هناك بلد عربي في قارة آسيا وفي منطقة الرافدين اسمه العراق، ما زال بعد لم يمح نهائيا من الخارطة، وإن كان ما يحدث فيه لم يعد يهم أحدا، بل لم يعد يهم العراقيين أنفسهم إلا عندما يتعلق بقتلى في طائفتهم.ما يجري في العراق لم يعد يهم الوزير الأول العراقي نفسه نوري المالكي، الذي لا أدري بسبب عجزه عن حل أزمة العراق والخروج به من النفق المظلم، أو لأسباب طائفية لم يكلف نفسه عناء إدانة المجازر التي تمس مواطنيه من السنّة.
كل مواصفات الحرب الأهلية متوفرة في العراق، وكل طائفة تزايد على الأخرى بحصد المزيد من الأرواح في الطائفة الأخرى، ما أدى إلى تسجيل أزيد من 500 قتيل في جويلية الجاري وآلاف الجرحى.
جرائم وجد فيها النظام العاجز عن حل مشاكل البلاد الأمنية والاقتصادية غطاء يبرر به عجزه.
المصيبة أن هذا العراق المقطع الأوصال، الذي ينام ويستيقظ على التفجيرات والمجازر، يراد منه أن يكون مرجعية لأنظمة الشرق الأوسط الجديد، مثلما تريدها أمريكا، تحطم البنية التحتية والاجتماعية التي كانت قائمة زمن صدام الدكتاتوري، وتبني بنية اجتماعية جديدة على الطائفية والكراهية، بصورة تصبح معها كل مصالحة اجتماعية مستحيلة، ويستحيل معها بناء وطن بالمفهوم العصري، وطن لجميع الطوائف والأديان.
أما البنية الاقتصادية والتحتية التي تحطمت وما زالت عرضة للدمار يوميا، فهي الغنيمة التي كسبتها أمريكا من غزو هذا البلد، وستتقاسم شركاتها العالمية المشاريع والملايير لإعادة بناء عراق جديد، عراق بلا روح وبلا شعب.
وهذا هو النموذج الذي تريد أمريكا تطبيقه في سوريا بعد الانتهاء من حملة الدمار الشمال البنيوي والاجتماعي، بعد كل الكراهية التي زرعتها وسط الشعب السوري وفرقته إلى طوائف وفرق متناحرة.
فأين الديمقراطية التي وعد بها بوش الابن العراقيين من كل هذا الدمار؟ كل ما جناه العراقيون بعد الدمار، الفرقة والإقصاء السياسي، فلم تعد هناك معارضة ولا شراكة في الحكم. على الأقل زمن صدام رغم جبروته كان هناك نوع من المعارضة، وهناك دولة قائمة بمؤسسات ومنظومة اجتماعية صلبة، وشعب متعلم، واقتصاد مزدهر... فكل ما تغير الآن أن الحكم انتقل إلى يد الشيعة الموالين لإيران، وأصبحت إيران اللاعب الرئيسي في المنطقة رغما عن أمريكا التي تدعي معاداتها لنظام الملالي، فيما يعيش الشمال المستقل ذاتيا في فوضى.
فأين المنظمة الأممية من كل ما يحدث في العراق وهي التي لم تتمكن من منع أمريكا من غزو العراق وتدميره؟ فهل قدمت شيئا من باب الإنسانية لأطفال العراق لحمايتهم من هذه الحرب المدمرة؟! أم أنها فقط تكتفي بارسال المبعوثين، وتصفيف التقارير التي تحمي العراقيين من الكراهية الطائفية؟
أين جامعة الدول العربية من كل ما يحدث في العراق، أم أن الدور والمال الخليجي اشترى كل الذمم، ودول الخليج ترقص اليوم فرحا مما يعانيه العراق من ويلات؟ هكذا لن يتطلع زعيم عراقي آخر للتوسع مثلما فعل صدام في صائفة 1990 عندما غزا الكويت. وكان التصرف الجنوني الذي جنى على كل المنطقة!؟
إنه رمضان عراقي بطعم الدم!؟
-
تعليقكـم
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
تاريخ الإضافة : 22/07/2013
مضاف من طرف : presse-algerie
صاحب المقال : حدة حزام
المصدر : www.al-fadjr.com