الجزائر

“زناة التاريخ” ليسوا أصدقائي وأعرف خبثهم



-الراحل نحناح كان صديقي وقضية كرهي للإسلاميين “خرافة”
في حوار مثير مع الروائي المثير للجدل رشيد بوجدرة، تحدث فيه عن كتابه الجديد “زناة التاريخ“، وقال “إن كل من ذكرتهم مضادون للفكر الشيوعي، ومن أنصار الرأسمالية وفرنسا والأفكار الفرنسية الغربية.. بوجدرة قال أيضا إنه عُرض منصب وزير عليه ورفضه أكثر من مرة، وأنكر كرهه للإسلاميين، والذين فرق بينهم وبين الإرهابيين، معترفا أنه إنسان متصوف منذ زمن، مجددا رفضه تولي قادة “الفيس” الحكم، كما أعرب عن رفضه انسياق الزاوي وراء الرأي الغربي الفرنسي تجاه أضاحي العيد.. وغيرها من القضايا المثيرة، يجدها القارئ في هذا الحديث المطول.
حاورته: آمنة سماتي
ما جديد بوجدرة في معرض الكتاب وفي المستقبل القريب؟

ليس هناك الكثير، فكتاب زناة التاريخ وما أسميته ب Chronique d'un monde introuvable، هذه هي إنتاجاتي لهذه السنة فقط، وليس هناك أمر أفكر فيه قريبا، يعني أنا مكتف بهذا هذه السنة.

ما موقفك من منتدى الوسطية ومن “أبو جرة” سلطاني تحديدا؟
الوسطية هي حياة كاملة من الإبداع، ككاتب، كروائي، كفنان، كشاعر وكاتب سيناريو، فوجدتها فضاء مفتوحا. والذي أدخلني في هذا الفضاء وقبلته هو الأخ أبو جرة سلطاني، فقد تعرفت عليه، واكتشفت أولا وقبل كل شيء إنسانا طيبا، ثم زعيما وأستاذا جامعيا، وانطلاقا من إنسانيته، دخلت في هذا الفضاء، وكان تجربة جديدة بالنسبة لي.

عشت حياتك تنتقد وجود الإسلاميين، كيف وصلت إلى قناعة الجلوس معهم؟

هذا خطأ وكذب فادح روج على اسمي أو على لساني، فقد كان الشيخ محفوظ نحناح من أصدقائي الأعزاء، وكانت بيننا محبة كبيرة وزيارات متكررة على الصعيد الخاص، وكنا نتفق ونتناقش في عديد الأمور، كذلك الشيخ بوسليماني كنت أحبه كثيرا، وكنا نتجالس ونتناقش نقاشا فلسفيا عميقا عن الحياة، أنا كنت ضد الإرهاب وما أزال، والكثير من دعاته الذين يكرهونني، كونهم يعلمون أنني عريف بالدين والفقه، فقد درست الفقه على يد مشايخ الزيتونة الكبار في تونس، وهذا ما يمنع أصلا فكرة كرهي للإسلام، فهي كلام فارغ وإشاعة تأتي من قبل الإسلاميين في بعض الأحيان، ومن قبل اليساريين في أحيان أخرى، فأنا ضد الإرهاب ولا شك، لكنني لست ضد الإسلاميين، مثل الشيخ نحناح والشيخ أبو جرة، فنحن نحب الناس المعتدلين، ونسعى لإيجاد أو بعث المساواة بينهم، على اختلافهم. وبالتالي، فقضية كرهي للإسلاميين هي مجرد خرافة.

يعني ليس كل الإسلاميين في سلة واحدة؟

لا أبدا، الإرهابي إسلامي؟، طبعا الإرهابي ليس إسلاميا، فالإسلام نفسه ككلمة معناها كله سلم وسلام، أنا ضد الإرهاب، وضد أسلمة الإرهاب وجعل الإرهاب باسم الدين الإسلامي، بل يجب أن يشمل الإرهاب المسيحي والإرهاب اليهودي، وأنا ضد كل إرهاب، وليس فقط “المتأسلم”.

إذا التحق علي بن حاج بالمنتدى هل ستبقى فيه؟
صراحة لا، لأن بن حاج ينادي علنا ويشجع الإرهاب، وهذا نتيجة موافقة وتشجيع والده، وبالتالي لن يكون بيني وبينه أي تواصل.

