الجزائر

"ربيع" الدبلوماسية الجزائرية من العرب إلى الأصدقاء




سجلت الدبلوماسية الجزائرية نجاحات واضحة في سعيها لرأب الصدع على جبهات عربية وإفريقية من دول الجوار، وكان الملف المالي أبرز النزاعات التي بذلت فيها الخارجية الجزائرية جهودا مضنية وذلك بحكم تعقيداته وتشابك الأطراف والجهات التي استعملت في بعض الأحيان ورقة "التخلاط" في محاولة لإجهاض دور الجزائر الذي باشرته منذ الأيام الأولى لبداية النزاع المسلح في المنطقة، وقد رجحت عدة هيئات دولية ومعاهد ومراكز دراسات، أن تكون تكلفة الحرب في مالي الأعلى في تاريخ النزاعات المسلحة في إفريقيا على ضوء وجود عدة تنظيمات تصادمت مصالحها وتناقضت أطروحاتها في ساحة حرب مفتوحة، يمكن وقتها أن تزج بدول أخرى فيها، لكن تسارع المساعي السياسية التي قادتها الجزائر ومعارضتها للتدخل العسكري في المنطقة أدى إلى نزع فتيل أزمة كان بالإمكان أن تفجر أمن منطقة الساحل وباقي دول الجوار، وأن تتحول إلى بؤرة لتفريخ الإرهاب والجماعات ذات الامتداد الإقليمي في العالم العربي. الدبلوماسية في الجزائر حققت نجاحات فعلية لا يمكن تجاهلها أو التقليل من شأنها رغم دخول المغرب على الخط، عندما جند أجهزته في محاولة لاختراق الحوار المالي المالي وإفساد عرس المصالحة بين أطراف النزاع ، تماما مثلما حدث في الملف الليبي الذي دخلت الرباط على خطه بمجرد بروز الدور الجزائري، حيث استقطبت تيارات إلى المغرب في حوار لم يؤد إلا إلى المزيد من الصدامات المسلحة في ليبيا.الملف التونسي بتداعياته لم يغيب عن يد الدبلوماسية في الجزائر، فقد كانت لجزائر من بين أكثر الدول حرصا على أن تمسك بكل أواق الملف التونسي، بعيدا عن التدخل الأجنبي وحتى العربي، لأنها ربما البلد الوحيد الذي يملك دراية كاملة بكافة خبايا هذا الملف، حيث عملت على تقريب وجهات النظر بين أطراف الأزمة سواء حركة النهضة وباقي التيارات الإسلامية بما في ذلك السلفية العلمية التي تحظى في بلادنا بعلاقات قوية مع السلطة، كما تمكنت من ربط جسر تواصل مع الجهات الموالية للنظام السابق أو تلك التي عملت في مستويات عليا من القيادة التونسية خلال عهد الرئيس الهارب زين العابدين بن علي، كل ذلك مكن من أن تتولى الجزائر ملف الأزمة وتفكك قنابله لدرايتها أن أي خطأ قد يفجر الداخل التونسي ما يؤثر أيضا على استقرار الجزائر وأمنها. وكان شعار كل التحركات والتحولات الإيجابية التي عرفها هذا الملف يحمل عنوانا واحدا أمن تونس واستقرارها من أمن الجزائر.الملف الليبي حمل أيضا جرأة في المواقف الدبلوماسية والسياسية للجزائر، فقد أعلنت الجزائر بشكل واضح وصريح رفضها التدخل العسكري في ليبيا، ولولا إصرار الجزائر على موقفها الرافض لتدخل القوى الغربية والحلف الأطلسي في ليبيا مثلما عارضته قبيل سقوط القذافي لكانت الساحة الليبية أكثر دموية مما نراه اليوم، وهي تتجه نحو قرار وطني حازم يعيد للدولة الليبية هيبتها ويخرجها من دائرة الفشل و الانهيار.وأخيرا كانت الأزمة اليمنية تجربة أخرى للدبلوماسية في الجزائر، فقد رفضت المشاركة في ضرب اليمن أو الحوثيين على وجه التحديد، وهذا له ارتباط برؤية للمصالح المشتركة مع محاور الدولية أخرى تبدأ من روسيا وتمر عبر إيران وسوريا ولبنان، وحتى لو انحدر هذا الملف نحو الصبغة المذهبية في الصراع، فإن الجزائر ظلت تحافظ على التوازن في العلاقات بين إيران ودول الخليج.




سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)