الجزائر - A la une

رأي حار إلى موعد مع قبيلة أخرى



رأي حار إلى موعد مع قبيلة أخرى
"سنضرب سوريا تحقيقا لمصالحنا القومية العليا " قالها أوباما بصراحة كاملة تغنينا عن استجلاب احتياطي خبرائنا الاستراتيجيين فكم هي كثيرة الألسنة التي تحلل و تبرر و كم هي نادرة العقول التي تفكر و تدبر ، صدع هؤلاء "الخبراء" رؤوسنا بتحاليل تغرق في الجزئيات و التفاصيل متجاهلين المشهد العام المخيف برمته و هو أن عاصمة بني أمية تحترق و ستزداد احتراقا و لن يسع نافورات بيوت الشام التاريخية اطفاء اللهيب بمائها العذب القليل و لن يتفتح في روضاتها و جنانها زهر و لا ياسمين فالدماء المنهمرة الآن و التي ستزداد هطولا إبان العدوان المحتمل ستروي الأرض لتنبت مزيدا من أشواك التخابر و التآمر و الكراهية العرقية و التكفير الطائفي أما الديمقراطية و حقوق الانسان و تداول السلطة و سيادة القانون فعليهم و على شامة الدنيا السلام .عشر سنوات مضت على اهداء الغرب للشعب العراقي باقات ورود التحضر و التطور الملفوفة في رؤوس الصواريخ البالستية و القنابل العنقودية بإمضاء جميل من محبي السلام الكارهين لأسلحة الدمار و قد أعادوا بناء الانسان العراقي بعد أن هدوا قواعد دولته بالكامل و أبادوا جميع مؤسساته فلا جيش و لا مخابرات و لا شرطة و لا قضاء و لا سيادة في اتخاذ القرار و كانت ثمار مجهوداتهم التعميرية الجبارة أن ظهر لنا شعب ممسوخ الملامح مطموس الهوية يقتل بعضه بعضا على ثارات تاريخية استعملت فيها العمامات البيضاء و السوداء على حد سواء كمنجل لحصد حضارة خط فصولها حمورابي بتفصيلاتها القانونية قبل أن يوجد شي ء اسمه غرب بآلاف السنين .
صحيح أن الآخرين حققوا انجازاتهم من ضجيجنا الفارغ و أوهام هتافاتنا و عنترياتنا التي ما قتلت فأرا و التاريخ القريب يشهد أن مقابرنا لا تسع إلا أشلاءنا و أسوار قلاعنا لا تحتفي إلا بتعليق رؤوسنا و لكن هل يعقل أننا أمة ستبقى دائما وفية لموعد مع الاختيار الخطأ و لا ترتدي إلا السواد من الثياب إما بتصميم أحد أبنائها وجد نفسه صاحب قرارها مصادفة أو وراثة فأودت بها سياساته الحمقاء و الخرقاء إلى واد سحيق من الاحتراب و الاضراب فنضطر إلى سلوك خيار ثان غير معبد للتخلص من الجحيم الأول و هو الارتهان و الامتهان تحت أقدام الأمريكان و باسم حقوق الانسان (التي تفنن بنو جلدتنا في انتهاكها) لا يبقى لنا عرض و لا أرض و لا أوطان ، ألا يوجد رجل رشيد وسط مهرجانات الانتحار و حفلات الدم المستعرة يعيد القطار العربي إلى سكة الصواب و يفكر خارج الحدود الرسمية للكراهية فيضع لنا خارطة طريق تعيد للمواطن العربي الحق في الأمل بوطن تشرق فيه شمس الحرية و الكرامة بلا تدخل خارجي يرفع سقف مصالحه و مطالبه كلما تعمقت فرقتنا و يكتسب "شرعية" العدوان من ارهاب بعضنا لبعض و ارتفاع صوت أكلة البشر من كل الاتجاهات .
" أدعو على ابني و ألعن من يقول آمين " يا ليت ذاكرة السوريين تذكرت هذا القول العربي المأثور الذي يقوي من رابطة الدم و يسمو بها على أي رابطة أخرى مهما كانت قوة الخلافات و الصراعات لكن للأسف يبدو أن الغرب هو من دعا و هو من أمن وهو من دق طبول الحرب و أعد البوارج و المدمرات أما نحن فنتشرف بدور المفعول به الممنوح لنا من الغرب الفاعل و لنبكي كالنساء على دولة عربية لم نحافظ عليها كالرجال و إلى موعد مع قبيلة أخرى و عاصمة جديدة تسقط على المباشر في الذكرى المئوية لاحتفالية سيسبيكو الكبرى .


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)