كتب رابح ماجر اسمه بأحرف من ذهب في تاريخ كرة القدم الجزائرية والإفريقية وحتى العالمية، حيث تمكن ابن مدرسة النصرية من أن يخطف الأضواء والنجومية خاصة في الفترة التي قاضها مع نادي بورتو الذي التحق بصفوفه في عام 1985، وبعد موسمين من التحاقه بالفريق البرتغالي، أي في سنة 1987 سجل ماجر هدفه الشهير ب''الكعب'' في نهائي كأس رابطة أبطال أوروبا إحدى أقوى المنافسات في القارة العجوز، أمام بايرن ميونيخ، بطريقة فنية أصبحت تحمل اسمه، ”هدف على طريقة ماجر”.
ابن عائلة قبائلية ولد بحي حسين داي العريق
من مدينة الحلم وجمال الطبيعة «تغزيرت» المتوسطية، التي تعد واحدة من أجمل المدن الواقعة شرق العاصمة الجزائرية بتيزي وزو، ولاية القبائل الكبرى ومدينة أهل الفن والرسم والأدب والإبداع القبائلي، انحدر ابن حي حسين داي، أين ولد مدلل العائلة القبائلية رابح ماجر في ال15 فيفري 1958، لم يتعلم لغة أجداده الأمازيغية، لكنه أتقن منها كلمته الأولى «تاكورت» أي الكرة مع أولى خطواته في بيت والديه، حيث ترعرع معه حبها، ووالده المرحوم الذي كان يملك محلا لبيع الزهور لم يكن يعلم أنه سيوهب زهرة في جمال زهور نبتة «إيزو» الصفرا المعنى الأصلي الأمازيغي لاسم مدينة تيزي وزو.
فريق ديوان الحليب أول ناد تلقى فيه أبجديات الكرة
على غرار الكثير من الشباب، داعب ماجر الكرة في الشوارع كغيره من اقرأنه، أين بدأت رحلته الحافلة بالإنجازات من هذه الأحياء والشوارع الشعبية لبلدية حسين داي، ومع بلوغه سن الثانية عشرة، أمضى ماجر على أول إجازة رسمية له في نادي ديوان الحليب، وهو الفريق الذي تعلم فيه بعض من أبجديات كرة القدم، كما أن وجوده في حي يعشق كرة القدم، جعله يمضي للنصرية ومنها كانت البداية الحقيقة لماجر مع الكرة المستديرة، حيث لفت أنظار الجميع بطريقة أدائه المميزة، وتحول بين عشية وضحاها إلى حديث كل من شاهده وهو يداعب كرة القدم بقدميه الصغيرتين.
نجمه سطع من خلال نادي ملاحة حسين داي
مع مرور السنوات، زاد تألق ماجر، حيث تحول إلى معشوق جماهير « الملاحة» بحي حسين داي، فكان من البديهي أن يتسلق سلم الشهرة دون عوائق ومتاعب، ومما زاد في شهرته، ثراء تشكيلة النصرية التي لعب فيها، كآيت الحسين ومرزقان ولعزيزي، ماجر ونظرا لما كان يقدمه فوق الميدان، مع الشبان كان من البديهي أن يتم ترقيته إلى صنف الأكابر، فأبلى البلاء الحسن مع تشكيلة الأكابر، بفضل طريقة أدائه المميزة التي أرعبت المدافعين وحراس المرمى، رغم أن سنه لم يكن يتجاوز حينها السادسة عشرة.
لعب في عدة مناصب قبل تألقه كمهاجم
من خلال انتقاله في مختلف الفئات، لعب ابن الجزائر في عدة مناصب مختلفة، حيث بدأ ممارسة معشوقته كلاعب وسط في نادي ديوان الحليب، وبعدما انتقل إلى ملاحة حسين داي لعب في أكثر من منصب (ظهير أيمن، ظهير أيسر، مدافع محوري(، لكن صاحب الفضل في تأطيره بفريقه المحبوب المدرب المرحوم بهمان عبد القادر انتبه إلى مقدرته على التسجيل رغم منصبه كمدافع، الأمر الذي شجع مدربه على منحه منصب هجوم أين تألق وأبدع أكثر بتسجيله الأهداف تارة والمشاركة في صنع اللعب تارة أخرى.
كأس الجزائر 1979 أول ألقابه مع النصرية
خسارة أصحاب الزي الذهبي كما يحلو للكثير مناداة النصرية، كأس الجزائر عام 1977 أمام شبيبة القبائل لم يثن من عزيمة ماجر الذي تابع هذا اللقاء من مدرجات ملعب 5 جويلية، وهو يتلذذ بحلاوة التتويج بكأس الجزائر للأواسط، حيث زاده إصرارا وعزيمة أن يفوز ذات يوم بكأس الأكابر، حيث لم تمض إلا سنتان حتى ثأر ماجر من القبائليين، في نهائي مثير ورائع، أين تمكن ماجر بفضل الهدف الثاني الذي وقعه في شباك الحارس الدولي الجزائري آنذاك مهدي سرباح، دقائق بعد هدف التعادل الذي وقعه زميله أحمد آيت الحسين من الظفر بالكأس الغالية محليا.
