الجزائر

رأي | محاولة استنساخ "أكتوبر".. من يشتري ربيع دماء الجزائريين؟



رأي | محاولة استنساخ
مرت ذكرى أحداث الخامس أكتوبر1988 وسط تساؤلات مريبة ، سياسيا وإعلاميا ، فقد احتدم النقاش في الداخل و الخارج حول تطابق الأوضاع أو تشابها حتى .. ما بين أكتوبر 88 و أكتوبر 2015.وكان آخر تلك النقاشات المحتدمة ما تناولته قناة الجزيرة القطرية، أمس، في برنامجها "الواقع العربي" الذي كان موضوع ومحور نقاشه هذا التساؤل الخطير: "ما مدى قدرة الجزائر على تجنب "أكتوبر" آخر كالذي قاد البلاد إلى ما عرف ب "العشرية السوداء" في ظل تشابه الأسباب والمؤشرات مع الأوضاع الراهنة؟"تساؤلات حملت في طياتها الكثير من الدلالات والمعاني غير البريئة . هل تعيد الأوضاع الاقتصادية والسياسية الراهنة استنساخ أحداث أكتوبر في الجزائر؟صحيح أن الحالة اقتصادية التي تمر بها الجزائر مثار قلق على الصعيد الرسمي والشعبي ، صحيح أن العلاقة بين السلطة والمعارضة تعرف توترا انعكس على الحياة السياسية ومسارها بشكل واضح ، صحيح أن الأخطار المحدقة بالجزائر رهان للسلطة وتحدي كبير للجزائريين من الطرفين ، سياسيا و أمنيا وسط تراجع قوي لأسعار النفط ، هذه الثروة التي تشكل المصدر الرئيسي للمداخيل المالية، لكن الصحيح أيضا أن استنساخ الأحداث مستبعد جدا ، ذلك أن الجزائريين خبروا الحروب والفتن والمواجهات والإرهاب و المطاردات والحواجز المزيفة والمجازر الجماعية والهجرة والمآسي ، الجزائريون خبروا تشييع الضحايا من الأصدقاء والأقارب والأهل والأبناء والآباء كل يوم ، الجزائريون خبروا الخوف والقتل المتحرك ، الجزائريون خبروا معاني الفوضى وقانون الموت .الجزائريون خبروا أيضا التبعية لصندوق النقد الدولي الذي استغل حالة الحرب المفتوحة التي طالت كل شيء خلال التسعينيات ، فتقرر حل المؤسسات وتسريح العمال والخصم من رواتب من تبقى منهم. أما اليوم لا أحد في الجزائر مستعد للتخلي عن حالة الاستقرار الأمني و الاجتماعي لصالح باعة الخطابات من رجال السياسة الذين يتمتعون بكافة الامتيازات والحماية و ربما الأرصدة المالية في الخارج أيضا ، لا أحد من الجزائريين مستعد للتنازل عن حقه في تعليم أبنائه وفي الحفاظ على منصب شغله لصالح طبقة سياسية مهترئة تتحمل هي الأخرى مسؤولية ما تعيب وتعيّر به السلطة اليوم .الجزائريون يدركون أن الكثير من الوجوه التي تقاسمت المكاسب والمغانم مع السلطة قبل سنوات ، هي نفسها التي تخطب ود ربيع عربي ، قلب طاولة الأمن والاستقرار في جل البلدان العربية ، بل جاء بديكتاتوريات أشد بطشا ممن أطاحت بهم ثورات الجياع . فمن يشتري ربيع الدماء ؟




سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)