الجزائر

رحلة البحث عن العلم



رحلة البحث عن العلم
الحمد لله ذو المنن المحسن بأنواع النعم ذو الفضل
والجود والكرم.
والصلاة والسلام على نبينا وسائر النبيبن وآل كل.

في حوالي سن التاسعة عشر سنة 1988 م إلتزمت على إقامة الصلاة في المسجد وكنت حريصا على حضور حلقة قراءة القرآن جماعة قبل صلاة المغرب، التي كان يقيمها عمي علي إمام الصلوات الخمس وكان يحفظ القرآن جيدا، وكان الإمام الخطيب الشيخ رابح متخرج من معهد سوريا وكان الشيخ رابح لا يحفظ القرآن كله، لذلك يحضر الحلقة بتسيير عمي علي تحت إشرافه.
ومع مرور بعض الوقت من هذا الزمن تحصلت على كتاب لمحمد علي الصابوني من كنوز السنة، وهو كتاب يشرح أحاديث صحيحة ( أبحاث لغوية وأبحاث نحوية وأبحاث بلاغية وشرح أدبي ) فيه فوائد لغوية للمبتدئين ينتفعون بها وتعينهم على البحث والتعمق في علوم اللغة.
وكتاب الرحلة إلى الدار الآخرة، وهو كتاب فيه مواعظ بليغة ومسائل عقائدية نفيسة وأشعار كثيرة لطيفة تذكر بالموت وما بعده على العباد حتم القبر وحفرته وما فيه من العذاب والنعيم.
ثم بعدها بأشهر اشتريت كتاب رياض الصالحين للإمام المحدث الفقيه اللغوي الزاهد النووي، لقد فرحت كثيرا بالكتاب وبما اشتمل عليه، لأنني كنت متلهفا إلى معرفة أحاديث النبي -صلى الله عليه وسلم-.
ثم بعد أشهر اشتريت دليل الفالحين شرح رياض الصالحين، أربع مجلدات فيه فوائد لغوية جمة، وأساليب الشرح.
كان معظم وقتي للقرأءة في الليل والقرآن في النهار.
وكانت مكتبة المسجد تعير الكتب لمدة 15 عشر يوما، فكنت أستعير كتب التفسير ( تفسير المراغي والقرطبي والثعالبي والتفسير الباطني والتفسير الإشاري وتفسير ابن كثير وابن جرير والجلالين وتفسبر الزمخشىي). وكتب علوم القرآن ( الإتقان في علوم القرآن للسيوطي والبرهان في علوم القرآن للزركشي).
فمن كتب التفسير بدأت الخوض في مختلف الفنون فلقد اعتكفت على دراسة تفسير ابن كثير وكنت إذا لم أفهم مصطلحا في فن ما طلبت ذالك الفن، أو أشار إلى مصدر طلبت ذلك فقرأته.
فلقد كنت مولوعا بقراءة أمهات الكتب والبحث في بطونها.
ومن ذلك البحث عن رواة الحديث وطبقاتهم في كتب الجرح والتعديل.
وذلك أني لما بدأت قراءة كتب الحديث بأسانيدها تحتم علي معرفة علوم الحديث فتحصلت على نسخة من كتاب مقدمة ابن الصلاح (معرفة علوم الحديث).
فبدأت في معرفة معنى الصحيح من الحديث والحسن والضعيف، ومصطلحات أخرى.
وكانت مكتبة في ملحق مسجد الإيمان تشرف عليها البلدية فيها كتب نافعة فكنت أدرست فيها.
من بين ما درست : تفسير الرازي والزمخشري و تدريب الراوي وتهذيب التهذيب والكفاية في علم الرواية وموطأ مالك وأوضح المسالك إلى ألفية ابن مالك والمعلم بفوائد مسلم وفتح الباري شرح صحيح البخاري وكتاب الأربعين العجلونية وكتب البلاغة وإعراب القرآن وكتب أصول الفقه والفقه.
وكان أخ في الله لنا يرشدنا إلى بعض طرق طلب العلم حتى لا نكثر الكتب بغير استفادة، فكان يقدم لي نصائح وارشادات وكتب ومطويات في العقيدة للعثيمين وأبو بكر الجزائري وابن باز والألباني.
وكنت مع كثير الأصدقاء نتدارس في ما بيننا مسائل في العقيدة والعربية والتفسير.، الشيء الذي يدفعني إلى البحث والتحقيق في بعض فروع مسائل العقيدة والفقه المختلف فيها.
وكنت عندما تقام معارض للكتاب أختار بعض الكتب فأشتريها، وكانت تقيم المعارض مؤسسة الكتاب، فاشتريت تأويل الأحاديث الموهمة للتشبيه للسيوطي والمزهر في علوم اللغة وأنواعها، وأسرار البلاغة في علم البيان للجرجاني، و صيانة صحيح مسلم من الإخلال والخلط وحمايته من الإسقاط والسقط، وشرح قطر الندى وبل الصدى في النحو والتحفتة السنية بشرح المقدمة الآجرومية والداء والدواء لابن القيم والطب النبوي له وكتب أخرى نافعة.
ومما ساعدي على البحث في المذاهب الفقهية وأصل التشريع الإسلامي كتاب د. بدران أبو العينين بدران من مصر.
وبعد أيام أحضر لي أخ في الله ترتيل عبد الباسط أشرطة سمعية برواية حفص عن عاصم (ستون حزبا)
كنت قد طلبت منه ذلك بإلحاح، فانتفعت بها بفضل الله وكنت من قبل قد درست أحكام القراءة من إدغام وإظهار وإخفاء وغيرها.
فبدأت مع مرور الأيام بالتحسن شيئا فشيئا في قراءة القرآن وعلومه.
وأهداني صديقا ربع المهلكات من كتاب إحياء علوم الدين للغزالي وكتاب الفوائد لابن القيم.
الأمر الذي جعلني أهتم بجمع كتب ابن القيم، وكان قبلها قد أشار إليه ابن كثير لكتابه باب الهجرتين وطريق السعادتين في تفسيره بقوله قال شيخنا في باب الهجرتين.
ثم أهداني صديق آخر مقدمة ابن خلدون، فدرسته أياما، لقد أعجبت بطريقة وأسلوب الكتاب، وكان له أثر بالغ في تفتحي على كثير من الفنون ومساعدتي في التوسع بالبحث في جملة الفنون التي بدأت بالإطلاع عليها ودراستها.