يعد من بين الثلاثي الذهبي الذي أنجبته الجزائر
تتويج رابح ماجر بكأس الجزائر كان نقطة تحول في مسيرة هذا اللاعب، خاصة وأن هذا التتويج تزامن مع ظهور الجيل الذهبي للمنتخب الوطني، فشكل مع لخضر بلومي وصالح عصاد، أخطر ثلاثي عرفته التشكيلة الوطنية في تاريخ الكرة الجزائرية، حيث زاد من شهرة هذا اللاعب وبات محل أطماع جميع الفرق الجزائرية، لكن حبه للنصرية بقي أبديا، ولم يلعب لغيرها في الجزائر.
رشيد مخلوفي فتح له باب المنتخب وهو في سن مبكرة
تألق ماجر الملفت مع ناديه، فتح له الطريق إلى المنتخب الجزائري من أوسع الأبواب، حيث أعطاه المدرب رشيد مخلوفي فرصة حمل القميص الوطني سنة 1978، أين كان سنه لم يتجاوز بعد ال18 سنة، المدرب القدير رشيد مخلوفي لم يبخل عليه بالنصائح والتوجيهات الأمر الذي ساعده كثيرا على النضج الفني والمهاري، ليصبح ماجر منذ ذلك الوقت رقما أساسيا في المنتخب الوطني إلى غاية اعتزاله اللعب سنة 1992 مع الخضر بعد أن خاض آخر منافسة للكأس الإفريقية التي أقيمت وقتها بالسينغال.
ساهم بشكل كبير في العودة القوية للخضر خلال كان 80
تمكن ماجر من قيادة المنتخب الجزائري للعودة إلى منافسات الكأس القارية بعد غياب دام 12 سنة عن أول دورة خاضها الفريق الوطني عام 1968، أين عرف الخصر انتعاشة حقيقة في وجوده مع كل من بلومي وعصاد وفرقاني في تلك السنوات، واستطاع الخضر التأهل للدور الثاني من التصفيات دون عناء بعد انسحاب بورندي ليواجهوا الجار الليبي العنيد الذي استطاعوا التفوق عليه، وفي النهائيات أثبت رفاق النجم الجزائري علو كعبهم في مجموعتهم أين انتزعوا صدارتها على حساب كل من المغرب وغانا، ليخوض بعد ذلك صاحب الكعب الشهير بعد أن أطاح أبناء الصحراء بالمنتخب المصري في الدور نصف النهائي المباراة النهائية لكأس أمم إفريقيا عام 1980 بلاغوس النيجيرية، والتي لولا طبيعة ذلك اللقاء، لكانت الكأس من نصيب شبان الجزائر، بقيادة صاحب ال22 سنة رابح ماجر.
ثأر بطريقته من نيجيريا وأهل الخضر لأول مرة إلى مونديال إسبانيا
فشل المنتخب الوطني من انتزاع الكأس الإفريقية، لم يثن من عزيمة اللاعبين الجزائريين بقيادة نجم منتخبنا الوطني رابح ماجر، حيث قاد ابن حسين داي وبامتياز الفريق الوطني إلى مونديال إسبانيا بجدارة واستحقاق، بعد أن ثأر من النيجيريين ذهابا بلاغوس 2-0 وإيابا 2-1 بملعب 17 جوان بقسنطينة )الشهيد حملاوي(، وهو اللقاء الذي سجل فيه ماجر واحدا من أروع أهدافه في مسيرته الكروية، فصنع به فرحة الجزائريين في ليلة من أغلى ليالي الجزائر التي صادفت الذكرى ال26 من اندلاع ثورة نوفمبر المجيدة.
تألق في مونديال الإسبان بقهره للألمان
في مونديال إسبانيا، أفضت قرعة المجموعات إلى وقوع الخضر في موقف لا يحسدون عليه، أين تواجد رفقاء أحسن لاعب عربي على مدار قرن، في مجموعة منتخب الماكينات الألمانية، وفي ذلك الوقت لم يشك أحد أن نتيجة تلك المباراة محسومة مسبقا بين المنتخبين، نظرا لقوة المنتخب الألماني، لكن الجزائريين فجروا قنبلة وأنزلوا الصاعقة على المنتخب الألماني حينما هزمهوه بهدفين لواحد، كان لماجر واحد منهما، في مواجهة ستظل عالقة في أذهان الألمان لمدة طويلة، تسعين دقيقة كانت كافية للجزائر أن تلفت نظر الجميع في مختلف أصقاع العالم، حيث راح حتى من في أقصى بقاع المعمورة يتساءل عن ذلك الفتى الذي هز شباك الألمان، ذلك الفتى اسمه ماجر، الساحر الذي سحر بقدميه العالم أجمع، في يوم فتحت له أبواب الشهرة على مصراعيها.
