ذات يوم على غير هدى.. أجتاز مدينتي الحجريّة.. كلّ ما فيها صامت.. رغم جمال يومها الربيعي.. بسمائه الصافية.. و طيوره التي لا تنقطع عن التغريدو التحليق.. تَرَى النَّاس في إتجاهات مختلفة منتشرون..
و أنا منشغلة بجمال الجوّ إذ برجل يلبس بنطلون ضيِّق
و قميص مخطط يندفع نحوي.. قاطع طريقي قائلا:
" عفوا آنسة"
... فلم أدركه.. فحاصرني بمكرفونه يحذفني بالسؤال.. فعرفت أنه لا مناص لي .. و قال:
كيف تقدرين حبك للجزائر؟
... تنحنحت قليلا، ثم أجبته في دهشة:
أ أنا من توجه السؤال لها؟
... بلع غيضه و بدا على وجهه قليل من التجهم ممتزج بإبتسامة مصطنعة:
" نعم، و نحن على المباشر"...
قلت :
"أكل الجزائر تراني؟"
قال :
"بل العالم بأسره، فنحن على الهواء مباشرة..."
حينها عرفت أنه دُبرت لي مؤامرة أمام الملأ... و قد ازدحم النَّظارة أكثر من ذي قبل... عاود المنشط السؤال كرة أخرى و كاميرة مرافقه المصور لا تسمح لي أن ألتمس العذر عن الجواب... فأجبته في انبهار:
ماذا سيدي لو طرحته أنا لك؟ !...
تسمَّر المنشط هنيهة ثم قاطع صمته بالاعتذار للجمهور الكريم عن رداءة الصوت و الصورة... و دفعني إلى الخلف و هو يردد:
"أناس أغبياء... "
إنسحبتُ من بين الجمع... تابعتُ سيري ... أجُر خطاي... حتَّى جلستُ بقرب شاطئ سيدي فرج... متعجبة للسؤال... و قد نسيت جمال أول يوم ربيع... و قلت:
"هل للحب ميزان؟... و إن كان فكيف سيكون... ؟
و كيف الجواب...و كيف يقدر حبي للجزائر؟"
أبحرت ببصري أشق الفضاء... و بين السماء
و البحر ضاع بصري... فقلت في قراري :
لو أجبته بقدر اليمِّ... لكن رغم أتساعه يبدو ضيقا بالحدود التي تخنقه...
ثم رفعت بصري إلى السَّماء أجول مع الطُّيور التِّي تحلِّق في دورانها الطائش دون انقطاع و قلت :
فضاء واسع... أبقدر البحر و السّماء أحب الجزائر؟"...
لكنني نسيت أن هناك يابسة... بشر... غابات
و حيوانات تكتمل بها الكرة الأرضيّة...إذن هل بقدر السَّماء
و الكرة أحبُّ وطني؟... لكن كل هذا بدا لي صغيرا من أن أعبِّر عن حبي للوطن...و عدت أدراجي...أنهب الأرض تارة و أخرى ينهبني التعب فأستريح... جُلت المدينة ... أردت أن أصرخ في وجه الناس... أن أجد جوابا يزيل حزني المستديم... أن أعرف كيف يقدر حبِّي للجزائر... فما شعرتُ إلا و اللَّيل قد أسدل ستاره... ينبأ بغد الجزائر الجديد... و أنا في حيرة من أمري... بأيِّ قدر أحب الجزائر.
-
تعليقكـم
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
تاريخ الإضافة : 09/07/2013
مضاف من طرف : presse-algerie
صاحب المقال : الجزائر الجديدة
المصدر : www.eldjazaireldjadida.dz