الجزائر

رئيس تحرير قناة تي في 5 موند سليمان زغيدور في حوار لـ"الفجر" لا يوجد في فرنسا تيار ضد المسلمين بل هناك مزايدات إعلامية



رئيس تحرير قناة  تي في 5 موند سليمان زغيدور في حوار لـ
تطرق الكاتب والإعلامي سليمان زغيدور في حوار لـ"الفجر"، على هامش تقديمه لكتابه الجديد بمكتبة العالم الثالث في العاصمة، إلى الحديث عن هذا المؤلف الذي جاء تتويجا لسلسلة مؤلفات أخرى تعلقت معظمها بالجزائر وتاريخها. سليمان زغيدور الذي عمل مراسلا صحفيا لعديد القنوات الأجنبية من مناطق مختلفة من العالم، والذي يشغل حاليا منصب رئيس تحرير قناة (تي في 5 موند) عرج في تناوله على مواضيع متنوعة ذات صلة بالتاريخ الجزائري، مقدما عبرها صورا عن معاناة الشعب الجزائري الذي سلبت منه حريته وهويته. بداية حدثنا عن مؤلف "الجزائر بالألوان"؟ الجزائر بالألوان هي إعادة تجميع الذاكرة المشتركة لمختلف فئات الشعب الجزائري حول الحياة، النضال، المعاناة والحرمان. ويروي الكتاب في طياته أحداث فترة مهمة من تاريخ هذا الشعب والجزائر بصفة عامة، بدءا من اندلاع الثورة التحريرية في نوفمبر 1954 إلى غاية الاستقلال سنة 1962، مدعوما بالصور والشهادات التي تبرهن على الحرمان والفقر المدقع الذي كان يعاني منه الناس جراء التهجير، النفي والتشريد، فجاء هذا العمل أولا لتصوير مختلف هذه الحالات التي حدثت إبان الثورة التحريرية، والتي تدل بشكل أو بآخر على وحشية المستعمر الفرنسي والسياسة الخبيثة المنتهجة من طرفه بتهجيره للناس بشتى الطرق، وثانيا بهدف استرجاع الذاكرة التي سلبت منا فيما مضى. كتاب يعنى بالوصف أكثر من سرد الوقائع التاريخية وكتابتها، ماذا أردت منه بالتحديد؟ كنت أريد أن أرى من جديد البيئة التي نشأت وترعرعت فيها، حيث ولدت سنة قبل الحرب، أي سنة 1953، في قرية صغيرة بمنطقة بأعالي جبال البابور بولاية سطيف، ولما اندلعت الحرب تصرف معنا الجيش الفرنسي مثلما تصرف مع مليونين ونصف مليون جزائري عبر كامل أرجاء الوطن، حيث قام بأخذ كل القرى الصغيرة وجمع سكانها في مخيمات أعدت خصيصا للمهجرين. وحسبما أتذكر كبرت ودرست في مخيم "مرج ازراڤن" التي تعرف اليوم بـ"إراڤان"، وأثناء الحرب عشت داخل المخيم رفقة 6500 شخص مهجر، وأشير فقط إلى أنه في نفس الوقت كانت السلطات الفرنسية تقوم ببناء سد، لكن مع بداية الاستقلال وبعد أن اكتمل بناؤه فقدت كل المنطقة التي كانت مسقط رأسي وكأني ولدت يتيما في البيئة التي كبرت فيها، فلم تبق لدي ولا صورة واحدة أو رسم من المدرسة التي درست بها، أوالبيت الذي عشت فيه أو السوق التي كان أبي يشتغل فيها، وبالتالي لما حانت فرصة عودتي إلى البلد لم أرى سوى سدا جميلا مترامي الأطراف في أحضان الطبيعة الخضراء المكسوة جبالها بأشجار الأرز النادر الوجود في العالم، بالإضافة إلى أشجار الصفصاف والبلوط، غير أن ما تحت السد المائي حضارة بلد بأكمله وتاريخ شعب عريق تم طمسه. هل تعتقد أن فكرة العمل كانت بهدف تجميع ما خربته فرنسا من تراث وثقافة وهوية بمنطقتك؟ قبل كتابة هذا المؤلف حاولت دائما البحث عن إيجاد طريقة أعود بواسطتها إلى استعادة ذاكرتي وذاكرة شعب المنطقة بصفة خاصة، والجزائر بشكل عام، باستجلاء تلك الفترة وأحداثها وكذا ذكرياتها الجميلة والقاتمة في آن واحد، والتي تمكن الاستعمار من طمسها ومحوها عن آخرها، لذا أعتقد أنه السبب الذي دفعني سنوات التسعينيات إلى كتابة عدة مقالات في مجلة فرنسية موسومة بـ"جيو" تمنيت من خلالها أن يظهر يوما ما قارئ معين، سواء جندي أو مهندس عمل بذلك السد، أن يبعث لي ببعض الصور الأخيرة عن منطقتي قبل اكتمال أشغاله، ففي البداية وددت الحصول على صور الطفولة هناك، وهو ما تحقق حيت أرسلت لي مجموعة كبيرة من الصور. بالمقابل وفي الطرف الآخر كان مؤرخ فرنسي اسمه كيمنار يحاول جمع صور الجنود الفرنسيين السابقين الذين شاركوا في الثورة في مختلف مناطق الجزائر انطلاقا من الأوراس إلى بلاد القبائل والعاصمة، وبالتالي حدث تعاون بيننا أردنا خلاله إبراز جانب معين له بعد إنساني أكثر منه تأريخي أو تاريخي من هذه الحرب، والمتعلق بالشعب البسيط الفقير، وكذا الأطفال في القرى والمدن على حد السواء، دون تسليط الضوء على أمور الحرب والمعارك والاشتباكات بين المجاهدين والجيش الفرنسي بين فترتي 54 و62.  على ذكر طمس الهوية الجزائرية من طرف المستعمر الفرنسي إبان سنوات الاحتلال، يلوح في الأفق مجددا وفي كل مرة  الحديث عن الهوية الأصلية للفرنسيين، إلى متى تظل أوروبا وفرنسا تخاف من هذا الخطر المحدق بهما، لاسيما في ظل تزايد نسبة المسلمين والجالية المغاربية؟ حسب اعتقادي فإن جميع بلدان العالم تعاني أزمة هوية، ففي روسيا هذه الدولة العظمى تمكنت من تنظيم مساهمة تحت إشراف الرئيس السابق "بوليس يلدسن" لكل المفكرين والأدباء الروس من أجل إعطاء نظرية جديدة يراد منها تقييم الهوية الروسية وما معناها، في ظل تنامي الصراعات العرقية والدينية، فكانت بشكل علني ورسمي دعا على أثره إلى تقييم وتعريف الهوية الروسية، والأمر سيان بالنسبة للبلدان العربية التي تعاني أزمة هوية عويصة جدا، على غرار ما يحدث في مصر بين الأقباط والمسلمين، في لبنان ين المسيحيين والدروز والشيعة، في الشمال الإفريقي بين العرب والأمازيغ، وبالتالي كخلاصة لهذا فمختلف دول العالم العصرية ليست بمنأى عن هذه الإشكالية التي تظهر في كل مرة، لكن لماذا فرنسا بالتحديد وأقول في هذا الإطار إنها لا تبقى في مناعة عن هذه الأزمة الدولية ولا تخصها وحدها. نفهم من كلامك أنها لا تشكل عائقا في التواصل بين فئات الشعب داخل هذه البلدان مهما اختلفت أفكار هؤلاء؟ الهوية بطبيعة الحال لا تعد مشكلا حقيقيا، فيشارك في تبلورها السياسي والإيديولوجي، وكذا الأفكار الحزبية والمزايدات، إلى جانب حاملي أفكار أخرى تتبناها جهات مختلفة، لذا ليست مشكلة وجدانية بقدر ما هي عامل إيديولوجي بشكل عام يسعى إلى خلق التعصب وزرع العنف والفتنة بين السكان الأصليين والأقليات المسلمة أو المسيحية وغيرها من القاطنة بأي دولة من الدول، لأن هدفها الوحيد هو إثارة الفتنة بين الشعوب وبين الأديان.  