إضطراب في الطريق

توفي والدي سنة 1994 سبب لي إضطراب في النفس والفكر لم تثبت وتستقر إلى ركن.
كانت مرحلة قاصية دامت سنوات، أهم ما تصفحت من كتب فيها (عدة الصابرين وذخيرة الشاكرين وتسلية المصاب عند فقد الأحباب والأصحاب وطريق الهجرتين وباب السعادتين وإغاثة اللهفان من مصايد الشيطان).
وحدث خلاف بين الأهل حول أمور كثيرة وربما اعتقدنا فيها كما قال الشاعر: وظلـم ذوي القربـى أشــدُّ مضـاضـة على المرء من وقع الحسام المهند.
ولما كنت في هذه المرحلة مضطربا نفسيا اهتممت بكتب علم النفس فلقد اشتريت كتاب علم النفس البشري (تكوينها واضطرابها وعلاجها) للدكتور علي أبو ماضي وكتاب دع القلق وابدأ الحياة لديل كارنيجي.
ومع كل هذه المشاكل القوية والحيرة لم أتوقف على قراءة الكتب لقد ازداد حبي لكتب ابن القيم فأنا أطالعها على الدوام.
ولكني في هذه الحالة أصبحت منذ أواخر سنة 1996 مدمنا على الأدوية المسكنات والمنومات والمنبهات، كذلك على التدخين بكثرة.
لقد كنت في سنة 1989 ممارسا لرياضة العدو والفنون القتالية واللياقة البدنية.. لقد بدأ جسدي يضعف لقد بدأت أفقد لياقتي البدنية وصحتي.
فإن بقيت على هذه الحالة فسوف أخسر كل شيء لقد كان غالبا ما يغلب على لساني قول القائل: ما لا يترك كله يدرك جله.
لقد كان الأمل مصاحبا لي وإرادتي وعزيمتي قوية فأنا مستعد لترك كل الآفات الضارة في أي لحظة.
في أواخر سنة 1997 في شهر رجب قررت أن أترك التدخين والأدوية، فصمت عشر أيام من رجب ثم عشرين يوما من شعبان ثم شهر رمضان.
وبما أني مقلع على الإدمان، لزمت البيت والراحة الجسدية حتى بدأت أثار الإدمان تظهر (الصداع وكثرة تصبب العرق والأرق والقيء وغيرها).
وبعد ثمانية أشهر صرت أذهب إلى المسجد وأواظب على قراءة القرآن وبعض الكتب.
ولما تحسنت صحيا في سنة 1998، كانت مجموعة من الأصدقاء يمارسون كمال الأجسام فانضممت معهم في ممارسة كمال الأجسام إلى سنة 2003 (05 سنوات).
وكنت في هذه الفترة أقرأ كتب السحر والمس والعين، فكنت أرقي من يطلب مني ذلك، وأتنقل معهم إلى مختلف البلديات، وكنت أقرأ كل يوم ربع من القرآن (15 حزب).
بعد هذا حدث ما لم يكن في الحسبان لقد انهرت نفسبا كلية فليس لدي شهية للطعام والرغبة في النشاط والحركة حتى مخالطة الناس والحديث معهم (أريد وصاله ويريد هجري * * فأترك ما أريد إلى ما يريد).
إذا مرضنا تداوينا بذكركم * فنترك الذكر أحيانا فننتكس.
في هذه الفترة ليس هنا رغبة في قراءة كتب ولا حتى القرآن، ولكن كنت أقرأ مدارج السالكين لابن القيم.
حتى إلى قول جبريل لرسول الله (أنت رسول الله لما انقطع الوحي عنه).
كذلك يفتح الله على العارف في نومه مالا يفتحه عليه في اليقظة
فاستفدت من الكتاب بعض المعاني والعبارات عند القوم.
إنها سنوات كانت قد غيرت عندي كل شيء مفهوم العلم، والإتكال على الحال والركون إليه، وغرور النفس، لقد تغير كل شيء فلقد صرت كالميت لدى الغسال لا أعتقد جلب نفع ولا دفع ضر، يقلبه يمينا وشمالا.
لقد صرت معتصما مفتقرا منفصلا. بعد ما كنت متصلا حالا، ومتفرق مشتت القلب بعدما كنت مجموعا، ومفتقرا بعدما كنت مفتخرا.
في هذه الحالة كنت أقضي معظم وقتي في المسجد أقرأ القرآن (سنوات).
لما قضيت مدة على هذه الحالة في 2010 بحثت عن عمل فوفقت مع شركة خمدمات مطعمية عدة أشهر ثم شركة بناء صينية عدة أشهر كذلك
ثم في سنة 2012 مع العملاق الصيني للبناء 10 أشهر.

(بتبع)


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)