شهرته بدأت تتوسع أكثر بعد أول مشاركة له في كان 80 ومونديال 82
بعد الأداء الرائع والمستوى الكبير الذي قدمه مدلل الجزائر في كل من كان 80 ومونديال إسبانيا 82، تهافتت الأندية الأوروبية على نجم الخصر الأول رابح ماجر، وكان نادي راسينغ باريس هو صاحب الحظ في الفوز بخدمات هذا النجم العربي الذي خاض معه ثلاثة مواسم بداية من عام 1982، وانطلاقا من الموسم الأول لم يخيب ماجر الآمال فقاد فريقه للفوز بدوري الدرجة الثانية بعدما سجل 23 هدفا، لكن فيما بعد كان جليا دور ماجر عندما غاب عن ناديه بسبب الإصابة فتهاوى الفريق في بطولة الدرجة الأولى ولم يستطع مقارعة الأندية الفرنسية الكبيرة، فهبط مجددا إلى الدرجة الثانية وهنا استغل نادي بورتو البرتغالي، الذي اكتسب رابح شهرته فيه فيما بعد الفرصة للتعاقد مع النجم الصاعد في ذلك الوقت.
قدم الكثير لبورتو الذي عرف فيه طريق النجومية بشكل أكبر
لقي رابح ترحيبا كبيرا في بورتو مع بداية أول موسم له فيه عام 1985، وبالفعل كان في حجم المسؤولية التي ألقيت على عاتقه، ولعب موسما ممتازا مع فريقه الجديد، وقاده لتحقيق البطولة البرتغالية في أول موسم له سنة 1986، كما نال جائزة أفضل لاعب أجنبي في الدوري في ذلك العام، أما في سنة 1987 فقد حقق رابح ماجر حلم كل لاعب يلعب في أوروبا، ودخل التاريخ من بابه الواسع، حيث قاد فريقه بورتو لمنصة المجد عندما حصد كأس الأبطال الأوروبية، وذلك للمرة الأولى في تاريخ النادي بفضل الهدف التاريخي الذي وقعه بالكعب في شباك الحارس البلجيكي الشهير جون ماري بفاف، حارس بايرن مبونيخ، والذي أدخل ماجر في قائمة أحسن اللاعبين الأفارقة المحترفين في القارة العجوز، نال من خلالها لقب أحسن لاعب إفريقي بعد أن تسلم الكرة الذهبية الإفريقية.
فالنسيا ونادي قطر آخر الفرق التي لعب لها قبل الاعتزال
أنهى النجم الجزائري مشواره مع ناديه البرتغالي أف سي بورتو سنه 1991، وهذا بعد أن قضى موسما في نادي فالنسيا سنة 1988، وهناك تألق بإبداعاته في ملاعب إسبانيا، أين نال احترام الجمهور الإسباني في ذلك الوقت المليء بالنجوم، ولكنه ما لبث أن عاد إلى بورتو بعد موسم قصير مع الخفافيش، وبعد ذلك قرر تغيير الأجواء نهائيا بعد أن شد الرحال إلى الجزيرة العربية ولعب لنادي قطر القطري وهنالك توقفت مسيرته الكروية كلاعب محترف أين كان عمره 34 سنة.
عاد وتألق مع الخضر وساهم في منح الجزائر النجمة الوحيدة في كأس إفريقيا
تألق قاهر الألمان ولاعب بورتو السابق مع منتخبنا الوطني خلال منافسات العرس الإفريقي في نسختها ال17، والذي احتضنته الجزائر عام 1990، وبهذه المناسبة استطاع رابح ماجر بقيادة المدرب القدير عبدالحميد كرمالي إهداء بلد المليون والنصف مليون شهيد لقب كأس إفريقيا 1990، والتربع على العرش الإفريقي لأول مرة في التاريخ، وذلك بعد المستوى الذي ظهر به لاعبو الخضر، وخصوصا ماجر الذي بدأ المنافسة بهدفين جميلين في مرمى النسور الممتازة، والذي أنهى الدورة كأحسن لاعب.
كان 92 آخر مشاركة له مع المنتخب الوطني واعتزل فيها اللعب نهائيا
لعب رابح ماجر آخر مباراة رسمية مع المنتخب الوطني في دورة كأس أمم إفريقيا عام 1992 بمدينة زيغنشور السينغالية، أمام المنتخب الكونغولي، وشاء القدر أن يعتزل نجم الجزائر الذي شرف بلاده لآخر لحظة قضاها في صفوف الخضر، بخروجه من الأبواب الضيقة بعد الإقصاء المر للخضر من الدور الأول ، أشهر من ذلك بعد قرر ماجر وضع حد نهائي لمسيرته الكروية، بعد أن كان يلعب لأحد النوادي القطرية، تاركا وراءه مشوارا ذهبيا لم نر مثيله إلى غاية اليوم.
-
تعليقكـم
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
تاريخ الإضافة : 11/01/2013
مضاف من طرف : presse-algerie
صاحب المقال : باسم
المصدر : www.elkhabarerriadhi.com