الجزائر

زغماتي شرع في إجراءات استرجاع الأموال المحولة



* email
* facebook
* twitter
* linkedin
أكد الخبير الاقتصادي، علي مبروكين، أمس، أن هناك إرادة سياسية حقيقية لاسترجاع الأموال المحولة للخارج بطريقة غير شرعية، مشيرا إلى أن الجزائر باشرت فعلا إجراءات استرجاع هذه الأموال، منذ تولي السيد بلقاسم زغماتي وزارة العدل، حيث تحدث عن مراسلات وجهت لعدد من البلدان الأوروبية والولايات المتحدة الأمريكية وبلدان خليجية من أجل الحصول على معلومات حول هذه الأموال، التي قدرها بنحو 60 مليار دولار تم تحويلها في الفترة ما بين 2002 و2019.
وقال الخبير الاقتصادي إن مسألة استرجاع الأموال أصبحت "عملا يوميا" في وزارة العدل، بالرغم من عدم إعلام الرأي العام بخصوص هذه الإجراءات، وهو ما اعتبره "نقصا في الاتصال" أرجعه إلى "السرية" التي تطبع مثل هذه العمليات.
وأوضح ضيف منتدى جريدة "المجاهد" في هذا السياق، أنه "منذ تعيين بلقلسم زغماتي وزيرا للعدل، تم توجيه مراسلات إلى عدة بلدان أوروبية وإلى الولايات المتحدة الأمريكية وبعض بلدان الخليج، من أجل الحصول على معلومات حول هذه الأموال.. واعتقد أن وزارة العدل عليها أن تعلن عن مثل هذه الإجراءات، حتى وإن كانت ملزمة أحيانا بالسرية في عملها لأن المشكل حساس".
ورغم وجود إرادة سياسية وقوانين واتفاقيات دولية وجهوية صادقت عليها الجزائر، تسمح باسترجاع هذه الأموال، فان العملية معقدة، حسب المتحدث، الذي شدد على أن إنجاح العملية يتطلب توفر جملة من الشروط، أهمها "ضرورة الإسراع في اتخاذ الإجراءات اللازمة لذلك"، و"إعطاء السلطات الجزائرية أقصى قدر من المعلومات من أجل إقناع السلطات الأجنبية المعنية لاتخاذ إجراءات تحفظية تهدف إلى الحفاظ على الأموال حتى لا يتم إهدارها"، وكذا "الفصل بين المصالح الاقتصادية مع أي بلد والمتابعات القضائية لاسترجاع الأموال"، مع العمل على "رفع السر البنكي".
كما دعا السيد مبروكين إلى ضرورة التعاون مع مكتب الجزائر لمنظمة الشفافية الدولية، وإشراك الخبراء والمحامين من داخل وخارج الوطن المختصين في قضايا استرجاع الأموال، للعمل مع القضاة، الذين قال أنهم يفتقدون للخبرة في هذا المجال، مشيرا إلى أنها "المرة الأولى منذ الاستقلال تقرر السلطات بصفة رسمية استرجاع الأموال المحولة بطريقة غير شرعية من الخارج".
وبالنسبة للصعوبات التي يمكن تسجيلها، قال المتحدث أن أهمها هي استرجاع الأموال الموجودة في "الملاذات الضريبية" حيث لا يتم الاستفسار عن مصادر الأموال، كما تحدث عن مشاكل قانونية وعملياتية يمكنها عرقلة هذا المسار.
فبخصوص العراقيل القانونية، أشار مبروكين بوجه الخصوص إلى حماية التشريعات لمبدأ "السر البنكي"، إضافة لكون مصادرة الأموال تنفذ على الأشخاص الذين صدرت بحقهم أحكاما قضائية، كما أوضح أن التشريعات الغربية جد معقدة في مجال الإجراءات والأدلة. أما بخصوص العراقيل العملياتية، فذكر المشاكل الاتصالية ذات العلاقة بطلب "المساعدة القضائية المتبادلة"، و"التنسيق لاسترجاع الأموال"، و"مكافحة التأخر في إجراءات المساعدة القانونية المتبادلة". ورغم إبدائه تفاؤلا بشأن هذا المسار، أكد المتحدث أن الأمر سيأخذ وقتا طويلا "لا يقل عن خمس سنوات للحصول على جزء من الأموال المحولة".
