الجزائر

رسالة مفتوحة


صوب الإصلاح
بقلم: م.لواتي

منذ بدأت المشاورات من أجل البدء بالإصلاح كانت في حد ذاتها بداية لعملية الإصلاح، ومن ثم فإن على كل الأطراف – جميعها – حزبية وغير حزبية أن تنظر إلى أسس ومرتكزات المستقبل وأن تلغي من ذاكرتها ما كان لديها من أفكار ضمن الماضي، أو أخذت في التواري مع الماضي، ذلك أن الإصلاحات ليست للماضي وإنما للمستقبل، والعالم بتجدد بسرعة وربما في كل لحظة، وظاهرة التجديد فيه – سياسيا واقتصاديا وتكنولوجيا – تكاد تكون بلمحة البصر.
والحال هذه فإننا جميعا مطالبون بالتوجه صوب الواقعية ومبدأ التجديد الواقعي، وان القناعات الحزبية يجب أن توضع في الخلف أو على الرفوف، لأن الإصلاح منظور اجتماعي عام يقوم على الرأي والرأي الآخر، ولم لا، الأخذ بمذهب سياسي يلتزم به الجميع، لأن الوطن ليس شتاتا حزبيا ولكنه قاعدة تمكين. الكل فيها يجد مكانه وصوته وهو أيضا ليس للحاضر وكفى بل هو للحاضر والمستقبل بما فيهما من حلم جيل اليوم وأجيال المستقبل.
نحن أمام منعرجات سياسية تسود العالم اليوم، التداخل فيها مريب ووصل إلى حد التهديد لكيان الدول، أحيانا باسم “حقوق الإنسان” وأحيانا أخرى باسم الديمقراطية..؟ وغلق هذين البابين صار لزامنا بل ضرورة من ضرورات العصر، ثم أن التماس المستقبل لن يكون بالتعصب للرأي ولا بالعصبية الرافضة لمنطق الفكر الجماعي والمؤسساتي .. نعم الآراء تختلف وتتعدد ولكن الاختلاف الذي يكون رحمة لا نقمة .. الاختلاف الذي يدري صاحبه ويبصر، لا الاختلاف الذي يقوم على فكر “أنا وبعدي الطوفان”.
إن نظرية التعالي التي تقدسها بعض الأحزاب العرقية بناء على رؤية تاريخية انتهت بانتهاء عصر الحزب الواحد… الأحادية والتجزيئية للتاريخ مرفوضة لأنها غير قادرة على استقطاب الواقع وتمكين العصرنة فيه. إن المنطق يقوّم (بتشديد الواو) الواقع مثلما يقوم الذات ويجدد آليات الفكر تجد المتغيرات المتسرعة التي تحكم اليوم المجتمعات البشرية. بل والحضارات الإنسانية، وإن الذين ينظرون من خلف رماد التاريخ لرؤية الواقع ومن ثم لرؤية الماضي دون أن يوجهوا أنظارهم صوب الشد التاريخي لعناصر المستقبل يتبرعون بأخطائهم ضد مستقبلهم ويظنون أنهم مجندون لخدمة المصالح الكبرى للوطن.
إن الخطأ التاريخي لا يسحب على التاريخ ولكن يجر صاحبه إلى حفر التاريخ، من هنا يبدو التوافق أمرا مهما بين الجميع وأن الانصياع لرأي الأغلبية أمر تدعو إليه كل المتغيرات الفكرية حتى الهامشية منها إذا كانت خالية من العصبة ومن خلفها الرؤية الجامدة أمام المتغيرات الجديدة والجادة معا.
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)