هل يمكن أن تجلس للحوار مع قادة الفيس؟

وهذه أيضا مستحيل أن تكون، لا نقاش مع الفيس، لأنه هو المنظم والمفكر والعقل المدبر للأعمال الإرهابية التي عاشتها الجزائر.

هناك من يقول إن التطرف الحقيقي موجود عند العلمانيين الذين يشتمون الإسلام في كتبهم؟

لا أظن، وأرى أن هناك تطرفا من كل الجهات. على كل حال، العلماني عندما يكون متطرفا لا يقتُل ولا يذبَح، أما المتطرف الإسلامي فيذبح ويقتل، حتى الأطفال الرضع والنساء.

لماذا كتاب “زناة التاريخ”، وهل انقلب بوجدرة على رفاقه ومدرسته؟

لا، أبدا هؤلاء الذين شملهم الكتاب وسميتهم “زناة التاريخ” لم يكونوا من رفاقي ولا من مدرستي، بل كنت أعرفهم فقط وأعرف خبثهم، ومن يحرضهم، وعلى ماذا هم محرضون، فهم عملاء بتعبير أوضح، لكنني كنت بعيدا عنهم كل البعد، وكل من ذكرتهم فكرهم مضاد للشيوعية، ومن أنصار الرأسمالية، ولفرنسا تحديدا، والأفكار الغربية بشكل عام، لكنني لا أنكر حبي لبعض الأمور الفرنسية والغربية، فأنا مزدوج الثقافة، ولا إشكال لدي في ذلك، بل أتحدث 9 لغات بما فيها الصينية، لكن ليس لدي ولاء للأفكار الغربية المتطرفة والمتغطرسة، والتي تقتلنا وتقاتلنا إلى اليوم كما هو معروف لدينا ولديهم، فهم يقتلوننا إلى اليوم، ومن يقتل الفلسطينيين يقتلني أنا.

هل مازلت على رأيك أنه لو وصل الإسلاميون إلى الحكم سوف تحمل السلاح؟

لا، أبدا لم أقل هذا الكلام، هي إشاعة مغرضة ضدي، بل قلت “إذا وصل الإرهابيون إلى الحكم سأحمل السلاح”، فهم يحملون السلاح، ويجب علي أن أحمل السلاح أيضا، فلو وصلت الأحزاب الأخرى مثل حمس أو النهضة إلى الحكم، فالأمر لا يقلقني، على عكس الإرهابيين.

ما موقفك من تهجم أمين الزاوي على أضاحي العيد ووصفها بالبداوة الهمجية؟

أنا ضد الطريقة التي يضحى بها في العيد، أعني طريقة الذبح في الشوارع وأمام الأطفال الصغار، ولكن كعادة أو تقليد أو شعيرة دينية مرتبط بها الشعب أو المجتمع، أرى أنه يجب تقنينه وتنظيمه، أي في أماكن مختصة. أما الزاوي فأنا لا أحكم عليه، لكن لا أراه محقا.. يعني كل يوم تذبح آلاف العجول، فلم النظر فقط إلى أضاحي العيد؟، لكن الزاوي فقط يسير خلف نزعته التغريبية لأسباب خاصة.

ما موقفك من الصراع الثقافي بين عدد من المثقفين ووزير الثقافة؟

أنا مع هذه المجموعة، رغم أنهم لم يطلبوا مني التوقيع معهم، وهنا نقطة استفهام أضعها، وبالتالي أنا لست مع الوزير، بل العكس، فقد انتقدته عدة مرات، وإلى الآن لا أتحدث إليه، وفي نفس الوقت مع 300 شخص الذين وقعوا بدون أن يطلبوا مني التوقيع معهم، أرى أنني مكروه من طرفهم، وهذا الكره سببه الغيرة، الغيرة من بوجدرة، فبالعودة إلى هؤلاء 300 “مثقف” من قال إنهم مثقفون فعلا!!!، هم وحدهم من سموا أنفسهم مثقفين، فالكثير منهم ممن أنا على معرفة شخصية بهم أجزم أنهم ليسوا مثقفين ولا مبدعين، يعني يصل إلى أن يأتي أحدهم بعمر العشرين، ينشر كتابا على حسابه، ثم يقول أنا مثقف!!! هذا ليس بالمثقف، وتيار التشبيب هذا جعل بعض الأشخاص تتملكهم الغيرة والحسد منا نحن ككبار.

