الجزائر

رأي حار صناعة الكسل



رأي حار صناعة الكسل
الأزمة تلد الهمة والحاجة أم الإختراع حيث تنشط العقول للبحث عن الحلول اللازمة للمسائل المطروحة وقد لفت نظري مؤخرا معالجة البرتغال للأزمة الإقتصادية التي ألمت بها وجعلتها تتخذ إجراءات استعجالية للخروج منها.
ومن بين الإجراءات التي اتخذتها حكومة البرتغال اضافة ساعة عمل في الأسبوع وزيادة سنة لسن التقاعد الذي رفعته من 65 سنة إلى 66 سنة.
ان اضافة ساعة عمل في الأسبوع لكل عامل يؤدي إلى زيادة الإنتاج ورفع الدخل الوطني فإذا فرضنا أن هناك مليون عامل فها يعني اضافة مليون ساعة عمل في الأسبوع الواحد وإذا حسبناها ماليا فإن توفير اورو في الساعة يجعل الدولة تضيف إلى رصيدها المالي مليون أورو في الشهر وهكذا تتم صناعة الثروة وتحقيق الازدهار الإقتصادي.
لقد عادت بي الذاكرة للمقارنة بتصرف الحكومة البرتغالية ازاء الأزمة الإقتصادية وتصرف الحكومة الجزائرية في تسعينيات القرن الماضي والتي تخلصت من القطاع العام وسرحت نصف مليون عامل وفككت النسيج الإقتصادي وبدل اضافة ساعة العمل لزيادة الإنتاج قلصت ساعات العمل من 48 ساعة في الأسبوع الى 40 ساعة أي بالغاء 8 ساعات عمل اسبوعيا وهنا نجد انفسنا امام الخسارة وليس الربح كما هو الشأن في البرتغال وبنفس العملية الحسابية السابقة نجد ان وجود مليون عامل جزائري يؤدي إلى ضياع 8 ملايين ساعة عمل في الأسبوع أي خسارة 8 ملايين أورو مقارنة بالبرتغال.
ولم تكتف الجزائر بتقليص ساعات العمل الأسبوعي بل قلصت أيام العمل من ستة أيام إلى خمسة أيام وفيما يتعلق بالاحالة على التقاعد حددت مدة العمل ب 32 سنة بعض النظر عن السن وسن التقاعد المسبق الكل من بلغ 50 سنة من العمر وكان شغلها الشاغل هو التخلص من العمال بأي طريقة وقد حاولت حكومة اويحيى تصحيح هذا الوضع الشاذ لكنها لم تراع الوضع القائم فاقترحت الغتاء التقاعد المسبق ورفع سن التقاعد إلى 65 سنة مما يؤدي من النقيض إلى النقيض كما يقال مما جعل اقتراحها يلقى معارضة كبيرة من العمال والنقابات وادى إلى نزيف في القوى العاملة فقد أسرع الكثير من العمال الذين بلغوا سن الخمسين إلى طلب الاحالة على التقاعد.
ولا يتوقف ابداع المسيرين عندنا لعالم الشغل فهم يملكون الكثير من الخيال لنشر ثقافة الكسل ومن ابرز ابتكاراتهم مناصب الشغل المؤقتة ومناصب ما قبل التشغيل فقد صرح لي كاتب عام في احدى البلديات أن كل الشبان المستفيدين من البرنامج يطلبون منصب حارس (عساس) ويرفضون مناصب العمل الأخرى فالحراس عندنا يجلسون أمام الأبواب وبجانبهم القهوة وفي ايدياهم جريدة الصباح هذا بالنسبة للرجال من شبان الجزائر أما شابات الجزائر فحدث ولا حرج الملاحظة الأولى أن نسبة الإناث المستفيدات من برامج التشغيل المؤقت أكبر من نسبة الذكور بكثير وتفوق 80 بالمائة وقد فرضت على المؤسسات التعليمية نسبة كبيرة منهن وتخيلوا وجود 12 فتاة جامعية في مكتب مدير مدرسة ابتدائية لا يقمن بأي عمل باستثناء الجلوس في المكتب الذي يضيق بهن والكلام في الهاتف النقال وفي احيان كثيرة يرفضن العمل وقد وجدت مستشارا في متوسطة يحرر استدعاءات لأولياء التلاميذ المتغيبين عن الدراسة وكان عددهم كبيرا في الأيام الأخيرة وقلت له لماذا لا تطلب من الفتيات الجامعيات مساعدتك فقال لي انهن يرفضن العمل مهما كان نوعه
والمشكلة أو الطامة الكبرى أن هناك معلومات بتثبيت هؤلاء العمال المؤقتين الذين لا يعملون خاصة في قطاع التعليم
اننا في حاجة ماسة إلى مراجعة سياسة العمل ابتداء من أيام العمل الأسبوعي وربط الأجر بالعمل وتحسين ظروف العمل وتقدير الكفاءة وليس الشهادة الدراسية رغم أنها ضرورية لكنها لا تكفي لوحدها خاصة مع تدني المستوى التعليمي في بلادنا
لقد حضرتني نكتة اختم بها مفادها أن رجلا غنيا له ولد وحيد كان يشفق عليه ولا يريده أن يتعب رغم حب الولد للعمل والنشاط ولم يستطع اقناعه بالميل إلى الكسل فاستعان بشخص خبير في صناعة الكسل والكسالى وتعاقد معه ليعلم ابنه الكسل فأصبح جليسا لذلك الشاب الذي كلما أراد القيام بعمل يقول له اجلس أنا أنجزه لك وذات يوم كانا في البستان معا كالعادة فرأى الشاب حبة تين أعجبته فطلب من الرجل أن يقطفها له ففعل ووضعها له في يده لكنه طلب منه أن يضعها له في فمه وهنا اسرع الرجل إلى الأب المشفق على ولده من العمل وقال له تعال لقد تعلم ولدك الكسل


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)