من جهة أخرى، لفت مبروكين إلى ضرورة إسقاط أي تهمة حول تواطؤ بنك الجزائر في عمليات التحويل غير الشرعية، موضحا أن هذا السؤال سيطرح وأنه على السلطات إبراز الأدلة التي تبرئ بنك الجزائر من التورط في هذه التحويلات. كما شدد على ضرورة إشراك السلك الدبلوماسي في الإجراءات المتخذة لاسترجاع الأموال المنهوبة، قائلا أن الأمر قد تم الشروع فيه ميدانيا.
من جانب آخر، تطرق ضيف المنتدى، إلى جملة من المسائل الاقتصادية، وعلى رأسها التحديات التي تنتظر الرئيس المنتخب المقبل، والتي قال أن أهمها على الإطلاق هي التحديات المالية، وخاصة الدين العمومي الذي بلغ مستويات كبيرة بسبب التمويل غير التقليدي. وفي هذا الشأن، قال إن على الرئيس المقبل العمل على التحكم في النفقات العمومية، لأنه "لا يملك خيارا آخر"، لكن "دون المساس بالنموذج الاجتماعي الحالي ودون المساس بالنفقات الخاصة بالاستثمارات ذات الأولوية".
وأمام رئيس الجمهورية الذي سيختاره الشعب، يضيف مبروكين تحدي تحسين النمو الاقتصادي الذي عرف تراجعا في السنوات الأخيرة. وهو ما لن يتم إلا بترجيح كفة "سياسة العرض" بدل "سياسة الطلب" التي كانت سائدة منذ 1999. إضافة إلى رفع حصة الصناعة في الناتج الداخلي الخام، والتي تراجعت من 5.3 بالمائة في 2015 إلى 4.6 بالمائة في 2018.
ورغم إقراره بصعوبة الوضع الاقتصادي الذي سيواجهه الرئيس المقبل، فضل الخبير عدم السقوط في "الخطاب الكارثي"، معبرا عن اقتناعه بأن الجزائر تملك الإمكانيات والهوامش للخروج من الأزمة، لا سيما إذا التزم المسؤول الأول عن البلاد بمواصلة مكافحة الفساد، ووضع إستراتيجية تستجيب للتطورات التي تعرفها البلاد وخاصة النمو الديمغرافي الذي سيصل إلى 50 مليون نسمة في 2025.
كما أصر مبروكين على ضرورة اقتناع الرئيس المقبل بأن الاعتماد على الجباية البترولية "أصبح من الماضي"، وأنه لا بد من الذهاب نحو تجسيد "الإصلاحات الاقتصادية العميقة التي كان من المفروض أن تتم في 2014، سنة تهاوي أسعار النفط"، ولا سيما الإصلاحات الجبائية التي تسمح بتحسين مردودية الجباية وبتطبيق نظام جبائي عادل، وليس "الاقتطاع الضريبي المباشر من أجور الموظفين، في حين يناور أصحاب المهن الحرة والمؤسسات لعدم دفع الضرائب المفروضة عليهم".
وبخصوص الدعم الاجتماعي، أوضح أن المسألة حساسة، وأن البت فيها يتطلب دراسة جيدة للملف، وذلك لما يحمله أي تغيير من مخاطر على السلم الاجتماعي وعلى مستقبل الطبقة المتوسطة، التي تعد عماد المجتمع، معلنا عن رفضه توصيات البنك الدولي في هذا المجال.


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)