الجزائر - A la une

'زملاء البوعزيزي' يكتسحون شوارع تونس بعد عجز النهضة عن حل مشاكلهم



'زملاء البوعزيزي' يكتسحون شوارع تونس بعد عجز النهضة عن حل مشاكلهم
تحدى الباعة المتجولون وزارة الداخلية ووزارة التجارة وعادوا ليكتسحوا من جديد شوارع العاصمة تونس عارضين مختلف أنواع البضاعة بأسعار منخفضة مقارنة بالمحلات التجارية المرخص لها.
وعلى امتداد شارع بورقيبة الشريان الرئيسي للعاصمة وعلى أرصفة شارع ديغول وشارع باريس وشارع إسبانيا وتحت أقواس شارع فرنسا يزدحم المواطنون أمام زملاء محمد البوعزيزي ليشترون الخضر والغلال ومختلف أنواع مواد التجميل والسجائر وحتى الملابس النسائية والرجالية.
وكانت وزارة الداخلية أصدرت قرارا بمنع الباعة المتجولين من عرض بضاعتهم على أرصفة الشوارع باعتبارها "مظهرا فوضويا" و"ممارسة لتجارة غير قانونية" تعتمد على بضاعة مهربة.
ويطلق التونسيون على الباعة المتجولين "زملاء محمد البوعزيزي" البائع المتجول الذي أقدم على حرق نفسه في مدينة سيدي بوزيد احتجاجا على منعه من ممارسة مهنته، وكانت الحادثة الشرارة الأولى لاندلاع ثورة 14 يناير كانون الأول التي أطاحت بنظام الرئيس بن علي.
وعلى الرغم من عديد الحملات التي نظمتها وزارة التجارة وجندت لها أعوان المراقبة الاقتصادية والشرطة البلدية، بل واستعانت فيها بأعوان الجيش في بعض الحالات، في وسط العاصمة، فقد عاد الباعة المتجولون في تحد صارخ لكل أجهزة الرقابة.
لكن عودتهم تخللتها حالات من الفوضى والعنف وأصبحت ظاهرة المشادات بينهم وبين أعوان المراقبة الاقتصادية وأعوان الشرطة البلدية مشهدا مألوفا لدى التونسيين.
ويقول صالح الراجحي وهو يجلس على رصيف شارع ديغول المتفرع عن شارع بورقيبة وأمامه شتى أنواع السجائر المهربة "الخبزة مرة، وقطع الأرزاق من قطع الأعناق، إنهم يمنعوننا من توفير قوت أبنائنا لكن لن نستسلم، صحيح نعيش يوميا على أعصابنا ونتعرض للإهانات لكننا لن نستسلم" ويضيف "لقد طردوني من هذا المكان بالذات لما أصدرت وزارة الداخلية قرارا بمنعنا من البيع لكن بالمقابل لم يقدموا لنا أي حل، إنهم لا يبالون بفقرنا وهمنا بل لا يبالون بقوت أبنائنا".
ويحاول أعوان الشرطة البلدية وأعوان المراقبة الاقتصادية التعامل مع الباعة المتجولين بشيء من "اللطف" و"الحذر" خوفا من حدوث محاولات انتحار أو عنف.
وتمثل بضائع الباعة المتجولين بالنسبة للتونسيين فرصة لاقتناء ما يعجزون عن اقتنائه من المحلات التجارية بأسعار "مناسبة" في ظل أزمة اقتصادية خانقة يرافقها اشتعال للأسعار عجزت الحكومة عن السيطرة عليه ما أدى إلى تدهور المقدرة الشرائية لا لضعاف الحال فقط بل وحتى للموظفين وللفئات الوسطى.
وأمام الباب الرئيسي للسوق المركزي ازدحم رجال ونساء أمام عربة سالم الورفلي يتدافعون لشراء الموز فيما كان أعوان الشرطة البلدية يحاولون إبعادهم بلطف.