يقال إنك مستشار شخصي لخليدة تومي لهذا لم تنتقدها، هل هذا صحيح؟

أبدا، ليس صحيحا، لم أكن مستشارا لها. فعلا، كانت صديقتي، وكانت تجمعنا مشاكل حول الثقافة، كما أنني انتقدتها، وشكرتها أيضا، لكن لم أكن مستشارا لها ولا لغيرها، حتى إني عرض علي منصب وزير مرتين ولم أقبل، وطلبت مني أن أكون مديرا للآداب والفنون، لكنني رفضت أيضا. وكان الراحل رضا مالك، قد طلب مني وقتها أن أكون مستشارا لكنني رفضت، ولم أشتغل أبدا إلا خمس سنوات في التعليم، حين كنت أستاذا بالثانوية، لمادة الرياضيات والفلسفة.

أين وصلت قضيتك مع “النهار”؟

القضية معلقة بين السماء والأرض، مميعة بتعبير أوضح وأصح.

ماذا قال لك شقيق الرئيس السعيد؟

هو حديث عابر في ثلاث ثوان، إذ قال لي إنه انزعج من الكاميرا الخفية، وإنه متضامن معي لا غير.

هل تفكر في سحب القضية؟

حتى ولو ميعت القضية فلن أتخلى عنها أبدا، فلدي طاقم محامين، هم كذلك يرفضون غلق القضية.

لو نعرف بوجدرة، هل صحيح أنك ملحد يخفي إلحاده، أم أنك مسلم غير متدين فقط؟

هذا سؤال شبيه بسؤال “ما اسم عشيقتك السرية؟”، وأنا لا أعطي اسم عشيقتي على الإطلاق، لأنه أمر خاص، وأمتنع عن الإجابة عن الأمور الخاصة، لأنها تهمني أنا وحدي، فالذين يحكمون علي بالإلحاد يكذبون، والذين يصفونني بالمتدين يكذبون أيضا، ولا أحد يعرف الحقيقة، والحقيقة أنني متصوف، وقارئ ومعجب بابن عربي، وقرأت له الكثير، ولغيره من المتصوفين العرب المسلمين، وهذا منذ زمان. كما لا أظنهم قرأوا سطرا واحدا لابن عربي، ولا يعرفون شيئا عنه؟.

ماذا تقول للذين يهددونك بالتصفية بسبب الإلحاد؟

لا أعيرهم أي اهتمام، وأقول لهم روحو (…..) حاشاكم.

وماذا عن رأي بوجدرة في تفكيك شبكات ما يسمى بالابتزاز عن طريق الفايسبوك؟

أولا الفايسبوك ككل هو مرض اجتماعي عالمي خطير وخطير جدا، وأنا ضده بالمطلق، والتعامل من خلاله يعلم الجبن لا الشجاعة، فأغلبهم يختبئون خلف اسم مستعار ويشتمون الناس، ويتكلمون عن أمور خاصة لا تعنيهم، ولهذا أنا ضده تماما. أما ما يعرض على بعض القنوات، فأنا لا أتابعها، لأنها متعودة على التشهير، ولهذا أنا ضد ما أقدمت عليه، لأن هذه الأمور لا تخدم المجتمع، بل تشهر فقط بالبعض، ورشيد بوجدرة ضد التشهير بكل أشكاله.

رغم إتقانك عديد اللغات، لكنك من المكثرين في الكتابة باللغة العربية (12 رواية)، فما مكانة اللغة العربية عند بوجدرة؟

بالنسبة لي اللغة العربية هي اللغة الأولى، فلو لم تكن الرقابة في الستينات لكانت كتاباتي بالعربية أكثر من هذا العدد بكثير، ولطالما تمنيت أن تكون روايتي الأولى بالعربية، لكني لم أستطع بسبب الرقابة، وبمجرد أن كبر اسمي على المستوى العالمي، بدأت الكتابة العربية، ليقيني بعدم مقدرة أحد على أذيتي بسبب الكتابة بالعربية، فاللغة العربية بالنسبة إلي هي الأولى، وهي الأعظم، وبدون تعصب، اللغة العربية بحر، أخذت من كل اللغات، ولا تجد لغة أخرى إلا وأخذت من العربية، فحتى نجاح الفتوحات الإسلامية كان سببه اللغة العربية التي تتزاوج سريعا بلغة البلاد المفتوحة، فهي تتأقلم مع الشعوب، بغض النظر عن غزارتها وغناها.


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)