الجزائر

"زهرة الوادي"




يعود المخرج الجزائري الفينزويلي "محمد إسلام عباس"، عصر الخميس (17.00 سا)، بعرض تجريدي هائم اختار له مسمى "زهرة الوادي" في مراكحة استثنائية تتجلى على محكّ مسرح الصورة وتخترق تحولات القيم الممزوقة في عالم سرابي.على خشبة قاعة العروض لركح قسنطينة، سيتسنى لجماهير عاصمة الجسور المعلّقة مواكبة الإنتاج الجديد لمسرح أم البواقي الجهوي، وهو عمل خارج عن التنميط، حيث ارتضى الفنان "محمد إسلام عباس" صاحب الجذور الأمريكو-لاتينية والعاشق للجزائر منذ ثلاثة عقود، أن يجسّد النص السريالي ل "فائزة بركان"، بكيفية متمرّدة لا تعترف بحدود السياقية المعهودة.تتكئ رؤيا "عباس" الرمزية على تلاطم قوى الطبيعة من خلال ندّية "ملك النهار" و"ملك الليل" وقواهما، وعلى مدار 65 دقيقة، رسم "الستراتاج" و"الحكواتي الأخير" سلسلة لوحات تعكس تخبطات ودماميل الراهن، وفضّل "عباس" صاحب تجربة ناضحة بخمسين عملا، أن يمنح هامشا أكبر للصورة/الحركة على حساب "الكلامولوجيا".واستعان "عباس" بخدمات المصمّم الكوريغرافي الشاب "رياض بروال" في تنسيق تعابير جسدية تحيل على ما يكتنف لعبة القوى وأفقها المعتّم، وصوت "نجمة الصبح" تلك القوة الدافعة المسكونة بقضية تأمين الخيرات/الأوطان، والعيش في سلام وعدم تكريس توابل الانفرادية واللامبالاة.ولعب عرض "زهرة الوادي" على إبراز أشكال التضاد والتعارض والمفارقات في المواقف والأحداث، كما حرص على استيعاب التغيرات التي طرأت بشكل مفاجئ، وكشفت عن هشاشة عامة عبر استحضار إيحاءات النور والظلام والنهار والليل والنجوم والشمس والقمر في الذهنية العامة. الكوريغرافيا والاضاءة: شخصيتان لا آليتانفي حديث حميمي جمعه بمندوب "الشروق أون لاين"، أوضح المخرج المرح "محمد إسلام عباس" أنّه عمل في "زهرة الوادي" على تعميق الحالة المسرحية وفسح المجال بشكل أكبر لمناقشة الأفكار حول مختلف جوانب صناعة العرض، كما اعتمد تصميما جعل الكوريغرافيا والاضاءة تتموقعان كشخصيتين فارقتين لا كآليتين مرافقتين، ما أنتج تكثيفا تعبيريا وجماليا منح زخما ورؤية خاصة للأشياء.وأوعز "عباس" الذي افتكّ 7 جوائز في مهرجان "بغداد" قبل ثلاث سنوات، أنّ "زهرة الوادي" شكّل فرصة لاستغلال المنظر المسرحي والاضاءة والموسيقى والحركة، لأنّ عملية الإخراج هي السعي الدائم لبعث الحياة بواسطة قوة فنية توحد العمل، ما جعله يرجّح (الحركة) على (الكلمة) لأنّ عين المشاهد أكثر حساسية في التأثر من أذنه."عباس" الذي لا يخشى الفشل ولا يريد تحميل مسؤولية أي تعثر لطاقمه، اعتمد في تشكيل (الفضاء المسرحي) على إخراج دائري، والسبب الرئيس في ذلك يعود إلى التباين بين التمثيل ذي الأبعاد الثلاثة، والمناظر التي حرص على ابتعاثها وفق بعدين، الأول يخصّ طبيعة النص التجريدية، والثاني ينسجم مع طبيعة الكون الذي نعيش فيه ويقوم على الدائرية في كل شيئ.وعمل "عباس" على إيجاد علاقة بين الممثل المتحرك، والأرضية الأفقية، والمنظر العمودي، لأنّ الممثل ليس محصورا في زمن معين فيجنح إلى الحراك الدائم، وهو ما أبرزناه في سلسلة حركات قائمة على وحدة عضوية واحدة، مثلما اجتهد خريج المعهد العالي للفنون المسرحية (دفعة 2000) في هندسة ديكور ضوئي مركز على عدة نقاط وشاشة محددة، بنيّة خلق أشكال بأبعاد رمزية وتعبيرية.وفي ظلّ ما تقدّم، بدا واضحا استلهام "عباس" نظرة (آبيا): "لا تجسد الواقع على المسرح، لكن أوح به فقط، فإذا أردت تصوير غابة، فليكن ذلك كجو خاص يعيش داخله الممثل، وينطلق منه في ربط علاقة مع الأشياء الأخرى"، وذلك مربوط رأسا باستحالة تجسيد شخوص تجريدية على الخشبة، فأجرى "عباس" إسقاطا جماليا لتقريبها من الواقع.وعن اختيار خشبة عارية، لفت "عباس": "فضلت الانتصار لمسرح الصورة والحركة كمسرح جمالي بدل الاستغراق في المسرح المسرف في استخدام الديكور واللوحات".يُشار إلى أنّ "زهرة الوادي" تشهد مشاركة كبيرة لعدة ممثلين واعدين هم تواليا: طارق عشبه – رمزي عاشور – عنتر زايدي – عبد الحق محمد الشريف – عبد العلي فرحات – مراد باديس – سهيل سوالمية – نور الدين كحيل – خطاب قاسمي – أنور السادات نوادري – عماد الدين ياحي – أمينة فرياك -كنزة أصالة بن بوساحة – الخامسة مباركية وياسمين عباسي.




سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)