الجزائر

رسالة إلى أمين الزاوي من خطوط النار اتحاد الكتاب قضية وطن


يمتعنا ويفجعنا نزار قباني إذ يقول "إن أقسى الأشياء للنفس ظلما / قلم بيد الجبان الجبان"، وما أكثر الأحيان التي نعصبها بأعناقنا ونرضى بكظم الغيظ حياء وترفعا، ليس جبنا.. فالجزائري الحر رافض بطبعه، وأحب أن يكون الرفض طاقة إيجابية بعيدا عن التدمير والإنتحار. هذه رسالة عتاب إلى الكاتب أمين الزاوي ردا على ما جاء في ركنه "أقواس" بيومية الشروق تحت عنوان "الحداثة في زمن كليب وداحس والغبراء"، وهو رد لطيف على سهام فلتت من أقواس يبدو أنها في زمن النقاهة. ليست المرة الأولى التي يطرق فيها الزاوي أبواب اتحاد الكتاب الجزائريين ناعيا يرثي زمنا فردوسيا ويبكي على أطلاله، بكاء يتجدد ونواح يعربد، وصداع يتلبسني دوما من هذه المقاربات الكربلائية الغامزة، آثرت ياصديقي أمين أن نتعرى جميعا بالكتابة لنبرأ من عاهات هز البطن، كتابة ربما تكون داحسية النزعة ولكنها عالمة ما تقول ولا تقول كل ما تعرف. قد يكون مشروعا مناقشة قانونية المكتبة الموجودة في بهو اتحاد الكتاب الجزائريين ـ وهي في حدود ثقافتي القانونية المتواضعة لا تراوغ القانون وإن راوغته فلتذهب إلى الجحيم ـ ولكن هل يمكن اعتبار كراء فضاء اتحاد الكتاب لإقامة مكتبة سبة ونقيصة، إن سلمنا بذلك فهذه السبة ليست إلا عطاس رجل ينكحه مرض عضال، مرض اتحاد الكتاب أكبر من كتب في الرفوف، ولا تتحمل قيادته الحالية إلا النزر القليل من المسؤولية، لأن الإرث كان أفحش. وما دامت مقاربة قضايانا الثقافية قد آثرت أن تهرول نحو حتفها بعته غريب، فإني لا أعتقد أن الدكتور الزاوي يجهل أن ممتلكات اتحاد الكتاب الجزائريين من شقق وأرض زمن الحزب الواحد هي الآن في مهب الريح. أكيد أنه لا يجهل ذلك ما دام يذكر أن أول جائزة أدبية كبرى أعطيت في جزائر الإستقلال كانت من إشراف اتحاد الكتاب الجزائريين سنة 1964 بدعم من الرئيس أحمد بن بلة ـ بارك الله عمره. والمؤكد بلا ريب أن الدكتور يعرف وقد كان من أبرز المتابعين للمشهد الثقافي في العشرية الأخيرة، وهو على رأس المكتبة الوطنية، أن ميزانية اتحاد الكتاب الجزائريين لا تسد نقفات ملتقى محترم من ثلاثة أيام في جزائر السخاء على الثقافة كما يرى، فعلام لا يلتفت الزاوي إلى هذا الوجع العبثي النادر، وعلام يألم من رفوف تؤذن برأيه بـ  "الموت السري" لاتحاد الكتاب الجزائريين. والسؤال لا يطرح على الزاوي وحده وإنما على كل شريف في هذه الأرض الطهور، وإذا كان اتحاد الكتاب يعيش موتا سريا فإن الكتاب أنفسهم يتقاذفهم الموت العلني من أمراض في البدن وفي النفس أعيت من يداويها، والإنسان أولى وأقدس من البنيان. هذه هي التركة الملغمة التي وجدناها بدار لقمان، أليس هذا إرث كتاب يؤمنون بالجمال والثورة والتغيير، كما قلت يا صديقي أمين، أم هو لوثة كتاب اليوم الذين رأيت "لعابهم يسيل على المناصب عن طريق النصب الثقافي المحترف لرفاق لهم في الحرف والكتابة"، والنصب الثقافي فيما نعلم عادة توارثها الكتاب في الجزائر بشكل خرافي، ولأهل الشيب والعيب في النصب فنون، والدكتور يعرف السابقين واللاحقين، فعلام لا يألم لهم ومنهم ويقول للجزائر: احذري هؤلاء، أم أن وراء الأكمة ما وراءها. أقول، والعهدة على قلبي الطافح بمزن أمل لا ينام معي، إن اتحاد الكتاب الجزائريين وما يعيشه من مأساة / ملهاة، ليس قضية قيادات أو أسماء، أو صراعات حزبية أحقر من هذا الورق، أو قضية غنائم، وكله موجود، إن القضية بالدرجة الأولى قضية وطن في انتظار عودة الروح، الوعي، العقل، الذكاء، الحب، والفحولة الثقافية، وإلا فصورته قد تختصر كثيرا من الثرثرة وتريح الأوراق من حبر لا يسمن ولا يغني، هو قضية وطن مادام يحمل وصف  "الجزائريين".كان جديرا بالكتّاب أن يكونوا في الصفوف الأولى ولو بقليل من الصدق، لأن الكلام الفارغ من البرج العاجي والتألم الخرافي على أوراق الجرائد ليس إلا ضراط عجوز يتضور جنسا على مربربة لا تلتفت إلى من اشتعل قلبه شيبا وعيبا. إني لأخال كثيرا من الأجيال الجديدة  تنزف ألما ولسان حالها ما قال امرؤ القيس ذات حزن "ضيعني أبي صغيرا وحملني دمه كبيرا، لا سكر اليوم ولا صحو غدا". ونعادولك.. يقول شاعر روسي كبير يكتب بلغته ويفكر بحياتها "ليس مهما أن تكون شاعرا عظيما، المهم هو أن تكون مواطنا عظيما".
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)