من خلال تجربتك الإعلامية بفرنسا وبالضبط في قناة (تيفي 5 موند) كيف ترى نظرة الفرنسيين إلى العرب وبالأخص الجزائريين على المستوى الثقافي، الديني والتاريخي؟ ليست هناك نظرة فرنسية بالمفهوم والمعنى الضيق وحده مسلطة حول العرب أوالجزائريين، بل يوجد المجتمع الفرنسي الذي له عدة مواقف وآراء يومية مع ما يسمى المسلمين، فليس هناك معسكر في فرنسا اسمه المسلمون، فهذه أفكار مسبقة يمينية تقدم وهما أو فكرة غير موجودة في أرض الواقع، ولا توجد كتلة منظمة ومجندة تسمى المسلمين، فهو مفهوم خاطئ يقصد من ورائه تشويه صورتهم الحقيقية، فعلى سبيل المثال تنتشر بين المسلمين الجزائريين والتوانسة والمغاربة نزعات قومية تستطيع أن تقول عنها إنها بين العرب والبربر، بالإضافة إلى مثال آخر عن الأتراك الذين لا يريدون الصلاة في مساجد المغاربة أوالأفارقة، وبالتالي تنعدم مثل هذه الأفكار المروجة لوجود معسكر فرنسي من جانب ومعسكر مسلمين موازي له، كله عبارة عن مزايدات في الصحف ووسائل الإعلام لا أساس لها من الصحة. بالمقابل، وهي الحقيقة السائدة، فيه تيار عنصري يمثل أقصى اليمين المتطرف، حيث أقر بوجود جزء صغير فقط من الأفكار المسبقة عند المسلمين والفرنسيين الرافضة للاندماج أخلاقيا وسياسيا في مجتمع متعدد الجنسيات نتيجة الفترة الإستعمارية، وهي نسبة تمثل الأقلية لا الأغلبية التي تعبر عن اندماج تام خاصة الجيل الأول والثاني، وأغلبها من الشباب الحالي الذي لا يشاطر تصورات وأفكار أجداده، لأنهم نموا وكبروا مع المسلمين، والدليل الآن هو التعايش الحاصل الذي يحدث بينهم منذ زمن طويل، وبالتأكيد سيتخلص الجيل القادم من مجمل هذه الاعتقادات الخاطئة المغلطة له. ما هو موقف الدين من هذه الأفكار الخاطئة المغلطة لعقول الناس وبالأخص عقول الشباب؟ الدين، ومهما كانت صفته، له بعد كوني لا يعرف الحدود الدولية، فالدين المسيحي لا يهم الفرنسيين وحدهم أو الأوربيين فحسب، فهو مفتوح لكل الناس بغض النظر عن أصولهم العرقية والأثينية أو انتماءاتهم الدينية، كالدين الإسلامي الحنيف هو دين كوني وعالمي كذلك وعلى نفس المستوى مفتوح لناس العالم أجمع دون تفرقة أو تمييز، فالمسيحية والإسلام هما الديانتان الوحيدتان اللتان تشتغلان على تبشير كل البشرية، ولهذا السبب يكون هناك في بعض الأحيان اصطدام أو تنافس بينهما، لأنهما يعتبران الإنسانية بمثابة عائلة واحدة يجب أن تعتنق أفكارها وتوجهاتها وتعمل بمبادئها. بعد هذا العمل "الجزائر بالألوان"، هل لديك بعض المشاريع الكتابية الأخرى؟ بالطبع هناك مشاريع لكن مجمل ما أخطط لكتابته وإنجازه لايزال مجرد أفكار لم تتبلور بعد، تدور معظمها عن الجزائر وتاريخها وكذا علاقاتها مع فرنسا كباقي أعمالي السابقة، ولا أتطرق فيها إلى شخصيات تاريخية أو سياسية بعينها وإنما أتناول جوانب التاريخ الجزائري مع فرنسا في الماضي والعصر الحالي.  حاوره: حسان مرابط


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)