وتساءل أحد المواطنين "لماذا يمنعوننا من الشراء، ألم يدخلوا السوق المركزي حيث يباع الكيلو غرام الواحد من الموز بأكثر من ثلاثة دنانير، في حين لا يتعدى الكيلو غرام لدى عم سالم دينارين".
وخاطبت إمرأة أعوان الشرطة البلدية "أدخلوا السوق المركزي وألقوا نظرة على أسعار الخضر والغلال ستكتشفون أنكم أنتم أيضا لا تقدروا على تحمل ارتفاع الأسعار".
ويمثل الباعة المتجولون ظاهرة مصغرة لظاهرة أكبر اجتاحت النسيج الاقتصادي التونسي هي ظاهرة التجارة الموازية أي التجارة غير المرخص فيها حيث يقع تسريب مختلف أنواع البضائع من ليبيا جنوبا ومن الجزائر غربا.
ورغم حالات المراقبة إلا أنه يبدو أن السلطات كثيرا ما تغض النظر عن التجارة الموازية في مجتمع ارتفعت فيه نسبة التضخم إلى أكثر من 5 بالمائة ونسبة الفر إلى أكثر من 20 بالمائة فيما فاق عدد العاطلين 800 عاطل عن العمل.
بصوت يصدح بالجرأة تقول محرزية الكافي وهي تقف أمام مبيعاتها من مواد التجميل وملابس النساء والأطفال على رصيف شارع إسبانيا "زبائني من مختلف الفئات الاجتماعية، نحن نوفر لهم مشتريات بأسعار منخفضة لا توفرها المحلات التجارية المرخص لها".
وأضافت "لقد وعدونا بتخصيص فضاء لنا نمارس فيه مهنتنا لكنهم لم يفعلوا شيئا، قضيت أكثر من ثلاثة أشهر بلا مورد رزق ولم يشعر بحالي ولا بحال غيري من الباعة أحد، إنهم مشتغلون بالسياسة ولا يعيرون اهتماما للفقراء من أمثالنا، لذلك قررت العودة، لقد حاول أعوان الشرطة البلدية منعي لكني قلت لهم وفروا لنا مكانا للبيع".
ويقدر عدد الباعة المتجولين بأكثر من 1000 بائع في العاصمة تونس فشلت كل من وزارة التجارة ووزارة الداخلية إيجاد الحلول الملائمة لهم.
وتساءل هشام بن عمر ذو الثلاثين عاما متحصل على الأستاذية في العلوم الاقتصادية وهو يعرض على الرصيف الأجهزة الالكترونية "ماذا أنجزت الحكومة للعاطلين؟ لا شيئ سوى الخطب والوعود، نريد موارد رزق تحفظ لنا كرامتنا".
وتابع "ما يجري في البلاد وأستمع لخطب السياسيين، وكل ما أستطيع قوله أني أشعر بالإحباط لقد وعدت حركة النهضة بتوفير 300 ألف موطن عمل لكنها إلى حد الآن لم تحقق شيئا يذكر، بل على العكس من ذلك تردت أوضاع البلاد أكثر، إننا في أزمة إن لم يتم معالجتها سيزجوا بالبلاد في المجهول".
ولاحظ "لقد انتخبت النهضة لأنها وعدتنا بالعمل ولكنها لم تف بوعدها، ولست مستعدا في الانتخابات القادمة أن أنتخبها".
ومنذ الثورة انتشرت ظاهرة التجارة الموازية بشكل كبير حيث استفاد المهربون من الانفلات الأمني والفوضى ليغرقوا السوق التونسية بكل أنواع البضائع.
واعترفت وزارة الداخلية أن "المشكل سيظل قائما إلى حين جاهزية فضاء جديد بشارع قرطاج".
وتقول بلدية تونس أنها بصدد تهيئة فضاء تجاري بتكلفة قدرها 7 ملايين دينار تونسي أي حوالي 5 ملايين دولار يتسع لحوالي 500 بائع.




سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)