الجزائر

رودي كرول.. ظهير ولاعب كامل



رودي كرول.. ظهير ولاعب كامل
اسألوا أي طفل يمارس كرة القدم ما هو حلمه، فيأتي الجواب "أريد ان أكون هدافاً، صانعاً للألعاب، أو حارساً للمرمى" لكن نادراً ما يجيب "أريد أن أصبح ظهيراً لاحقاً." والواقع بأن أي لاعب لا يصبح ظهيراً أيسر بخيار شخصي، لكن بحسب الظروف: ربما يكون بدأ مسيرته جناحاً ويطلب منه التراجع إلى الخلف، أو يكون قلب دفاع يتمركز على الجهة اليمنى أو اليسرى إذا كانت مصلحة فريقه تقتضي ذلك، أو حتى بخيار من المدرب.إلا في هولندا. فمنذ السبعينات لا يصبح أي لاعب ظهيراً أيسر عن طريق الخطأ، لكن لهدف معين هو أن يصبح شبيها لأحد الأبطال والمقصود هنا رودي كرول.سيطر كرول على مركز الظهير الأيسر في الدوري الهولندي، وأوروبا والعالم من خلال فوزه بالدوري المحلي أعوام 1970، 1972، 1973، 1977، 1979، 1980، وكأس أبطال الأندية الأوروبية عامي 1972 و1973، وكأس الإنتركونتيننتال عام 1972.
عندما كشفت صحيفة "بيلد تسايتونج" في صدر صفحاتها عشية إقامة المباراة النهائية لكأس العالم ألمانيا 1974، بأن اللاعبين الهولنديين أمضوا ليلة صاخبة برفقة جيدة حول أحد أحواض السباحة، نفهم لماذا دعا يوهان كرويف زملاءه ليعلن لهم صراحة "نحن نواجه مشكلة كبيرة." البعض نفى هذه المعلومات، والآخر وصفها بالمؤامرة، لكن ما هو أكيد بأن هذه المسألة قد تؤثر على الهولنديين عندما يدخلون أرض الملعب لمواجهة ألمانيا في النهائي في اليوم التالي وتزعزع ثقتهم بأنفسهم. أما كرول فلم يعر ذلك اهتماماً كبيراً ورأى "الأمر سيان في كل مكان، تحاول الصحافة كل ما بوسعها لمساعدة الدولة المضيفة على الفوز. بالطبع، لقد قرأت المقال، لكننا كنا مركزين على المباراة النهائية."رفع فرانز بكنباور وزملاؤه الكأس، لكن الهولنديين نالوا الإشادة من كل حدب وصوب في عالم كرة القدم بعد أن خاضوا بطولة رائعة نجحوا خلالها في التفوق على أوروجواي (2-0)، الأرجنتين (4-0)، والبرازيل بطلة العالم (2-0) وقدموا فيها كرة قدم من الحلم. اعتبرت خسارة المباراة النهائية، كأنها مجرد تأجيل لتتويج قادم لأن الكرة الهولندية كانت تتقدم على منافساتها بأشواط.وجاء التأكيد بعد أربعة أعوام في الأرجنتين حتى في غياب صانع الألعاب كرويف الذي بقي في البلاد، لكن بوجود كرول كقائد وليبيرو، قدَم المنتخب البرتقالي كرة قدم خيالية ليبلغ المباراة النهائية. لكن القدر كان على الموعد مجدداً لأن الدولة المضيفة التي كانت مدعومة من أنصار صاخبين كانت منافسة هولندا في المباراة النهائية للمرة الثانية على التوالي. وكان ماريو كمبيس، شأنه في ذلك شأن مولر قبل أربع سنوات جلاد الهولنديين في الوقت الاضافي ليقود فريقه إلى الفوز 3-1، علماً بأن المنتخب الهولندي كان قد قلب تخلفه 0-1 إلى تعادل 1-1 في الدقائق العشر الأخيرة من المباراة كما أنه أصاب العارضة بواسطة روب رينسينبرينك بتمريرة من كرول في الثواني الأخيرة من الوقت الأصلي.إذا كان هناك من نقاش عن هوية أفضل لاعب لم يفز بكأس العالم إطلاقاً حيث يحار المرء في تسمية بلاتيني، دي ستيفانو، بوشكاش، زيكو أو أوزيبيو، فإن الجواب على هذا السؤال سهل جداً عندما يتعلق الأمر بأفضل فريق. حتى المنتخب المجري الأسطوري عام 1954 لا يستطيع منافسة الهولنديين على هذا التميز. ويعترف كرول بعد ثلاثين عاماً على هذه الخيبة المزدوجة "تبقى هذه الخيبة عميقة، ولم أقلب الصفحة بعد. إنه أمر محزن ألا تتوّج بطلاً للعالم في صفوف فريق قدم أداءاً مميزاً بهذا الشكل. لدي ميداليتان فضيتان، لكنني لن اتردد في استبدالهما بواحدة ذهبية. سنبقى دائماً ذلك الفريق الذي لعب جيداً ولم يفز بشيء. بالطبع، فاز منتخب 1988 بكأس أوروبا، لكن ليس كأس العالم. وكأس العالم مختلفة بالطبع."
أهدرت الكرة الهولندية الفرصة لفرض سيطرتها على العالم، في الوقت ذاته الذي شهد فيه أياكس امستردام توقف سطوته على الكرة الأوروبية بفضل سيطرة الأندية الألمانية والإنجليزية بعد ذلك والتي تقاسمت الألقاب الأوروبية العشرة من 1974 إلى 1983. عام 1980، احتفل كرول بعيد ميلاده واعتبر بأن أفضل أيامه أصبحت وراءه. فقرر القيام بتجربة في شمال أمريكا وتحديداً في صفوف فانكوفر وايتكابس. لكن بعد خوضه 14 مباراة في صفوف فريقه الجديد شعر بأنه لا يزال شاباً وقادراً على العطاء، فانضم إلى نابولي.
لكن مرة جديدة، كان كرول في المكان السيء في الوقت السيء. فقد أمضى أربعة مواسم في نابولي ولم يحرز أي لقب باستثناء واحد رسمي شخصي هو أفضل لاعب أجنبي في الدوري الإيطالي عام 1981، في حين حصل على لقب غير رسمي كونه الأقرب إلى أنصار نادي نابولي. ترك النادي الجنوبي عام 1984 قبل أيام قليلة من قدوم دييجو مارادونا. في الوقت الذي كان فيه النادي الإيطالي يكتب أول أسطر من أسطورته، كان كرول يعيش آخر أيامه في صفوف نادي كان في الدرجة الثانية الفرنسية.في المدينة التي تحتضن أشهر مهرجان للفن السابع، لخص كرول مسيرته ببعض الكلمات قائلاً "كرة القدم ليست فناً، لكن الفن هو إجادة لعب كرة القدم."


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)