الجزائر

رئيس قسم اللغة التركية الدكتور بن حفري يؤكد ل السياسي :


- هذه هي حقيقة الوجود العثماني في الجزائر- السلطات مطالبة بالترويج للموروث الثقافي الجزائري في تركيا
- نحو فتح مركز ثقافي تركي في الجزائر
قال أستاذ التاريخ العثماني بجامعة الجزائر 2، ورئيس قسم اللغة التركية الدكتور شكيب بن حفري، في حوار مع السياسي ، إن العلاقات بين الجزائر وتركيا تمتد لأكثر من ثلاثة قرون من الزمن وبالضبط منذ تاريخ الوجود العثماني في بلادنا، وقد عادت هذه العلاقات التاريخية القوية مؤخرا الى الواجهة، يقول محدثنا، بفعل تأثر الجزائريين بالدراما والمسلسلات التركية المدبلجة والتي أحدثت، بحسب تحليله، نوعا من التقارب بين الشعبين والثقافتين الجزائرية والتركية. وحول حقيقة وجود تعاون ثقافي وأكاديمي بين البلدين بنفس قيمة المبادلات التجارية، قال بن حفري، الذي يعد أول جزائري يحصل على دكتوراه في التاريخ العثماني من جامعة أنقرة عام 1989، إن التعاون في المجال الأكاديمي وصل لذروته منذ سنة 2013 بعد افتتاح أول قسم للغة التركية في الجزائر. وعن إقبال الطلبة الجزائريين على دراسة اللغة التركية، قال محدثنا بلغة الأرقام: خلال هذه السنة، هناك 850 طالب بقسم اللغة التركية بكل من جامعة الجزائر 2 وجامعة قسنطينة، وهذا ما يدل، حسبه، على زيادة إقبال الجزائريين على دراسة هذه اللغة المطلوبة بكثرة في سوق الشغل بالجزائر.
بعد أسبوع من زيارة الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، لم تهدأ وتيرة الجدل في صفوف الطبقة السياسية والأكاديمية بين مرحب ومعارض، ما تعليقكم؟
الاختلاف الحاصل بخصوص زيارة الرئيس التركي للجزائر نابع من عدم توحيد المفاهيم بين تيارين من المؤرخين والمفكرين في الجزائر، الأول منبعه الكتب الفرنسية والثاني يعمل على المراجع العثمانية، ومن المؤاخذات التي نسجلها في هذا الموضوع هو عدم العمل على الأرشيف العثماني في الجزائر والذي يبلغ 14 كلم من الوثائق التي تركها العثمانيون في الجزائر، وهذا خطأ منهجي كبير لأن المراجع العثمانية أولى بالدراسة والتشريح من نظيرتها الفرنسية لأنها الأصل والباقي فروع، أما زيارة الرئيس التركي في حد ذاتها، فقد غلب عليها الطابع الاقتصادي ولا أفهم سر رفض البعض لها من هذا الجانب.
ما حقيقة قول بعض الكتاب والمؤرخين بأن الحقبة العثمانية كانت دموية ، وأن الوجود العثماني في الجزائر كان احتلالا؟
هناك جدل بين المفكرين حول القضية، ومرده سؤال آخر وهو من اين نقرأ الذاكرة التاريخية للجزائر؟، وهنا معظم من يقول بأن الدولة العثمانية استعمرت الجزائر، هي الطبقة الفرنكوفونية التي تقرأ التاريخ من خلال المؤشر الفرنسي الذي أقول بأنه لم ينصف الوجود العثماني ولا الإسلامي في الجزائر وكان يركز على مصطلحات من قبيل القراصنة و قطّاع الطرق ، أما مؤرخون آخرون، وهم كثر ومنهم شيخ المؤرخين الجزائريين، أبو القاسم سعد الله، فلديهم طرح آخر للقضية وهو قائم على مراجع عثمانية لتلك الفترة بحيث استعانوا بوثائق البايلك وبيت المال، وهي مادة تاريخية خام درست ولا تزال من قبل مؤرخين ومختصين في التاريخ العثماني بالجزائر والذي لا يزال في مرحلة التصحيح.
كيف تقيّم العلاقات بين الجزائر وتركيا بعد الاستقلال؟ وما هي الفترة التي شهدت توهجا وزخما أكبر؟
فترة التوهج الحقيقية للعلاقات الجزائرية - التركية هي الفترة التي نعيشها اليوم، بحيث كانت هناك قبل سنوات الثمانينيات قطيعة بين البلدين وحتى بين تركيا وبقية العالم الإسلامي بسبب التوجه التغريبي والعلماني للبلد، آنذاك، بحيث ان سبب القطيعة يرجع الى تصويت تركيا ضد استقلال الجزائر ما جعل العلاقات بعد الاستقلال باردة بين البلدين، حتى اعتذار الأخيرة عن هذا الموقف بداية الثمانينيات، لتسير بعدها العلاقات في الاتجاه الصحيح، قبل ان تتوهج بعد تولي الرئيس أردوغان رئاسة الحكومة ثم البلاد وهو الذي عاد للميراث العثماني وقوى العلاقات مع العالم الإسلامي.
