في فرنسا حكاية غريبة ولعنة تلاحق الرؤساء.. من ميتران إلى شيراك إلى ساركوزي.. القضاء يلاحق الرؤساء ويوجه إليهم اتهامات الفساد المالي وتلقي الرشاوى. وفي الكيان الصهيوني من رابين إلى يهود أولمرت إلى نتنياهو إلى كتصاف وحاخامات ووزراء.. فساد يزكم الأنوف. ففي الكيان الصهيوني رئيس الكيان السابق ورئيس الوزراء السابق في السجن جراء فساد مالي كبير.. وفي بريطانيا لن يكون طوني بلير بعيدا عن التهمة وسواه من المسؤولين الذين روجوا للحرب على العراق وليبيا.. كما أن الفساد يأخذ أشكالا أخرى في الولايات المتحدة، حيث تشن الحروب لتشغيل مصانع السلاح والشركات التي يملكها الرؤساء أو من يقف خلف الرؤساء.في هذه الإدارات التي تتباهى بقوانين حقوق الإنسان وبالشفافية والوضوح لا تسير الأمور بالثقة أو حسن النية إنما بالمراقبة الدقيقة والمتابعات والتقصي ووضع أدق الأنظمة المالية التي يصبح تجاوزها من باب المستحيل.. رغم ذلك شهدت اختراقات فادحة وفاضحة من قبل أناس يقعون في الدائرة الأولى من النظام.. الأمر الذي يعني أنه لولا صرامة الأجهزة الرقابية والحسابية لكان الأمر أكثر فداحة.عندما نتذكر هواري بومدين وعبدالناصر والخميني وياسر عرفات وكيف أنهم رغم سلطانهم المتفرد على ما تحت أيديهم تركوا لنا نموذجا يحتذى في النزاهة المالية.. لقد كان عبدالناصر إلى حد كبير ملك مصر، كما كان هواري بومدين المتنفذ بلا حدود في الدولة، وكما كان الخميني على أموال إيران والخمس الذي يجمع من الأتباع. وكان عرفات مسؤول الصرف الوحيد في أموال الثورة الفلسطينية.. فمات الأول ولم يترك لأهله شيئا من المال أكثر من 60 جنيها مصريا. كما أن بومدين مات ولم يترك لزوجته بيتا. أما الخميني فكان بيته بالإيجار ولم يترك شيئا. وياسر عرفات مات ولم يترك لزوجته خيمة تأوي إليها.. ذلك رغم ضعف الأجهزة الرقابية والمحاسبية ورغم عدم وجود أي مانع مادي يحول دون التصرف الحر بالمال العام.هنا مفارقة عجيبة.. بين النموذجين..النموذج الأول يقع في دائرة المشاريع الاستعمارية والنموذج الثاني يقع في دائرة حركات التحرر من الاستعمار.. ونحن إذ نفتخر بالنموذج الثاني في هذا الباب ونجعله قيمة عليا للأجيال إنما نريد أن نوجه النظر إلى أن أولئك الذين دمروا ليبيا والعراق وفلسطين وبلاد العرب والمسلمين إنما هم محض لصوص أنانيين لا مبدأ لديهم ولا مصلحة حقيقية لبلدانهم تحركهم، إنما هي المصالح الشخصية وركوب الجشع والنهب حتى لو كان ثمن ذلك تدمير بلدان وشعوب وحتى لو كان إغراق بلدانهم في المهالك.. ولكن الغريب أن الفساد في تلك البلدان لا تشم رائحته إلا عندما يخرج الرئيس من الحكم والمسؤولية، الأمر الذي يعني أن الفساد يتم هناك بقوة الحكم.. إنهم فاسدون إلى درجة ارتكاب الجريمة .. تولانا الله برحمته.
-
تعليقكـم
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
تاريخ الإضافة : 06/07/2014
مضاف من طرف : presse-algerie
صاحب المقال : الشروق اليومي
المصدر : www.horizons-dz.com