الجزائر

رئيس المجمع الجزائري لخبراء البناء والمهندسين المعماريين ل السياسي



رئيس المجمع الجزائري لخبراء البناء والمهندسين المعماريين ل السياسي
أعادت حادثة انهيار عمارة حديثة البناء ببلدية العاشور بالعاصمة فتح جراح قطاع البناء و التعمير في الجزائر، و منه كان ل السياسي حوار مطول مع رئيس المجمع الجزائري لخبراء البناء والمهندسين المعماريين عبد الحميد بوداود، للتفصيل في الحادثة التي هزت الرأي العام و التي اعتبرها محدثنا فشلا جديدا يضاف الى سلسلة فضائح المرقيين العقاريين في الجزائر،ما خلف حسب إحصائيات هيئته 1.2 مليون بناية غير شرعية في الجزائر من أصل 7 ملايين وحدة سكنية في كامل أرجاء الوطن، و خاض بوداود كذلك في مسألة تسوية وضعية البنايات الفوضوية و ظاهرة استمرار ارتفاع أسعار العقار رغم ركود سوقه بفعل الأزمة المالية، إضافة إلى مواضيع أخرى تهم القطاع . أعادت حادثة انهيار عمارة حديثة البناء ببلدية العاشور بالعاصمة فتح الجدل حول مشاكل قطاع التعمير في الجزائر،كخبير في المجال ما تحليلك للفيديو الذي شاهده ملايين الجزائريين ؟أسباب الحادثة واضحة تماما ، و هي صورة عاكسة لغياب الرقابة و الصرامة و التدبير في انجاز المشاريع السكنية في الجزائر،حيث أنه رغم أن تحقيق وزارة السكن و العمران أكد ان المصالح المعنية بعثت بإنذار لصاحب المشروع قبل انهيار البناية ، الا انها لم تتدخل ميدانيا لتوقيفه ما يعني أن أساس المشكل هو غياب صرامة الإدارة الجزائرية في مثل هذه الملفات، أما من الجانب التقني فأظن أن اسباب سقوط العمارة بذلك الشكل هو أشغال الحفر تحتها من جهة و غياب حاجز للتربة المعروفة بأنها غير صالحة للبناء في منطقة واد الرمان بالعاشور، حيث كان يتعين على صاحب المشروع او المقاول او مكتب الدراسات انجاز حائط اسمنتي لتثبيت التربة بالتقنيات المعمول بها عالميا ، أما الحديث عن غياب رخصة البناء لا يهم بقدر ما يخزي في النفس أن رئيس الورشة أعطى الضوء الأخضر للبناء رغم عدم توفر المعايير و الشروط الأساسية . إذن نفهم من تحليلك للحادثة أن غياب الرقابة على المشاريع السكنية وعلى تطبيق القوانين المنظمة للقطاع هي السبب الأول لهذه الفضيحة العمرانية؟ طبعا ، فكما قلت من قبل فان بلادنا تفتقر لثقافة بناء ، كما أن المصالح البلدية لا تمتلك خرائط جيولوجية للمنطقة و إلا ما كانت لتسمح بالبناء على ضفاف الأودية و في المناطق الفلاحية ذات التربة غير الصالحة للبناء،كما أن القانون في حالة بناية العاشور لا يطبق بصرامة ، ضف إلى ذلك غياب التقنية و الحرفية في البناء بالجزائر ، حيث أن القطاع لا زال يسير بمنشآت و مواد أكل عليها الدهر و شرب ، و هو نفس الشيئ مع خطط العمل و و الإنجاز و حتى التصميمات العمرانية. أصابع الإتهام في هذه الحادثة توجهت كذلك إلى المرقين العقارين، حيث اتهمهم بعض الخبراء بعدم احترام القواعد الخاصة بالبناء، و ترجيح كفة الربح السريع على كفة الحفاظ على ارواح السكان والحفاظ على الضمير المهني، ما رأيك في هذا الكلام ؟ أعتبر المرقين العقاريين ثاني المسؤولين عن كوارث التعمير في الجزائر، بعد الإدارة ، فحقيقة هناك بعض أشباه المرقين يرهنون سلامة المواطنين مقابل دراهم معدودة و ذلك رغم أن حيازة الإعتماد لممارسة هذا النوع الحساس من النشاطات مرتبط بقانون 12/84 الذي يقضي بإنشاء لجنة مشتركة من مختلف القطاعات لمنح الإعتماد، و بعضهم لا يعرض حتى مخططات البناء على ذوي الاختصاص المتواجدين بمكاتب الدراسات، وعلى رأسهم المهندسون المعماريون، و يكتفي بتعليمات المقاول أو البناء. برأيك ، ما هي المعايير الواجب توفرها في تشييد البنايات حتى لا تتكرر حادثة العاشور في الجزائر مرة أخرى، و منع تهديد حياة وسلامة الجزائريين ؟ المعايير الاساسية للبناء موجودة في مختلف القوانين الجزائرية كما أن التقنيات المعمول بها عالميا في التشييد معروفة لدى مهنيي القطاع في الجزائر،حيث أن مكاتب الدراسات و المهندسين المعماريين يستعملونها في الموافقة على مخططات البناء و هي التي تقي البناية من آثار الزلازل و الفيضانات و أي أخطار أخرى متوقعة ، لكن المشكل يبقى أن المكلفين بالإنجاز لا يحترمون المخططات الموضوعة و يعتمدون على الحسابات التجارية على حساب أرواح الناس،و من جهة أخرى هنالك القانون 29/90 و الذي يقول إن رئيس البلدية أو الوالي مكلف بزيارة ورشات انجاز البنايات و طلب مخططات العمل و التحقق منا ، لكن هذا الأمر لا يحترم تماما . أكيد أن عمارة العاشور هي الشجرة التي تغطي الغابة و مثلها كثير في الجزائر، هل تملك هيئتكم احصائيات دقيقة حول البنايات الغير شرعية أو الغير مطابقة للمعايير المعمول بها في المجال ؟ احصائياتنا تشير إلى أن مليون و 200ألف وحدة سكنية في الجزائر غير شرعية تنتظر تسوية وضعية العقار المبنية عليه قانونيا، أو لا يمتلك أصحابها رخصة البناء أو حتى تلك التي لم يحترم أصحابها القواعد المحددة في رخصة البناء ، لكن هذه الأرقام تبقى نسبية و نعتبر من خلال خلايانا المتوزعة محليا أن العدد أكبر من ذلك ، لكن لا يمكننا الجزم في ظل غياب احصائيات في الجماعات المحلية فالبلدية لا تعرف من يبني و تجهل حتى مساحتها و عدد المباني و السكان المتوزعين بها . فالحظيرة السكنية انتقلت من حوالي 2 مليون سنة 1966 إلى 7 ملايين وحدة سكنية خلال 2014 و من بينها 1.2 مليون غير شرعية، و بالتالي مهددة بكل شيئ من زلازل و فيضانات و سقوط مثل عمارة العاشور. تتواصل حاليا عملية معالجة ملفات تسوية وضعية البنايات الفوضوية وتسهيل منح رخص البناء للمواطنين في إطار القانون 15-08 المتعلق بقواعد مطابقة البنايات وإتمام إنجازها لدى المصالح المعنية، وذلك بعد انتهاء آجال عملية إيداع الملفات في أوت 2016، ما تقييمكم للعملية و مدى احترام الآجال القانونية ؟ إلى غاية الآن عملية التسوية تسير ببطئ كبير و الدليل هو أن السلطات العمومية لم تتدخل لحد الآن من أجل تنفيذ تهديداتها بهدم البنايات غير المكتملة ، و نحن كمهندسين رصدنا تهاونا كبيرا و تباطئا في هذه العملية و لذلك نطالب بضرورة تعيين مدير تقني في كل بلديات القطر الوطني لتغطية تقصير و عدم خبرة الإدارات في مثل هذه الملفات، حيث أن الإدارة فشلت مجددا في احتواء المشاكل العمرانية في الجزائر، لذلك فعليها لزاما ترك المجال للمعماريين والمهندسين المدنيين و عددهم 12 ألف مهندس معماري موزعين بمعدل 08 مهندسين عبر كل بلدية لحل هذه القضية ،كما أن القانون واضح في هذا الشطر أين يشير أن المواطن الذي لا يتلقى إجابة على ملفه في ظرف أقصاه 3 اشهر بعد تاريخ طرحه يستفيد من التسوية آليا. هكذا يمكن القضاء على أزمة السكن في الجزائر كيف تفسرون ظاهرة استمرار ارتفاع أسعار العقار رغم ركود سوقه بفعل الأزمة المالية واتجاه الجزائريين نحو البرامج السكنية التي أقرتها الدولة من عدل و ال بي بي وحتى عمليات الترحيل الأخيرة؟ لا يمكن تفسير الظاهرة إلا بالحديث عن أزمة السكن حيث أنه لم قامت 1541 بلدية على المستوى بعملية إحصاء دقيق لكل مستفيد أو طالب سكن لتم القضاء على أزمة السكن برمتها، وأشير أيضا إلى السكنات الشاغرة والمغلقة منذ سنوات، هذه الأخيرة اقترحنا تمكين أصحابها من كرائها مع إعفاء ضريبي لمدة 3 سنوات وهو ما من شأنه خفض أسعار الكراء الخيالية من جهة والحد من أزمة السكن من جهة أخرى، فأسعار العقار في الجزائر خيالية مقارنة مع القدرة الشرائية للمواطنين ومعدل الأجور التي يتقاضونها، لأن العمران والمدينة في الجزائر قطاع مريض ، حيث أن بعض المستفيدين من سكنات اجتماعية لم يستغلوها مقابل كرائها وهذا يعد عدم انضباط من المواطنين. في ظل عدم التزام الجزائريين بقواعد السلامة و الامن في انشاء بناياتهم ، هل يمكن الحديث عن مراعاة الجانب الجمالي و الشكل المعماري للمساكن ؟ للأسف عقلية الفرد الجزائري فيما يخص البناء والشكل المعماري والهندسي لمسكنه غير قابلة للتطور ، حيث أن الجزائريين لا يمتلكون ثقافة المواطنة والعمران على الإطلاق، أين تجد أغلبية المنازل من الداخل أشبه إلى أن تكون قصورا وبجميع المستلزمات، ولكن الشكل الخارجي للمسكن لا يمت بصلة ولا علاقة له بالشكل الداخلي، وهذا ما يشوه المنظر العام للمنطقة السكنية، وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على النظرة الخاطئة للمواطن الجزائري للعمران والبناء بشكل عام.


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)