يؤكد رئيس قسم الأدب العربي بجامعة الجزائر1، الأستاذ رشيد كوراد، في هذا الحوار تدني المستوى العام للتعليم، الذي يرجعه إلى طبيعة المنظومة التربوية التي جعلت الأجيال الحالية لا تتقن أية لغة من اللغات التي يتم تدريسها، حتى لغتها الأم.
حاورته: سارة بوناب
تكشف تقارير بعض المختصين في قطاع التربية والتعليم، المتعلقة بنتائج الفصل الأول من السنة الدراسية الجارية، عن تدني مستوى التلاميذ في اللغة العربية. ما تعليقكم على ذلك؟
المستوى العام للتعليم ككل تراجع، وذلك لأسباب ذات صلة بطبيعة المنظومة التربوية والنظام الدراسي المعتمد، الذي يراعي الكم على حساب الكيف، والذي يعكس كذلك النظرية التعليمية، فمثلا في الطور الابتدائي يلقن التلميذ الدروس دون أن يستفيد خصوصا بعدما قاموا بعكس ما كان معمول به سابقا، حيث كان التلميذ في الطور الابتدائي يتعلم الحروف أولا ثم ينتقل إلى الكلمة ليصل في الأخير إلى الجملة، أما اليوم فإن ما يطبق في المؤسسات التربوية هو طريقة “بافلوف"، حيث يلقن ويحفظ التلميذ الدرس دون استيعاب، وهذا ما يولد تراكما للدروس يترتب عنه إجهاد وإنهاك قوى التلميذ العقلية، يجعله ينفر من المدرسة.
ضف إلى ذلك الظروف الاجتماعية التي يعيشها المجتمع، وأقصد بذلك أن العائلات لم تعد تهتم بمتابعة أبنائها في المدارس إلا في بعض الحالات الشاذة، أي صحيح أن هناك تفطنا من قبل العائلات لكن ذلك لا يمكن أن نعتبره ظاهرة عامة، إلى جانب وجود مسألة أخرى تتعلق بدور المجتمع في هذه العملية، وفي مجتمعنا هناك تحولات رهيبة في التركيبة خصوصا في ظل طغيان الجانب المادي، فحتى في المؤسسات التربوية أصبح هناك ترويج للدروس الخصوصية التي لم يسلم منها حتى الطور الابتدائي، وهذه ظاهرة خطيرة جدا ولا يستهان بها، لأنها تعكس عدم الاهتمام بالتلميذ في القسم وهذا ما يحيلنا على الظروف الاقتصادية والإمكانيات المادية لتعليم الطفل.
أين يكمن الخلل في رأيكم في منهجية التدريس المعتمدة، مثلا؟
ما أريد أن أشير إليه، هو أن حتى طلبة الجامعات لم يعد لديهم اهتمام بالتحصيل العلمي، همهم الوحيد هو الحصول على الشهادة والبحث عن فرص عمل، هناك الكثير من المسائل التي يجب أن يعاد النظر فيها، نحن نحاول أن نقدم حلولا للمشاكل المطروحة حسب تصوراتنا.
لم يعد تدني مستوى التلاميذ اليوم يشمل اللغات الأجنبية، فحسب، بل هناك إشارات قوية عن وجود مشكلة حتى في اللغة العربية، هل هذا يجعلها مؤهلة لتعيش الأزمة التي تعرفها اللغة الفرنسية في مدارسنا؟
الخلل لا يكمن في اللغة العربية في حد ذاتها، لأن اللغة هي أداة تواصل، وإنما في المنظومة التربوية وهذا ما ينعكس على القدرة في التحكم في اللغات بشكل عام، وخير دليل على ذلك أن الطالب في طور ليسانس لا يستطيع أن يكتب فقرة باللغة الأجنبية سواء بالفرنسية أو الإنجليزية، وهذا جزء من كل، لابد أن نطرح سؤالا: لماذا الأجيال السابقة كانت تحسن كل اللغات حتى اللغات التي لم تكن منتشرة كثيرا على غرار اللغة الروسية؟ عكس الأجيال الحالية التي لا تتقن ولا لغة من اللغات، وبالتالي لابد من إعادة دراسة المنظومة التربوية وما يحيط بها من ظروف، ضف إلى ذلك البرامج الدراسية، الكتب المدرسية والظروف الاجتماعية، وهذا ما يدفعني إلى التأكيد على أن الأزمة ليست في اللغات بل في أسلوب تلقينها.
ماهي الحلول التي تقترحونها لتجاوز هذه الأزمة؟
لابد من إعادة النظر في الكثير من الأمور وأعتقد أنه على وزير التربية الحالي مراجعة الوضع، البرامج الدراسية، المنهجية التربوية المعتمدة في المدارس، حتى الحجم الساعي، لأن كثافة البرامج في النظام الدراسي الحالي تجعل التلميذ عاجزا عن الاستيعاب، خاصة أن هذا الوضع يولد له النفور من المدرسة، وهو ما يترتب عنه بروز ظواهر أخرى تعيشها المدرسة الجزائرية على غرار التسرب.
![if gt IE 6]
![endif]
Tweet
المفضلة
إرسال إلى صديق
المشاهدات: 4
إقرأ أيضا:
* التلميذ الجزائري لا يتقن أية لغة
* نوار العربي ل “الجزائر نيوز": طول الفصل الأول وكثافة الدروس وراء تدني مستوى التلاميذ
* مراح جمال مفجّر ملفات فساد يروي ل “الجزائر نيوز" قصصا عن التبليغ في الجزائر
* زروال، علي كافي والجميلات الثلاثة يرفضون المساهمة في تدوين تاريخ الجزائر؟
* a href="/on-the-cover/122-on-the-cover/4877362-.html" title="المجاهد والوزير الأسبق لمين بشيشي في “المجاهد": ضيعنا أرشيف الإذاعة السرية بسبب الحروب الشخصية بعد 62 "المجاهد والوزير الأسبق لمين بشيشي في “المجاهد": ضيعنا أرشيف الإذاعة السرية بسبب الحروب الشخصية بعد 62
التعليقات (0)
إظهار/إخفاء التعليقات
إظهار/إخفاء صندوق مربع التعليقات
أضف تعليق
الإسم
البريد الإلكتروني
-
تعليقكـم
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
تاريخ الإضافة : 17/12/2012
مضاف من طرف : presse-algerie
صاحب المقال : التعليق تصغير تكبير
المصدر : www.djazairnews.info