الجزائر

رسالة إلى الأفارقة



رسالة إلى الأفارقة
وجّهت الجزائر رسالة بليغة إلى الشعوب الإفريقية، عبر حدثين بارزين احتضنتهما العاصمة في ظرف أسبوع واحد، تم فيهما استحضار الماضي الاستعماري بكل آلامهو نضالاته و طرح تصور مستقبلي لتجسيد آمال الاستقلال الوطني لملايين الأفارقة في مجال التنمية و التعليم و الصحة.رسالة الجزائر هذه أطلقت خلال ملتقى دوليا حول مساهمة الجزائر في تصفية الاستعمار في إفريقيا، حضرته شخصيات تاريخية كانت شاهدة على هذا الدور النضالي طيلة الستينيات و السبعينيات و الثمانينيات، و إلى غاية اليوم أين تقف الجزائر على رأس البلدان الإفريقية لتصفية آخر مستعمرة مغربية لأرض الصحراء الغربية.الوجه الثاني للرسالة كان من خلال تنظيم المنتدى الإفريقي للاستثمار و الأعمال، أين التزمت فيه الجزائر بتجسيد مشاريع و إقامة شراكات حقيقية بين الشركات الإفريقيةو بين رجال الأعمال، في الوقت الذي تتدافع فيه قوى جديدة و تتكالب فيه القوى التقليدية الاستعمارية على إعادة غزو أسواق القارة السمراء بعدما تشبّعت و شاخت القارات الأخرى.الجزائر ذكّرت الجميع بالتضحيات الجسيمة التي دفعت ثمنها بالأمس الشعوب الإفريقية للحصول على الاستقلال الوطني، و ما يلزمها اليوم من مقاومة مستمرة للغزاة الجدد الذين يريدون العودة من خلال مشاريع لا تسمنو لا تغني من جوع أو وعود كاذبة لإقامة شراكة وهمية غير قابلة للتجسيد.و كأن الجزائر تحذر الأفارقة من السقوط في اللعبة و تقديم قارتهم على أنها سوق مفتوحة على مصراعيها لجميع الأجناس، أو أنها مفرغة للشركات العالمية التي تريد التخلص من سلعها المكدسة بأي ثمن.و ليس خافيا على أحد أن إفريقيا أصبحت منذ حوالي عشر سنوات، بمثابة القارة الجديدة بالنسبة لكثير من القوى العظمى و الصاعدة التي تكتشفها و هي تبحث عن متنفس اقتصادي لمنتجاتها واسعة الاستهلاك.و يتسابق الآن الأمريكيون و الصينيونو الأوروبيون و الروس و الخليجيون و إسرائيل و حتى المغرب المعزول دبلوماسيا و جغرافيا، على حط الرحال و الاستراحة في القارة العذراء التي تزخر بالمواد الأولية الأساسيةو بسوق استهلاكي واعد يفوق خمس مئة مليون نسمة.العالم كله يريد اكتشاف إفريقيا و الاستثمار في مآسي شعوبها التي لازالت تبحث عن إشباع الحاجات الأساسية، و ما صدّ الهجرات المتتالية نحو أوروبا عبر قوارب الموت، إلا ذريعة جديدة للغرب الذي يريد إعطاء انطباع كاذب على مدى نيته الصادقة في الاستجابة للحاجات الأساسية لمئات الآلاف من المهاجرين داخل بلدانهم الأصلية و ليس على التراب الأوروبي.و على النقيض من ذلك تقف الجزائر التي ساهمت في تحرير القارة من الاستعمار الأوروبي، لتؤكد من جديد على بعدها الإفريقي و أنها تحتل مكانة محترمة في وجدان الشعوب الإفريقية التي لا يمكن أن تنطلي عليها حيلة المستثمرين الجدد الذين يريدون شراء ذمم بعض المسؤولين بمشاريع وهمية.الجزائر تعرف إفريقيا جيّدا ، لأنها لم تتخل عنها يوما واحدا، بل رافقتها في الظروف الصعبة و دافعت عن حقوق شعوبها في المحافل الدولية، و لم تستثمر سياسيا و لا اقتصاديا في مآسيها و ما أكثرها.إن التاريخ و الجغرافيا، يؤهلان الجزائر أكثر من أي بلد آخر، لأن تصبح الشريك السياسي و الاقتصادي المثالي للشعوب الإفريقية التي تبحث عن شركاء لا عن مستعمرين بأقنعةجديدة.


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)