الجزائر

رائحة صفقة



لم يكن أبوجرة ينتظر هدية أثمن من التي حصل عليها من ''خوانجية'' تونس والمغرب، إثر الفوز الساحق في انتخابات أبهرت نتائجها المتعاطفين مع أصحاب الذقون والعمائم. ولم يكن أويحيى وبلخادم ينتظران أن تجري الرياح بما يشتهي سلطاني الذي خرج فور إعلان النتائج، منهيا مسكه على الجمر واحتساب تأوهات الألم الذي مزق أطراف جسد حركته، بسبب مواقف سياسية باتت اليوم إكراهية بعدما كانت من قبل طواعية. كل المؤشرات تدل على وجود رائحة صفقة بين أويحيى وبلخادم، أولى ملامحها الهدوء الذي غزا صفوف الأفالان، والانضباط الحازم في معسكرات الأرندي.. في وقت انكمشت القوى الإسلامية في قواعدها خائفة مما يحضّر لها في الخفاء على مقربة من إعطاء إشارة بدء سباق تشريعيات الربيع القادم الذي سيكون جزائريا هذه المرة. وتدل كل المؤشرات أيضا على أن أي انتخابات لا يفوز بها الإسلاميون ليست نزيهة.. وأننا في الجزائر لن نشذ عن هذه القاعدة، التي أقرّتها مختبرات الدول العظمى لإعادة رسم الخريطة الشرق أوسطية.  إن أي انتخابات لا يشارك فيها الإسلاميون من الآن فصاعدا (ولا يفوزون بها) مآلها الفشل والنجاح معا، الفشل لأن أصحاب العمامة واللحية، صبروا ستين سنة ليحصل ما حصل لأصحاب ربطات العنق و''الكوستيمات''. قبل أيام وجه الدبلوماسي الجزائري المخضرم، لخضر الإبراهيمي، نصيحة غير مباشرة لحكامنا، بأن يتعاملوا إيجابيا مع صعود أسهم الإسلاميين المعتدلين، معترفا بأنهم يستحقون فرصة تجريب أنفسهم وأفكارهم في إدارة حكومات شعوبهم. وقال الإبراهيمي من بيروت: ''كنا نقول لهم أنتم أصحاب العمائم تصلحون لأن نصلي وراءكم ولا تصلحون لأن تحكموا، واليوم أقول لهم إنكم تصلحون للحكم أيضا ونحن الذين فشلنا''. فهل أخطأ أبوجرة لما هدد بمغادرة بيت الطاعة (التحالف)؟ ظاهريا لا.. لأن شريكيه فيه لم يقبلا به يوما حليفا لهما في الجلوس بقاعة انتظار مطبخ السلطة، بل كانا يمنان عليه وعلى إخوانه، بأدوار ثانوية كتلك التي توكل للممثلين ''الكومبارس'' على خشبة المسرح! ومع ذلك، يبقى الحذر مطلوبا، قد يكون أبوجرة موافقا على أداء دور ثانوي جديد يمنع به وصول ''خوانجية'' مثله للسلطة التي هي هدفه وهدفهم المنشود.. فلننتظر، فإن غدا لناظره قريب.    jalal.bouati@gmail.com


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)