الجزائر

رمضانيات : سلفية.. بلا عقل



رمضانيات : سلفية.. بلا عقل
طالما تساءلت: هل يوجد في الإسلام شيء اسمه «سلفية».. بهذا اللفظ تحديدا؟
وبتقليب كل الأوراق.. في النص كما في التاريخ.. لم أعثر على هذه السلفية.. كما تشيع اليوم.. بطقوسها وأشكالها وخطابها الديني.. فلم يقل أحد من الصحابة.. وقد كانوا خير أمة أخرجت للناس في كل الأزمان.. إنهم سلفية.. ولم نقرأ حديثا نبويا واحدا يأمر الناس أن يكونوا (سلفيين).. بالمعنى المتداول لهذا المصطلح.. كأن يقدموا الاهتمام بالحديث مهما كانت درجة صحته على الاهتمام بالقرآن الكريم.. ويقفوا عند ظاهر النص بغير فقه وتدبر لحقيقته.. ويختزلوا الإسلام في أشكال مخصوصة يصفونها بالسنة.. كتقصير الثوب.. وارتداء الجورب.. وينكروا المذاهب الأربعة.. ويضعوا الشمع الأحمر على باب الاجتهاد.. ويروا أنفسهم الفرقة الناجية.. وغيرهم مبتدعة هلكى!
هذه السلفية التي تشعبت طرائقها.. فأنكر بعضها قضايا الحكم والشورى والسياسة.. وسلموا الأمر برمته للحاكم.. يفعل ما يشاء.. فغضوا الطرف عن موبقاته.. ووطّأوا له ظهور الناس.. باعتباره ولي أمر المسلمين.. الذي تجب له الطاعة وإن ضرب ظهرك وأخذ مالك.. وانتهوا إلى تبرير أفعال الحاكم.. وإن خالفت الشرع.. وظهر أنها من نضح نزواته المريضة.
واستل بعضهم السيف.. ليستبيح دماء الناس وأعراضهم.. احتكاما لنصوص تم عزلها عن سياقها وظروفها.. وقرأوها بأسلوب الخوارج في الاستنباط.. فأنكروا الصندوق الانتخابي والمجالس النيابية.. وقالوا إن الديمقراطية كفر وبدعة بالمطلق.. والطريق إلى الإسلام ممهور بالدماء.. فأعلنوا الحرب على الجميع.
السلفية كما هي اليوم.. شيء دخيل على الإسلام.. بدأت ذات يوم مجرد إنكار للشرك في جزيرة العرب.. واستوت اليوم لونا من الممارسة الدينية الجافة.. الموغلة في شكليتها.. المتشبثة بفهم سقيم للدين.. تحاصر العقل وتضطهده.
لقد أنتجت السلفية مذاهب في الدين.. وليس مذهبا واحدا.. وتضخمت في مسائل فرعية.. على حساب الأصول الكبرى للإسلام.. وقدموا في بعض الأحيان صورة كاريكاتورية عن الإسلام.. وبهذه الصورة أساؤوا إليه.. ولم يخدموه!
يفتي أحدهم بقطع يد سارق صغير.. ربما حفزه الجوع والفقر المدقع على فعل ذلك.. ويغضون الطرف عن سارق بحجم حاكم بأمره.. يستحوذ على مال الأمة.. لينفقه على ملذاته.. وليحصن به كرسيه ضد ثورة المظلومين.
إن الإسلام.. رسالة وبيان ومنهج وهدى.. من الله للإنسان.. وليس تفسيرا سطحيا.. يبادر به عقل عقيم.. يعجز عن الانتماء لعصره المكتظ بالتحديات.. فيهرب إلى زمن غيره.. ناسيا أن (تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُم مَّا كَسَبْتُمْ وَلاَ تُسْأَلُونَ عَمَّا كَانُواْ يَعْمَلُونَ البقرة141).


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)