الجزائر

سؤال بسيط حول انتفاضة مستدامة؟



 يتساءل المتتبعون للمسيرات والتجمعات المنادية بالتغيير في الجزائر، ويتساءل، من دون شك منظموها والداعون إليها أيضا، وحتى المتعاطفون معهم، لماذا بقوا وحدهم في الشوارع والقاعات التي خرجوا إليها والتقوا فيها؟ لماذا لم يستطع ''المعارضون المحترفون''، وشباب ''الفايس بوك'' أن يحشدوا ما حشده أعوان الحرس البلدي والحماية المدنية والمعلمون المتعاقدون وحتى سكان بلديات تلاغ بجنوب ولاية سيدي بلعباس أو سيدي عمار بعناية، بني زنطيس بغليزان والمدنية بالعاصمة؟
فعلى خلاف الدول العربية التي تنتفض شعوبها منذ بداية سنة 2011، لا أحد ينكر أن الجزائريين يعيشون ما يمكن أن نسميه حالة ''انتفاضة مستدامة'' منذ عقدين على الأقل، فقد سجلت أكثـر من 10 آلاف تجمع ومسيرة السنة الماضية وحدها، حسب الأرقام المتداولة، وفي أعز عهد نور الدين يزيد زرهوني، يعني أن الجزائريين لم يكونوا يخافون. هذه الظاهرة أيضا جديرة بأن تضم إلى سجل ''بلد المعجزات''. وهو السجل الذي حير العالم، الذي يتساءل مثلا: لماذا يغامر شباب في مقتبل العمر بحياتهم للهروب على متن زوارق الموت، وبلادهم تستورد الصيني، البرتغالي، الكولومبي، الإسباني، المصري وغيرهم وتوفر لهم مناصب عمل وتسدد أجورهم بالعملة الصعبة.
فإذا قارنا ما يحدث عندنا، والذي يحدث هذه الأيام في اليمن وليبيا، مع النموذج الجديد لفرض التغيير الذي دشنه أشقاؤنا التوانسة، وبعدهم المصريون، نلاحظ ''بكل خجل'' أن الشوارع والساحات امتلأت فيهما، لأن فنانيهما كانوا في طليعة المنادين بالتغيير. ومن أوائل من عبروا عن مواقفهم يصوت عال، وصبروا في الشوارع والساحات العمومية مع الشعب للهراوات والغازات المسيلة للدموع وحتى الرصاص الحي. ولا يمكن أن يسع هذا الركن أسماء الأدباء، الشعراء، السينمائيين، رجال ونساء المسرح، الرسامين، وغيرهم من المبدعين والنخب العلمية، الذين تبنوا صوت الشارع، بل وبلوروه وقدموه في صورة جميلة لمواطنيهم وللعالم أجمع.
ويجب التسجيل، للتاريخ وبكل أسف، أن ''المعارضة الليبية'' طلبت التدخل العسكري الأجنبي، وهو ما يفعله الذين فرضوا على كل من يزور تونس ومصر، بعد الثورة، زيارة الميادين التي حققت الحريات التي انتزعتها الشعوب بمساهمة فنانيها ونخبها.
عندنا في الجزائر أنتج المغنون آلاف الأقراص المضغوطة عندما تأهل الفريق الوطني إلى كأس العالم، وكان ذلك مشهدا جميلا حينها. وفي نفس الوقت واصل الجزائريون ''مسيراتهم المستدامة'' ومازالوا، لكن ''قليل جدا'' من المبدعين يمشون معهم في الشوارع للمطالبة بالتغيير. إنه سؤال محير؟




سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)