ما هي الأسباب الكامنة وراء عودة العلاقات التاريخية بين الجزائر وتركيا على الواجهة مؤخرا؟
السبب الرئيس لعودة العلاقات التاريخية بين البلدين إلى الواجهة هو حقيقة الدراما التركية التي دخلت بقوة إلى بيوت الجزائريين وحياتهم اليومية، حيث عرفت تركيا كيف تسوّق منتوجها السينمائي والدرامي إلى العالم العربي، ما جعل الجزائريين يستعيدون الذاكرة المشتركة مع الأتراك والتي امتدت لثلاثة قرون وهي مدة طويلة، خلفت وراءها بصمات تركية في الدم والعرق واللباس والمعمار والأسماء التي لا تزال تحتفظ بها حواضر المدن الكبرى في الجزائر، هذه الذاكرة قدّمت دفعة قوية لخدمة مصالح البلدين الاقتصادية والثقافية أين لاحظ الجميع كيف تحولت تركيا الى الوجهة الخارجية الأولى للسياح الجزائريين، وتخطت فرنسا بشكل كبير، علما بأن السياحة كمفهوم هي نوع من الذاكرة المنسية التي تحاول الظهور من جديد، دون إغفال الجانب اللغوي الذي أثر كذلك بالإيجاب على العلاقات بين الدولتين والشعبين.
سجلت المبادلات الاقتصادية بين الجزائر وتركيا رقما ماليا كبيرا هذه السنة، فهل هناك تعاون ثقافي وأكاديمي بين البلدين بنفس قيمة المبادلات التجارية؟
في هذا الإطار، اتخذت العديد من القرارات والبرامج بين البلدين مؤخرا، وأولها افتتاح أول قسم للغة التركية في الجزائر سنة 2013، فضلا عن المشاريع التركية لترميم قصبة الجزائر وجامع كتشاوة وقصر الباي في وهران وغيرها، ما يؤكد وجود اهتمام مشترك لنفض الغبار عن التاريخ العثماني في بلادنا وإحياء الحضور الثقافي التركي في الجزائر والذي لا يقل أهمية وقيمة عن المبادلات التجارية بين البلدين، أما في الجانب الأكاديمي، فهناك مساع جدية لافتتاح مركز ثقافي حكومي تركي بالجزائر من أجل نشر الثقافة التركية وتعليم اللغة، كما نشير إلى التعاون الوثيق بين الجامعة الجزائرية ونظيرتها التركية من خلال إرسال عدد من الأساتذة الأتراك لتأطير الطلبة الجزائريين والمنح الدراسية المقررة لفائدة الطلبة المتفوقين للدراسة في تركيا.
ما هي الآليات التي تراها ضرورية للوصول إلى مفهوم الشراكة الأكاديمية والثقافية بين البلدين، حتى لا تكتفي الجزائر بدور المتلقي؟ لابد من اغتنام السلطات الجزائرية لهذا الزخم الكبير والصداقة القوية مع تركيا من أجل التعريف بالموروث الثقافي الجزائري، والترويج كذلك للوجهة السياحية الجزائرية التي تبقى مجهولة لدى الأتراك مثل نظرائهم في أوروبا.
في سنة 2013 تم افتتاح أول قسم للغة التركية في الجزائر، كيف تقيّمون هذه التجربة بعد 5 سنوات من إطلاقها؟ وما مدى إقبال الجزائريين على دراسة هذه اللغة؟
التجربة ناجحة بكل المقاييس، وبلغة الأرقام، افتتح القسم سنة 2013 ب75 طالبا بجامعة الجزائر 2، أما الآن، فوصل العدد إلى 850 طالب يدرس اللغة التركية ووصلنا، بقدرة الله، الى مرحلة الماستر، ونسجل حاليا كثرة الطلب كذلك من طرف الطلبة على أقسام تعليم اللغات المكثفة في جامعة الجزائر 2، وكذلك تم افتتاح قسم للغة التركية في جامعة قسنطينة، كل هذا يدل على الإقبال الكبير للجزائريين على تعلم هذه اللغة التي باتت مطلوبة بقوة في سوق الشغل بالجزائر.
ما هي الامتيازات والأولويات التي يمكن ان يحظى بها الحاصلون على شهادات في اللغة التركية بالنسبة لسوق العمل بالجزائر؟
هناك المئات من الشركات التركية المستقرة في الجزائر التي تطلب خدمات دارسي هذه اللغة في الجزائر، ولاحظنا من خلال احتكاكنا بالطلبة ان معظمهم يشتغل ويزاول دراسته في الجامعة، أضف إلى ذلك الآفاق الواعدة لهذه اللغة حيث أن هناك إمكانية لفتح مكاتب ترجمة خاصة باللغة التركية في بلادنا بسبب كثرة الطلب عليها في سوق الشغل، ومشروع حكومي لإدراج اللغة الروسية والتركية في الثانويات بفعل الطلب الكبير عليهما في بلادنا، كل هذه آفاق واعدة يمكن للشباب الاستفادة منها.
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)