الجزائر

رسالة الرئيس بوتفليقة لعائلة الفقيد الرئيس الأسبق ''أحمد بن بلة''



رسالة الرئيس بوتفليقة لعائلة الفقيد الرئيس الأسبق ''أحمد بن بلة''
''يشاء القدر أن يرحل عنا واحدا من أبرز زعماء الجزائر المعاصرين وحكيم من صفوة حكماء إفريقيا المتبصرين، المجاهد الرئيس المغفور له بإذنه تعالى أحمد بن بلة، أحسن الرحمان وفادته وطيب ثراه وأكرم مثواه وأنزله في جنات النعيم مع الصادقين والشهداء وحسن أولئك رفيقا· لقد إقترن إسم الفقيد بتاريخ الحركة الوطنية وثورة التحرير الظافرة، وبناء الدولة الحديثة وترك بنضاله مآثر في مسيرة الجزائر ونهضتها منذ كان على رأس المنظمة الخاصة لحركة إنتصار الحريات الديمقراطية في أربعينيات القرن المنصرم· قد كابد في نضاله الطويل ظلمة السجون وذاق أهوال التعذيب وغربة المنفى، ولكن ذلك لم يزحزحه عن مبادئه قيد أنملة، ولم ينل من صلابة عزيمته وإيمانه بحق شعبه في التحرير وإستعادة السيادة مثقال ذرة بل زاد في تصميمه وإيمانه ببلوغ الغاية القصوى في نضاله· كان من الرعيل الأول الذين خططوا لثورة التحرير، وحملوا مشعلها في الداخل والخارج إلى أن غدرت به إدارة الإستعمار في قرصنة جوية غير مسبوقة، صحبة ثلة من رفاقه الزعماء في 22 أكتوبر من عام ,1956 ليمضي مرة أخرى، أمدا في زنازين المحتل، لكنه ظل على عهده صامدا مسهما من غيابات السجن بأرائه، وحكمته في تسيير شؤون ثورة نوفمبر، إلى جانب رفاق الدرب في جيش وجبهة التحرير، ثم في الحكومة المؤقتة· ولم يكن من المصادفة، أن يرتقي فقيد الجزائر سدة الحكم في الجزائر المستقلة ليتحمل مسؤولية ثقيلة بالنظر إلى ما كان عليه وضع البلاد آنذاك، بعد سبع سنوات ونصف من الدمار الشامل، وعلى خلفية أكثر من قرن وربع قرن من الإحتلال البغيض''·

بوفاة ''أحمد بن بلة'' تكون الجزائر ''فقدت فيه اليوم، رجلا من رجالاتها التاريخيين العظام أدى الواجب بأمانة مناضلا ومجاهدا ورئيسا أولا، للجزائر المستقلة عمت سمعته المشرفة كل أرجاء العالم، على الرغم من السنين التي أثقلت كاهله، فقد ظل على عهده أمينا مسهما في دعم تدابير وإجراءات الوئام والمصالحة الوطنية، وإرساء ثقافة السلم والمحبة والتآخي في وطنه الحبيب وفي القارة الإفريقية·

وهكذا، فمن ذروة النضال السياسي إلى قمة الكفاح المسلح إلى سدة الحكم إلى أوج الصبر والوفاء إلى الرفيق الأعلى، ظل فقيد الجزائر يكافح وينافح طيلة حياته المديدة التي لم ينتقل فيها من موقف سام إلا إلى موقف أسمى، حتى رحل عن الدنيا·

وجدير بمن آتاه الله هذه المكانة الرفيعة، وحباه بالمراكز العالية والأخلاق الفاضلة، أن يتربع في حياته على عرشه في قلوب مواطنيه وأن ينال الإعجاب والتبجيل لدى معاصريه، وأن تعتصر لفقده عيون كل الجزائريين دمعا، وتنفطر قلوبهم ألما، فليس من الهين فقدانه ولا في الإمكان نسيانه·

فنم هانئا قرير العين أيها الأخ العزيز، بعد أن رأيت وطنك الحبيب يخطو وئيدا إلى الأمن والإستقرار، ويتدرج واثقا إلى الرخاء والإزدهار، وقد إلتحم بنوه وإلتأموا في مسيرة مبشرة بغد مفعم باليمن والخير·

وإذ أعزي أسرتكم ورفاق دربكم في النضال، فإنما أعزي نفسي متضرعا إلى المولى عز وجل، أن ينزل في قلوبهم وقلوبنا الصبر الجميل ويعوضهم ويعوضنا في فراقكم بالخير الوفير ويوفيهم ويوفينا الأجر العظيم وطوبى لكم أيها المجاهد الرئيس بجوار رب رؤوف رحيم''·


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)