رضا ''الماريكان'' ومعاناة المواطن الغلبان

أعطى التلفزيون الجزائري حيزا هاما لنشاطات وزيرنا للخارجية في الولايات المتحدة الأمركية ولقائه مع هيلاري كلينتون، ونقل بشكل موسع تصريحاتهما، وهو تعامل طبيعي لأن الأمر يتعلق بأكبر قوة في العالم لها كلمتها وتأثيرها في كل التطورات التي تشهدها مختلف مناطق المعمورة.
في المقابل، تشهد مختلف الأحياء والبلديات والولايات يوميا عشرات الاحتجاجات والاعتصامات وقطع الطرق، للمطالبة بتحسين ظروف الحياة ومحاسبة المسؤولين على ممارسات المحسوبية والرشوة، وعلى عدم الوفاء بالتزاماتهم نحو المواطن، لكن لا أثـر لهذه الاحتجاجات على شاشة التلفزيون، وهو أمر غير طبيعي يطالب المواطن بتغييره منذ سنوات طويلة دون جدوى.
المعروف أن مسؤولي أمريكا والدول الغربية عامة براغماتيون، يعربون عن ارتياحهم، ويساندون الأنظمة في قراراتها إذا كانت تصب في مصالحهم أو على الأقل لا تتناقض معها، ولا يعرفون التعامل بالعاطفة، ولا يقدمون أية خدمة بالمجان، ومستعدون لتغيير مواقفهم جذريا حسب مصالحهم، من منطلق لا صداقات دائمة، ولا عداوات دائمة، وحدها المصالح دائمة ، وخير دليل على ذلك طريقة تعاملهم مع التغيرات التي وقعت في بعض الدول العربية مؤخرا، حيث تخلوا عن رؤوس الأنظمة في هذه الدول، بعد أن كانوا ولمدة غير بعيدة يقدمون لها كل الدعم والمساندة.
طبيعي أن نأخذ في الحسبان مواقف القوى التي تتحكم في خيوط اللعبة السياسية على مستوى العالم الذي تغير كثيرا في المدة الأخيرة، وضروري أن نعمل على إرضاء شركائنا وكسب الدعم الدولي، وتجنب عداوات نحن في غنى عنها. لكن الدعم الخارجي لن يحل مشاكلنا التي يجب على التلفزيون أن يتطرق لها بالعرض والتحليل، ويعطي الكلمة للمواطن وللكفاءات التي تتوفر على قوة الاقتراح، ولا يكتفي بالتغني بكل كلمة طيبة تقولها فينا أية جهة أجنبية، وكأن مشاكلنا كلها ستجد حلولا لأن أمريكا راضية عنا.
ومثلما في الأدب والفن، يرقى الإبداع إلى العالمية بمدى التجذر في المحلية، يكتسب احترام العالم في السياسة من مدى رضا الرعية في الداخل عن طريقة تسيير شؤونها. وبعبارة مختصرة، جميل ومفيد رضا الماريكان ، لكن الأجمل والأفيد هو رضا المواطن الغلبان.


chaabanezerrouk@yahoo.fr