الجزائر

زهرة دمشق الذابلة



تدفق سيل الانهيار من أعالي جبال الانحطاط جارفا كل ما يمت بصلة إلى الحضارة فقد حطم المسجد، الكنيسة، المزار، الساحة العامة، البيوت القديمة، غيب الحديقة العامة، فترك المدينة خرابا وحجارة مكدسة ، يسمع الذي يسير بين أزقة الحطام عويل الثكالى وأنين الأطفال.وفي صبيحة يوم الجمعة وصل إلى حي الورود أحد مبعوثي الدول الشقيقة اسمه « حاذق « رجل متوسط القامة أسود الشعر عريض المنكبين يمقت سماعات الأذن، سار بين درب معبد بالحجارة العتيقة متعثر بين الأكم والوهاد ، وهو على هذه الحال يبحث عن نبض للحياة ، فإذا به يسمع أنينا بحث عن مصدره وراح يسرع الخطو لبلوغه ففوجئ بفتاة مفترشة الأرض تغير لون ثوبها الزهري إلى أحمر قاني ، وافتضت تسريحة شعرها الجميلة، علم بعد مدة أن اسمها «حالمة» . وقد فقدت عائلتها إثر رسالة غير معنونة من نيران صديقة فأتت على منزلها الذي أصبح أثرا بعد عين، وأصبح والديها وأخوها الرضيع ذكرى بعد حضور، فهذه الطفلة كانت أحلامها تزن الجبال رزانة تغدو كل صباح إلى المدرسة أين تلتقي رفيقاتها في حجرة الدرس تجلس في مكانها الذي كان قرب النافذة ذات الزجاج المزين بألوان الطيف، ناظرة إلى معلمتها «حصيفة « التي أحبتها، هذا الحب الذي زرع في الطفلة شدة التعلق فتعلمت منها أبجدية الصدق، وخطت بأناملها الرقيقة حروف الأمل الذي بزغ نوره في الأفق، وفي غمرة هذه اللحظات السعيدة، يأفل نجم الساعة الأخيرة من يوم دراسي جميل لتعود «حالمة» إلى منزلها الذي يقع في آخر الشارع المؤدي إلى مسجد الفتح أين كان والدها يقصده لأداء صلاة المغرب، وهي تتفحص حزن الأرض وسهلها في سرعة تواقة لإخبار أمها بما حمل اليوم من أحداث جميلة، فإذا بها تبصر رسما لم تألفه وصوتا دويه هتك حجاب أذنيها فخرت على الأرض نائمة إلى وقت معلوم وبعد مدة امتدت إليها يد لتوقضها كانت يد «حاذق».


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)