" إذا كنت تتعطّش إلى العدالة، فسوف تعيش أبد الدهر عطشانا " جولز رونار
بنيّ إلياس
اليوم تمر ثمانية أشهر على رحيل والدك و معه ثلّة من خيرة أبناء الجزائر ... قضاء الله و قدره و لا رادّ لقضائه. نعم ... نقول قضاء الله و قدره و نصبر و نحتسب و ندعو الله تعالى لجميع موتانا بالرحمة و المغفرة.
بنيّ إلياس
لقد تغيّرت الكثير من الأمور في الفترة التي تلت وفاة والدك ... و لعل أشدها وقعا على نفسك البريئة أنك بصدد أول عيد فطر بدون الوالد رحمه الله. لذلك أقول لك : أنت لست أول من تيتّم و لست أول من فقد عزيزا و لست أول طفل في الدنيا يمضي العيد في غياب أزلي للأب. و لست أول طفل يذهب إلى المحلّ ليختار ملابس العيد بدون رفقة الأب، بل يوجد الكثيرون ممن وقع لهم ما وقع لك و شملتهم رعاية الله تعالى و توفيقه لهم في الحياة الدنيا ... هذا عزائي لك يا إلياس.
أي بنيّ ...
لقد سقطت القيم الأخلاقية و عدمت القلوب خوف الله عز و جل و صار الإهمال ديدننا و العشوائية رداءنا و الارتجالية كساءنا ... إلا ما شاء ربّك.
لقد صار المنصب في هذا الزمان تشريفا و لم يعد تكليفا. و صرنا أعجز عن تحمّل المسؤولية و الإقرار بالتقصير في حمل الأمانة و الاعتراف بالخطأ ... صرنا لا نفرّق بين خطأ التقدير و سوء التدبير.
لقد صرنا نرى المهازل كل يوم و كل ساعة و كل ثانية ... تكالب على الصفقات و تناطح على المناصب و تنافس على تصدر المجالس و في سبيل ذلك تحبك الدسائس.
لقد صار الدّوس على القوانين إثما لا يقترفه فقط من وكّلوا لتطبيق القانون ... بل تعدى الأمر إلى من يناقشون و يشرّعون لهذه القوانين قبل صدورها.
رأيناهم يا إلياس و هم يوسّخون أسوار مدرستك بصورهم ... و رأيناهم و هم يلبسون ابتساماتهم في وجوهنا ... و نراهم اليوم عندما بدؤوا يتصدّرون المجالس و يلتقطون الصّور التذكارية مع شتّى أصناف البشر ... لقد دنّسوا بصورهم مدرستك و لكنّهم لم يجدوا من يحاسبهم و يغرّمهم ... و هاهي بقيّتهم تستعدّ لتدنيس أسوار بيتك و مدرستك مرّة أخرى في شهر نوفمبر القادم ... و لا نعتقد أنّنا سنجد من يحاسبهم.
الدودان يقتل في الجلفة و لا تجد من يتحمل المسؤولية ... لا يهمّ، أدفنوا الموتى و ضعوا قليلا من الزفت على الطريق و إشارات مرور و تنبيه فيما بعد.
المترشح يدنّس الجدران بصوره المقيتة ... لا يهمّ، الدولة ستتكفّل بدهن البنايات و إسناد تلك الصفقات إلى المحظوظين فيما بعد.
لا شيء يهم في هذه البلاد ...
بني إلياس
التاريخ يحفظ البطولات و يخلد التضحيات و يكتب بأحرف من ذهب أسماء الأبطال و المخلصين لهذا الوطن ... و لكنه - أي التاريخ- لا ينسى من داسوا على القيم و الأخلاق و لا يتغافل عن المزورين و لا يتجاوز عمن أساؤوا إلى الوطن و العباد. و قد قيل "التاريخ جغرافيا متحركة، و الجغرافيا تاريخ ساكن".
التاريخ مثلما لديه صفحات من ذهب يخلد بها أسماء و أفعالا ... كذلك لديه مزبلة يرمي إليها كل من خان الأمانة و لم يكن على قدر المسؤولية و لم يعاقب و لم يحاسب من كانوا تحت إمرته ذات يوم.
بني إلياس
أكتب إليك لأنك أنت المستقبل و أنت هو الأمل و أنت رجاؤنا الذي به الصبح يقترب كما قال ابن باديس رحمه الله تعالى ... عفوا لأننا لا نملك لك إلا القلم لنكتب عما يعترينا و ذلك أضعف الإيمان.
عيد سعيد يا إلياس و كل عام و أنت و إخوتك بألف خير ... و أعاده الله عليك و على أهلك و كافة المسلمين بالسعادة و اليمن و الحبور.
-
تعليقكـم
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
تاريخ الإضافة : 16/08/2012
مضاف من طرف : presse-algerie
صاحب المقال : خلوي طسطارة
المصدر : www.djelfa.info